رئيس التحرير
عصام كامل

الإدارية: عدم جواز حرمان الطلاب المعاقبين تأديبيا من التسجيل بالماجستير

مجلس الدولة
مجلس الدولة

قضت المحكمة الإدارية العليا الدائرة السادسة "موضوع"، بعدم جواز الحرمان المطلق من التسجيل لنيل درجة الماجستير في شأن المعاقبين بعقوبات تأديبية.


واعتبرت المحكمة أن الحرمان المطلق من حق التعليم محظور دستوريًا، باعتباره أبهى صور التمييز بين المواطنين، والإخلال بمبدأي المساواة وتكافؤ الفرص بينهم، كما أن هذه العقوبة ليست من العقوبات التي حددتها اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات.

وقالت المحكمة في حيثيات حكمها في الطعن رقم 21221 لسنة 57 قضائية عُليا إن المادة (19) من دستور جمهورية مصر العربية الصادر عام 2014، تنص على أن: "التعليم حق لكل مواطن، هدفه بناء الشخصية المصرية، والحفاظ على الهوية الوطنية، وتأصيل المنهج العلمي في التفكير، وتنمية المواهب وتشجيع الأفكار، وترسيخ القيم الحضارية والروحية، وإرساء مفاهيم المواطنة والتسامح وعدم التمييز، وتلتزم الدولة بمراعاة أهدافه في مناهج التعليم ووسائله، وتوفيره وفقًا لمعايير الجودة العالمية".

ونصت المادة (23) منه على أن: "تكفل الدولة حرية البحث العلمي وتشجيع مؤسساته باعتباره وسيلة لتحقيق السيادة الوطنية، وبناء اقتصاد المعرفة، وترعى الباحثين والمخترعين، وتُخصص له نسبة من الإنفاق الحكومي، لا تقل عن (1%) من الناتج القومي الإجمالي، تتصاعد تدريجيًا حتى تتفق مع المعدلات العالمية.

وتابعت المحكمة أن نص المادة (53) من ذات الدستور تنص على أن: "المواطنون لدى القانون سواء وهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة لا تمييز بينهم بسبب الدين، أو العقيدة، أو الجنس، أو الأصل، أو العرق، أو اللون، أو اللغة، أو الإعاقة، أو المستوى الاجتماعي، أو الانتماء السياسي، أو الجغرافي، أو لأي سبب آخر"، كما تنص المادة (180) من قانون تنظيم الجامعات رقم 49 لسنة 1972 على أن: "يخضع الطلاب للنظام التأديبي، وتبين اللائحة التنفيذية هذا النظام وتحدد العقوبات التأديبية".

وأوضحت أن المادة (126) من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات رقم 49 لسنة 1972 سالف الذكر، والصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 809 لسنة 1975 على أن: "العقوبات التأديبية هي: التنبيه شفاهة أو كتابة الإنذار، والحرمان من بعض الخدمات الطلابية، أو حرمان من حضور دروس أحد المقررات لمدة لا تجاوز شهرًا، الفصل من الكلية لمدة لا تجاوز شهرًا أو الحرمان من الامتحان في مقرر أو أكثر، ووقف قيد الطالب لدرجة الماجستير أو الدكتوراه لمدة لا تجاوز شهرين أو لمدة فصل دراسي، أو إلغاء امتحان الطالب في مقرر أو أكثر، أو الفصل من الكلية لمدة لا تجاوز فصلًا دراسيًا، أو الحرمان من الامتحان في فصل دراسي واحد أو أكثر، أو حرمان الطالب من القيد للماجستير أو الدكتوراه مدة فصل دراسي أو أكثر، أو الفصل من الكلية لمدة تزيد على فصل دراسي وأخيرا الفصل النهائي من الجامعة، ويبلغ قرار الفصل إلى الجامعات الأخرى ويترتب عليه عدم صلاحية الطالب للقيد أو التقدم إلى الامتحانات في جامعات جمهورية مصر العربية، وتحفظ القرارات الصادرة بالعقوبات التأديبية عدا التنبيه الشفوي في ملف الطالب، ولمجلس الجامعة أن يعيد النظر في القرار الصادر بالفصل النهائي، بعد مضي ثلاث سنوات على الأقل من تاريخ صدور القرار".

وتابعت المحكمة: "إن قضاء المحكمة الدستورية العليا قد جرى على أن كفالة حق التعليم للأفراد ومناهضة التمييز في مجال التعليم أسس تبنتها المواثيق الدولية، فالإعلان العالمي لحقوق الإنسان يؤكد في ديباجته أن الحقوق المنصوص عليها فيه مرجعها إيمان شعوب الأمم المتحدة بالحقوق الأساسية للإنسان، وبقيمة كل فرد وكرامته، وضرورة أن يعامل مع غيره وفقا لمقاييس تتكافأ مضموناتها، فلا يضطر مع غيابها إلى مقاومة القهر والطغيان، وإنما يكون ضمانها كافلا لمعايير أفضل لحياة تزدهر مقوماتها في إطار حرية أعمق وأبعد، وكان من بين هذه الحقوق تلك المنصوص عليها في المادة 26 من ذلك الإعلان في شأن التعليم".

وجاء في حكمها صريحا في أن لكل إنسان حقا فيه؛ ويجب أن يقدم مجانا على الأقل في مرحلتيه الابتدائية والأساسية، ويكون التعليم الابتدائي إلزاميا؛ فإذا كان التعليم فنيا أو مهنيا، وجب أن يكون متاحا بوجه عام، ولا يُتاح التعليم العالي إلا على أساس من الجدارة والاستحقاق؛ وللآباء حق أولى A prior right في اختيار نوع بذاته من التعليم لأبنائهم، وتؤكد المادة 13 من العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية أن التعليم حق ينبغي أن يكون موجها نحو التطوير الكامل للشخصية الإنسانية، معززًا الاحترام لحقوق الإنسان وحرياته الأساسية، مقترنا بضمان حق الناس جميعا في مجال الإسهام الفعال في بناء مجتمعاتهم الحرة؛ ومؤديا لتعميق الفهم والتسامح بين الأمم ودعم صداقتها، كذلك يبين من الاتفاقية التي أقرها المؤتمر العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والشئون العلمية والثقافية في 14 ديسمبر 1960، في شأن مناهضة التمييز في مجال التعليم، أن هذا التمييز؛ يمثل انتهاكا للحقوق التي نص عليها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان؛ وإن منظمة اليونسكو؛ تؤكد أن احترامها للتنوع في النظم التعليمية الوطنية؛ لا يجوز أن يخل بالتزامها ليس بتحريم أشكال التمييز في نطاق التعليم على اختلافها فحسب، بل كذلك بالعمل على إرساء التكافؤ في الفرص والمعاملة المتساوية على صعيد التعليم؛ ليكون حقا مكفولا لكل إنسان، ذلك أن أشكال التمييز- على تباينها- تكتنفها مخاطر بعيدة آثارها، وكان لازما بالتالي أن يتناولها تنظيم دولي؛ يكون مُنْهيًِا لصورها غير المبررة، وهو ما نصت عليه الفقرة الأولى من المادة الأولى من الاتفاقية الآنف بيانها؛ ذلك أن التمييز وفقا لحكمها يعنى كل تفرق تستند إلى لون الأشخاص أو جنسهم أو لغتهم أو عقائدهم أو آرائهم؛ أو أصلهم الوطني أو الاجتماعي أو "حالتهم الاقتصادية ذلك فإن صور التمييز التي تناقض مبدأ المساواة أمام القانون؛ وإن تعذر حصرها؛ إلا أن قوامها كل تفرقة أو تقييد أو تفضيل أو استبعاد؛ ينال بصورة تحكمية من الحقوق والحريات التي كفلها الدستور أو القانون؛ وذلك سواء بإنكار أصل وجودها؛ أو من خلال تقييد آثارها بما يحول دون مباشرتها على قدم من المساواة الكاملة بين المؤهلين قانونًا للانتفاع بها، وأن الحق في التعليم فحواه أن يكون لمن يطلبونه الحق في ضمان قدر منه يتلاءم مع مواهبهم وقُدراتهم، وأن يكون الالتحاق بالمعاهد التعليمية وفق الشروط الموضوعية المُحددة للقبول بها، ووجوب اشتماله على حق الانتفاع بمرافقها وخدماتها بقدر اتصالها بالعملية التعليمية في ذاتها (في هذا المعني حكم المحكمة الدستورية العليا في القضية).
الجريدة الرسمية