رئيس التحرير
عصام كامل

إحسان عبد القدوس يكتب: مجتمع الناجحين

فيتو
18 حجم الخط

في مجلة "آخر ساعة" نوفمبر عام 1969 كتب إحسان عبد القدوس مقالا قال فيه:

"منذ وعيت وجدت نفسي في مجتمع يضم الناجحين.. مجتمع هو أرض غنية تلقى فيه الجذور فتطرح ناجحين، وقلت إن هذا المجتمع عودنى على أن انظر إلى النجاح كأنه طبيعة إنسانية وليس معجزة، وهو ما حرمنى من متعة الانبهار بالنجاح أو وضع الناجحين في مرتبة خاصة من إحساسى".


وتابع: "كانت مجلة روزاليوسف تصدر من حجرتين في بدروم عمارة يملكها الشاعر أحمد شوقى في حارة جلال المتفرعة من شارع عماد الدين، وكنت قد اجتزت الخامسة من عمرى وكنت أذهب لألعب في بقايا سيارة قديمة مركونة في الحارة، بينما كان أحمد شوقى يجتمع مع عدد من الناجحين أمام بدروم روز اليوسف".

وأضاف "عبد القدوس": "كان يظهر أحيانا شاب طويل وسيم يأتى من باب الحارة في خطى سريعة ويلقى تحية عابرة ثم ينزل إلى مكتبه في البدروم واحيانا يخرج ويركب دراجة وهو يحمل أوراقا ويختفى بها وقد يعود ثانية أو لا يعود.. هذه هي أول مرة وعيتها للأستاذ محمد التابعى.

وواصل في مقاله: "بسرعة عجيبة تغيرت الأمور وانتقلت روز اليوسف من بدروم حارة جلال إلى مكتب فخم في عمارة على ميدان التحرير، ولم يعد التابعى يركب الدراجة يحمل أوراق المجلة بل أصبح له مركز مرموق في المجتمع يسكن في فيلا فخمة على النيل، إلى أن قرأت له وأنا في العاشرة من عمرى بعد أن كان يشدنى إلى القراءة روايات آرسين لوبين واللص الشريف التي كانت تعرضها مجلة روز اليوسف".

وتابع: "عندما حاولت القراءة للتابعي وجدته يشدني بسهولة لم أتصورها في الوقت الذي كنت فيه أحس حين أقرأ لآخرين أني أقرأ أوراق البردي، أخذنى التابعى لكنى لم أكن أقرأ له اهتمامًا بالسياسة التي يكتبها ولكن لقوة أسلوبه والنغم المريح السهل الذي يكتب به وهو ما دفعنى إلى إدمان قراءة الصحف والمجلات باحثا عن نفس قوة الجذب لكن قبل أن يكتمل وعيي حتى أستطيع استيعابه كاملا هاجر التابعي من مجتمعنا في روز اليوسف، ترك روز اليوسف وخرج يقيم لنفسه مجتمعًا خاصًا به يسميه ( آخر ساعة ).

واختتم "عبد القدوس مقاله قائلا: "رغم أنه وصل إلى أعلى ما يمكن أن يصل إليه رئيس تحرير وهو مشاركة صاحب الجريدة (أمى السيدة روز اليوسف ) بمعدل 50% من الأرباح إلا أنه كانت هناك عناصر تغريه بأن تكون الأرباح له كلها وأن يتمتع بشخصية مستقلة لا يشاركه فيها أحد.. ولم يكن خروجه سهلا.. لكن في النهاية كان إصداره مجلة آخر ساعة إضافة جديدة لنجاحه".
الجريدة الرسمية