رئيس التحرير
عصام كامل

«فيتو» تتفقد «آثار العائلة المقدسة» بالقاهرة

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

«فيتو» زارت أبرز معالم «الرحلة المقدسة» في القاهرة لتتبين حالها في الوقت الجاري، والمناطق التي تحتاج إلى تطوير استعدادا لبدء مرحلة جديدة من السياحة الدينية.


تضم رحلة العائلة المقدسة في مصر 25 محطة تبدأ ببداية المسار من الفرما إلى تل بسطة حتى مسطرد، ويستكمل المسار ليصل إلى سخا منها إلى وادي النطرون، محررة «فيتو» زارت 3 محطات من رحلة العائلة بالقاهرة هي «المطرية ومُسطرد والمعادي » فبكل محطة منهما تركت «العذراء مريم» والمسيح «عيسى عليه السلام» أثرا خلفهما، يمثل مزارا سياحيا مهما في رحلة العائلة، بعض تلك المحطات تُركت لأيادي الإهمال تعبث بها وتحتاج إلى تطوير شامل.

البداية كانت من «المطرية» حيث تقبع كنيسة العذراء وشجرة مريم، وبمجرد أن تطأ قدماك بالقرب من الكنيسة، تجد تدابير وحراسة أمنية بداخلها وخارجها، وتقام الصلاة بها في تمام الساعة الثامنة مساء.

استقبلنا مدير الأمن بالكنيسة «رفض ذكر اسمه»، وذكر أن أهميتها تعود إلى أن العائلة المقدسة استراحت تحت شجرة سميت باسمها حتى الآن وهي شجرة «مريم » أثناء قدومهم من وادي النطرون، ثم اتبع المسيح عيسى عليه السلام عين ماء وشرب منه وباركه، ثم غسلت فيه السيدة العذراء ملابس المسيح وصبت الماء على الأرض فنبت في تلك البقعة نبات عطري ذو رائحة جميلة هو المعروف بنبات البلسم أو البلسان، ولهذا أقيمت تلك الكنيسة لحفظ بئر المياه ذلك الأثر التاريخي.

وأوضح أن منطقة المطرية تحتاج إلى تطوير كي تكون مزارا سياحيا، مشيرا إلى أن الكنيسة بحد ذاتها لا تحتاج إلى تطوير كبير لأنها أثرية، فلا يمكن تطويرها بشكل كبير حتى لا تفقد أهميتها الأثرية، لكن منطقة المطرية مليئة بالعشوائيات لهذا يجب كي تكون جاهزة لاستقبال السائحين، بجانب خطة تأمين مرورية جيدة.

انطلقت محررة «فيتو» إلى كنيسة القديسة العذراء مريم بمنطقة «مسطرد» التي سميت (المُحمة)، وتشير إلى مكان «الاستحمام»، وسميت كذلك لأن العذراء مريم أَحمت السيد المسيح هناك وغسلت ملابسه، وهناك نبع مياه ما زال موجودا حتى الآن.
«تراب - مياه الصرف الصحي تغطي الأرض وتعوق الحركة- مقهى صغير في المقدمة» مشاهد مختلفة لعدم الاهتمام بالكنيسة، بل تظن للوهلة الأولى أنها مهجورة، لكنها تتلقى زيارات من بين الحين والآخر من أجل زيارة بئر السيدة مريم، ويتم حراستها بواسطة عدة أفراد من الأمن.

«العائلة المقدسة قدمت من سيناء إلى الشرقية ومنها إلى مسطرد ثم المطرية ومنها للمعادي لتنتقل بعدها لمصر القديمة ومنها للصعيد، كنيسة مسطرد تعتبر مقر ذهاب وعودة للعائلة المقدسة، لأنها كانت مغارة في البداية أقاموا بها أثناء قدومهم من الشرقية، وعند عودتهم من أسيوط مكثوا عدة أيام، ومن هنا تحولت المغارة إلى كنيسة».. هكذا بدأ «أ- ح» أحد العاملين بالكنيسة كلامه، مضيفا أن الكنيسة كانت مغارة من تربة فرعونية في بادئ الأمر ولم يكن هناك مأوى للعائلة ويضم بئر مياه، وعندما أقامت به حلت البركة في المكان، فبدأ مواطنون يتوافدون لزيارته من جميع المحافظات، حتى أصبح مزارا سياحيا، وتم بناء الكنيسة على اسمه لكنه يعاني إهمالا لافتا.

وأشار إلى أن أعمال تطوير بالكنيسة ضئيلة حتى لا تتغير الملامح التاريخية للآثار، كي يتحقق منها الأجيال المتعاقبة، وعلى سبيل المثال هناك جدار مبنى بالكنيسة منذ القرن الـ13 الميلادي، حتى أعمال المحارة مرفوضة كي يتمكن الأجانب أيضا من رؤيتها.
وأكد أن الكنيسة مزار سياحي، وبالتالي واجهته لاب د أن تكون مشرفة، وهو أكثر ما يحتاج لأعمال التطوير كي تكون مكانا ملائما لاستقبال السياحة العالمية.

ومن كنيسة «مسطرد» اتجهت محررة «فيتو» إلى «كنيسة العذراء مريم بالمعادي»، وهناك استقبلنا الأب «كلامندوس» أكبر كاهن بالكنيسة، وروى لنا تاريخه، موضحا أن العذراء مريم جاءت للكنيسة برفقة المسيح عيسى و«سالوني» وهى «الداية» التي ساعدت العذراء في عملية الولادة، مشيرا إلى أنهم مكثوا بداخلها لمدة 3 أيام بعد قدومهم من مصر القديمة، وذهبوا بعدها إلى جبل الطير بسمالوط.

التقط طرف الحديث اللواء «جورج حنا» مدير أمن الكنيسة، الذي أوضح أن المنطقة تحتاج لمرسى سياحي ترسو به سفن لتنظيم رحلة نيلية للمتبقي من مسار العائلة المقدسة، كما يحتاج المكان أيضا إلى دورات مياه وكافيهات، لكن الكنيسة كمنشأة لا يمكن تطويرها لأنها مميزة بالسلم الأثري والقباب التي قد تفقد قيمتها التراثية.

بجانب محطات مسار العائلة المقدسة الموجودة بالقاهرة هناك أماكن أخرى تحتاج إلى تجهيز، وفقا لما ذكره الدكتور عمر زكي وكيل وزارة الآثار، مدير آثار بني سويف، مفوض الحكومة المصرية في معرض الآثار المصرية بولاية فلادلفيا بأمريكا سابقًا، موضحا أن مناطق «سمنود وبهنسا التابعة لمركز بني مزار بالمنيا وجبل الطير بسمالوط»، غير مجهزة لاستقبال السياح، فالطرق غير مجهزة ولا ممهدة وأكوام القمامة تُحاصرها، ولا يوجد وسائل ترفيه، ولا بد من إقامة فنادق سياحية.

وتابع: هناك أماكن في مصر غير معروفة ومهملة من قبل الدولة برغم أهميتها في السياحة الدينية مثل «جبانة المماليك»، وهي نموذج واضح ينبض بملامح الحضارة الإسلامية في أوج مجدها، لكنها تحولت إلى خرابة، فيوجد بها تكية حل «أحمد أبو سيف»، أشهر تكية للصوفيين في القرون الماضية، لكنها تحولت إلى أطلال ولم يتبق منها سوى الاسم وواجهتها التي تهدّم معظمها، فضلًا عن قيام بعض الأهالي بحرق القمامة بجوار جدرانها، مما يعرضها للانهيار لتبقى القمامة والروتين والإهمال الثالوث الذي يرسم صورة شائهة لهذه الكنوز التاريخية.
الجريدة الرسمية