رئيس التحرير
عصام كامل

معاناة متضرري هجوم برلين بسبب جدل شل يد المساعدة الحكومية

فيتو
18 حجم الخط

في أعقاب هجوم الشاحنة الذي وقع في 19 ديسمبر عام 2016 في ميدان برايتشايد بلاتس في برلين، وأسفر عن مقتل 12 شخصًا وإصابة ما يقرب من 100 شخص، عاش المتضررون جسديًا ونفسيًا جراء الحادث أوقاتًا عصيبة لمحاولة معرفة أماكن طلب المساعدة. كما اشتكى أفراد أسر الضحايا من عدم تمكنهم من الحصول على معلومات عن أقاربهم.


وردًا على ذلك،عينت الحكومة الألمانية في مارس 2017، رئيس الوزراء السابق لولاية رايلاند بفالتس كورت بيك مفوضًا خاصًا بضحايا ميدان برايتشايد بلاتس في برلين. وانظم إلى بيك، المفوض الخاص بضحايا مدينة برلين رولاند فيبر لضمان حصول المتضررين على المساعدة، وبدت هذه الخطوة ناجحة.


وقال فيبر لـ DW "بعد أن عينت الحكومة الفيدرالية كورت بيك، تمكن هو وفريقه من الاتصال بالضحايا، وتسجيل العديد منهم وانطباعي أن هناك الكثير من الجهود التي بٌذلت للعثور على جميع الجرحى وإرشادهم إلى الأماكن التي يمكنهم الحصول فيها على أي شكل من المساعدة".


وقال مكتب بيك أنه اعتبارًا من 21 يونيو، كان 119 شخصًا قدموا طلبات للحصول على المساعدة، وتمت الموافقة على 111 منهم. وكان نحو 50 من هذه الطلبات نتيجة لجهود بيك ومساعديه. وتمت الموافقة بالفعل على أكثر من مليون يورو، أي ما يعادل (1.2 مليون دولار) كدعم وتعويض للضحايا.


وتمثل هذه الأرقام تحسنًا مثيرًا عقب الهجوم مباشرة، عندما بدأت قضية غياب تقديم المساعدة الفعالة للمتضررين تأخذ أبعادًا محرجة للحكومة الألمانية.


فواتير المستشفى قبل عيد الميلاد
ووفق جميع الحسابات، ارتكبت سلطات الولاية والمدينة عددًا من الأخطاء في الأيام والأسابيع التي تلت الـ19من ديسمبر2016. وذلك بسب طرد الأسر التي حاولت تحديد ما إن كان أقاربها من بين الضحايا ورفض الكشف عن أي معلومات إلى حين تحديد هوية القتلى.


وقال ستيفان هيرليش، شقيق أحد الضحايا، الذين لقوا مصرعهم في الهجوم، لقناة ARD الألمانية " لم نتلقى في الأيام الثلاثة الأولى أية معلومات بشأن ما حدث ونعلم الآن أن شقيقي كان يرقد في المشرحة نحو الساعة 11:30 مساءًا وأنه تم التعرف عليه من خلال بطاقة هويته".


وعلى النقيض من ذلك، أرسل مستشفى شاريتيه برلين لأفراد عائلة الضحايا فواتير إجراء فحوصات ما بعد الوفاة. وتلقت بعض العائلات الفواتير قبل عيد الميلاد وتهديدهم بتكاليف إضافية في حالة عدم الدفع. وفي الوقت نفسه، طُلب من بعض الأشخاص الذين أصيبوا جسديًا أو نفسيًا في الهجوم بتقديم طلبات إلى صندوق خاص "بالسائقين الغير مؤمن عليهم" للحصول على تعويض ورغم ذلك لم يتم تقديم العلاج أو تعويضهم عن ما حصل لهم.


وأصدر رئيس قسم الطب الشرعي في شاريتيه اعتذارات وألغى الفواتير. ثم بدأ فيبر وبعده بيك بتقديم المساعدة للأشخاص الذين أُصيبوا، واستغرق ذلك وقتًا طويلًاى بعد أن أوقع انيس العمري عددا من الضحايا بهجومه بالشاحنة على السوق.


إصابات طويلة الأمد
وغابت عناوين الحادث عن وسائل الإعلام منذ فترة طويلة، ولكن الهجوم لا يزال يؤثرعلى أولئك الذين كانوا في المكان الخطأ في الوقت الخطأ في ديسمبر العام الماضي. ويقول فيبر إن أربعة من المصابين لا يزالون في المستشفى وتم تشخيص حالاتهم بـ"السيئة".وأضاف نفس المتحدث: " كل المصابين، الذين لا يزالون في المستشفى، ليس هناك بينهم ممن تدعو حالتهم الصحية إلى توقع تحسنها". كما أن آخرين لا يزالون بحاجة إلى العمليات، بما في ذلك عمليات ترقيع الجلد. وقال فيبر إن الضحايا الأجانب للهجوم عادوا جميعهم إلى بلدانهم الأصلية.


يقول مكتب بيك، إنه اجتمع مع امرأة شابة فقدت والديها ومع رجل آخر قُتلت زوجته والذي يضطر الآن لتحمل مسئولية تربية ابنهما لوحده، ورجل آخر سيعيش مع عاهة جسدية بقية حياته.وقال بيك في تقريره الأول عن أنشطته: "آخرون يعانون من إصابات خطيرة من شأنها أن تحد من حياتهم لفترة طويلة أو حتى بشكل دائم".


ويطلق فيبرعلى هذه الدفعة من المساعدات لقب "الموجة الثانية" التي جاءت "متأخرة أكثر من أي وقت مضى". بيد أن الموجة الثانية من المساعدة لن تسمح للحكومة الالمانية بأن تجعل هجوم الـ19 من ديسمبر أن يمر مرور الكرام. وسيشعر الضحايا بالآثار على مدى السنوات القادمة، وليس هناك ما يضمن عدم وقوع هجوم إرهابي مماثل في المستقبل. لذلك من المهم لألمانيا أن تتعلم دروسًا من الماضي ومن بلدان أخرى.


إعانة المتضررين
وأشاد المواطنون الألمان الذين أصيبوا في هجمات إرهابية في بلدان أخرى، مثل إطلاق النار والتفجيرات في باريس في الـ13 نوفمبرعام 2015، بالرعاية التي تلقوها من الحكومات الأجنبية. ويقول فيبر إن ألمانيا يجب أن تنظر إلى نماذج البلدان الأخرى، بما في ذلك مكتب تنسيق مركزي لضحايا الهجمات الإرهابية. وأضاف فيبر"لقد درست هذا باتخاذ الفرنسيين والأميركيين كمرجع ومثال يقتدى به وهي خطوة جيدة جدًا".


ومما يبعث على الدهشة أن بيك وفيبر متطوعان، غير أنهما متطوعان ملتزمان بتنفيذ مهمتهما على أحسن وجه. فيبر،على سبيل المثال، يجيب على هاتفه بعد بضع رنات فقط، رغم أنه حاليًا في وقت قضاء عطلته الصيفية. ويعتقد أن قانون تعويضات الضحايا في ألمانيا يحتاج إلى إعادة صياغة، وينبغي أن تكون استجابة البلد في مثل هذه الحوادث أكثر مهنية.


"الوضع الحالي غير كاف، إذا حدث شيء ما مرة أخرى"، كما يقول فيبر. ويضيف:"علينا أن نتعلم من أخطائنا، وهذا ما طالب به العديد من المصابين، ونحن بحاجة إلى بنية اتصالات أفضل، ولا يمكننا تحقيق ذلك في رأيي إلا مع مكتب التنسيق المركزي المخطط، والذي سيوجه الناس".


وقال مكتب كورت بيك أنه يجب على السياسيين "أن يفكروا بجدية" في إنشاء مفوض فيدرالي دائم لضحايا الإرهاب، مضيفًا أن بيك سيقدم اقتراحات ملموسة عندما يقدم تقريره النهائي عن نشاطاته خريف هذا العام.


هذا المحتوى من موقع دوتش فيل اضغط هنا لعرض الموضوع بالكامل

الجريدة الرسمية