رئيس التحرير
عصام كامل

لماذا تحاربون تليفزيون الدولة؟!


الإذاعة المصرية والتليفزيون المصري هما إعلام الدولة الرسمي الذي يقوم بمهمة وطنية، وهو ملك لكل المصريين، وهيئة خدمية غير هادفة للربح، وبالتالي هو ليس في مجال للمنافسة مع أي قناة فضائية خاصة، لماذا إذن يتعرض لهذه الحرب الشرسة من هذه القنوات الفضائية، بل ومن بعض الجهات والمسئولين في الدولة؟!


ماسبيرو اقترض من بنك الاستثمار القومي لإنشاء مدينة الإنتاج الإعلامي والقمر الصناعي النايل سات، حتى يكون لدينا إعلام قوي وصوت مصري مسموع في الخارج، ويكون لدينا قنوات فضائية تنافس الفضائيات العربية وبالتحديد قناة الجزيرة، ولكنهم للأسف تركوا الساحة للجزيرة وتفرغوا لمنافسة بعضهم وهدم ماسبيرو..

خسائر الهيئة الوطنية للإعلام (اتحاد الإذاعة والتليفزيون) ليست فقط الديون المادية لبنك الاستثمار القومي، بسبب المدينة والقمر، ولكن تم تفريغه من كوادره، فأبناء ماسبيرو هم من حملوا القنوات الفضائية على أكتافهم، وهم مازالوا نجومها، ليس فقط من المذيعين ولكن أيضا المخرجين والمعدين والمحررين والمصورين وحتى المونتوريين والفنيين ومديري الإنتاج، ولو قررت قيادات ماسبيرو سحب هؤلاء أو عدم تجديد إجازتهم سوف تنهار هذه القنوات لا محالة.

بالأمس كتبت عن مؤامرة اتحاد كرة القدم على ماسبيرو، ومنذ نشر المقال لم تتوقف ردود الفعل، ووصلتني معلومات مهمة يجب أن تعلمها أجهزة الدولة والقارئ أيضا، منها مثلا أن إذاعة وتليفزيون الدولة لن يتمكنا من إذاعة مباريات البطولة العربية التي تقام على أرض مصر، لا فضائي ولا حتى أرضي، وهذا قرار نهائي لأن الوكالة التي يشارك فيها المسئول الكبير باتحاد كرة القدم اشترت الحقوق الحصرية للبطولة، وسوف تذيعها فقط في القناة التي يعمل بها معظم أعضاء مجلس إدارة الاتحاد، مع العلم أن نفس هذه الوكالة هي الراعية لتليفزيون الدولة، ولكنها راعية للقضاء عليه وليس للنهوض به..

وهناك تفكير جدي في حرمان إعلام الدولة من إذاعة الدوري العام، رغم أنه لا يوجد لدينا كرة قدم أصلا، وتقريبا الجمهور المصري انصرف عنها للدوريات الأوروبية..

من المعلومات المهمة أيضا أن أحد المسئولين في الاتحاد كان السبب في حصول قنوات الجزيرة الرياضية على حقوق البث للبطولات الأفريقية للمنتخب الوطني والفرق المصرية، من خلال شراكته مع نجل مسئول كبير بالاتحاد الأفريقي، هذه المعلومات نضعها أمام الأجهزة الرقابية والأمنية ومؤسسة الرئاسة للتحقق من مدى صحتها، ونتمنى أن تكون غير ذلك لأنه إذا ثبت فعلا صحتها، فهذا معناه أنه فساد بفجور وأكبر وأفظع مما كان يحدث قبل 25 يناير..

ومع ذلك كل هذا لا يشغلني أنا فقط، كل ما يعنيني لماذا تحاربون تليفزيون الدولة وهو غير منافس ولا يهدف للربح؟

البطولات الرياضية كانت الكارت الأخير الذي يتواجد من خلاله على الساحة، وإقصاؤه ومنعه من إذاعة مباريات الدوري العام وسحب شارة البث منه في الأحداث الرياضية والسياسية أيضا هذا معناه إطلاق رصاصة الرحمة على الإعلام الرسمي..

يجب على الدولة دعم ماسبيرو، وألا تشارك في هدمه، فإمكانياته وكوادره لن تعوض، ومشاكله سهلة وحلها أسهل إذا كانت هناك إرادة حقيقية، من خلال تخفيض ساعات الإرسال والاهتمام بالكيف والمضمون على حساب الكم والشكل، مع إعادة توظيف العاملين. 

مصر في مرحلة بناء اقتصادي مهمة جدا، وتحتاج إلى إعلام وطني غير هادف للربح، وماسبيرو هو القادر على القيام بهذه المهمة، ومساعدة الدولة في هذه الظروف، لأنه أيضا يمتلك شبكة قنوات وإذاعات محلية ومراسلين في كل المحافظات، تستطيع القيام بدور مهم في هذه المرحلة الأصعب من تاريخ الوطن، واللهم احفظ مصر.
egypt1967@yahoo.com
الجريدة الرسمية