رئيس التحرير
عصام كامل

فيها حاجة حلوة.. الحاج محمود


بخمسة وعشرين قرشًا فقط بدأ الحاج محمود تجارته، حيث كان يجمع القروش القليلة من عيديته ويشتري بها ألعابا نارية وحلويات ويبيعها في قريته "أبو رقبة" بمحافظة المنوفية ويكسب فيها بضعة قروش بسيطة، ثم يشتري بها بضاعة جديدة يقوم ببيعها مرة أخرى وهكذا.. بدأت الحكاية.


نزل إلى معترك الحياة وهو لم يتجاوز الثانية عشرة من عمره.. إنه الملياردير الذي لم نسمع عنه سوى كلمة واحدة "محمود العربي"..

هل سمعت في حياتك كلمة عنه سوى "محمود العربي"؟ هل قرأت في حياتك نقدًا مسمومًا ضد "محمود العربي" ؟ هل شاهدت في حياتك صورة مذمومة للملياردير محمود العربي.. الإجابة بالإجماع: لا وألف لا.. هذا ملياردير استثنائي.. قد تحسبه من الملائكة. 

عام 64 وهو في سن الرابعة والثلاثين بدأ أولى خطواته نحو الاستقلالية في العمل بتأسيس شركة صغيرة لتجارة الخردوات مع شقيقيه برأس مال لم يتجاوز 4000 جنيه مصري.. كانت هذه هي البداية لصرح عملاق، تشكل فيما بعد ليأخذ اسم "مجموعة شركات ومصانع العربي".

بعد عام واحد فقط من تأسيس الشركة الصغيرة، توسع النشاط التجاري ليشمل تجارة لعب الأطفال والأدوات المدرسية، وأسس الإخوة الثلاثة متجرًا آخر بمساحة أكبر في منطقة الموسكي، وفى عام 1972 توسع النشاط التجاري، مرة أخرى، ليشمل تجارة الأجهزة الكهربائية أما نقطة التحول الحقيقية في مسيرته كانت في عام 1982 وتحديدًا عندما دشن أول مصنع يحمل اسم "العربي" في بنها لتصنيع المراوح الكهربائية من هنا دخل مرحلة جديدة عنوانها التصنيع..

وفي عام 1993 وضع محمود العربي حجر الأساس لمصنع التليفزيونات، ثم تتوالى الإنشاءات نحو التصنيع عامًا بعد عام، ويتمسك محمود العربي بهذا الاتجاه ليتحول مصنع بنها إلى مجمع صناعي ضخم لتصنيع مختلف الأجهزة الكهربائية مصنع الشفاط، ثم مصنع مراوح السقف، ثم مصنع المكواة، ثم مصنع المحركات وبالفعل، حتى أنشأ قلعة صناعية ضخمة تضم أكثر من 10 مصانع على مساحة 36 ألف متر مربع.

وفي عام 1998 أنشئ "العربي"، مصنع الغسالات، ثم بدأت المرحلة الصناعية الثانية في مسيرته بإنشاء مجمع قويسنا الصناعي الذي تبلغ مساحته أكثر من 250 ألف متر مربع كصرح صناعي ثان، ويضم أيضًا أكثر من 10 مصانع، ومع زيادة خطوط الإنتاج الصناعي تتزايد خطوط "العربي" الخيرية من إنشاء مستشفيات ومؤسسات خيرية والتبرع بأجهزة ورعاية اليتامى والأرامل والمساكين وأهم أعماله الخيرية هي إنشاء المصانع وفتح فرص عمل وأبواب رزق لأكثر من 20 ألف أسرة..

كان الأسهل للحاج محمود العربي أن يعمل مثل غيره في السمسرة أو الاستيراد والاكتفاء بالتوكيلات الأجنبية ولكن لأنه رجل وطني بامتياز فقد اختار الطريق الصعب الذي يسهم في بناء الدول ويحقق الرفاهية للشعوب وهو التصنيع والإنتاج..

الحاج "محمود العربي" حصل على جوائز دولية كثيرة، ولكن أهم جائزة وتكريم هو حب ودعوات المصريين، والتي سوف تنير له ظلمة القبر وتشفع له يوم القيامة.. ورغم أنني لم ألتقيه ولا مرة في حياتي، ولكنني كمواطن مصري أفتخر به وأقدمه كنموذج وطني محترم وقدوة طيبة لشبابنا حتى يعلموا أن مصر بخير، وسوف تظل كذلك لأن فيها كثيرين أمثال الحاج "محمود العربي" يعملون في صمت ويحملون الوطن على أكتافهم ولن يعرف طريقهم إعلام الإثارة أو دراما البلطجة والدعارة، سوف يبقى الحاج "محمود العربي" رمزًا من رموز الاقتصاد وتبقى رحلة كفاحه وعصاميته قدوة للأجيال وتأكيدًا لقيمة العمل والاجتهاد باعتبارهما الطريق الوحيد لتحقيق النجاح.. اللهم احفظ مصر.
Egypt1967@yahoo.com
الجريدة الرسمية