رئيس التحرير
عصام كامل

..ورقص الحاكم بأمر المرشد على أنغام قتل الثوار


دقات الساعة تشير إلي الثانية ظهر يوم الأربعاء الخامس من ديسمبر الحالى، شباب يفترشون أرض الشوارع المحيطة بقصر الاتحادية، ذلك القصر الذي بات عنوان الحكم فى مصر، وعنوان المعارضة بعد الخامس والعشرين من يناير.

أحدهم كان يناقش زميله.. ترى هل يلغى الحاكم بأمر المرشد الذى انتخبناه ما نعانى منه؟ هل يصدق فى قوله لنا أيام إن كان غيبا فى حملة انتخابية يجاهد من أجل أن تنجح في تنصيبه أميرا للبلاد؟ رد زميله: ما ضاع حق وراءه مطالب وها نحن نسهم في بناء مستقبلنا.. لن نعود إلى ما كان عليه آبائنا وأجدادنا.. يكفينا من ماتوا دون الحرية ومن ماتوا وفى قلوبهم مرض الحصار، لن نكون كما كانوا ولن نسمح لغيرنا بأن يحكمنا بما يهوي أو تريد جماعته.

وقبل أن يبتلع الزمان ساعة من نقاش حيوى طازج بطعم الشباب، كانت الحلبة  تتوسع لتصبح جمهرة من خيرة أبناء مصر، هذا مهندس إلكترونيات، وهذا صيدلى جاء لدعم العيادات الميدانية وذاك مدرس حصل على أجازة من عمله إيمانا منه بأن ما يفعله من أجل مصر يوازى عمله فى الفصل الدراسى إن لم يكن أفضل، وذاك طالب فى الجامعة تعهد أمام أهله ألا يعود قبل تأمين مستقبل مصر وجيله وأجيال أخرى بعده.. فى هذا التوقيت وقبيل أن تعلن دقات ساعة جماعة الظلام عن الثالثة كانت قوات المسلمين يقودها عدد من قادة السلفية والإخوانجية قد ألقت بخيولها وإبلها وسيوفها ورماحها على مقربة من مداخل ومخارج قصر الاتحادية.

المتجمعون أمام القصر وفى شارع الميرغني وفى الشوارع الجانبية كانوا يظنون قبيل لحظة الهجوم أنهم مواطنون مصريون، مسلمون ومسيحيون يقدمون صورة حضارية لحق الاعتراض. لم يدر بخلد أي منهم أنه مجرد كافر يتعاطى التفاح الأحمر، والتفاح الأحمر كما تعلمون قد اتضح لعلماء جماعة الشيطان من لحم الخنزير، ومن يرى غير ذلك فإنه لم يتتلمذ علي يد العلامة الكبير محمد بن بديع رضى الله عنه وأرضاه ولم ينل من سماحة وجه كبير الزاهدين وحجة الدين خيرت بن الشاطر والملقب قبيل خلعه من الانتخابات الرئاسية بنبى العصر موسى.

ظل كفار الليبرالية واليساريون المارقون والوفديون الخوارج وكل من انتمى كفرا إلى مصر الحرة يتناقشون أمام قصر الرئيس، بينما كانت ميمنة المسلمين تحيطهم من اليمين وميسرتهم بقيادة واحد من قادتهم العسكريين الذين لا يخافون فى الحق لومة لائم تحيطهم من اليسار، وفى ذات الوقت كانت القوات الرئيسية للمجاهدين تنتظر صفير البوق أو إطلاق إشارة البدء.

ولأن المجاهدين جاءوا من كل حدب وصوب لنصرة الشريعة ونصرة الحاكم بأمر المرشد محمد بن مرسى الذى يواجه الطغاة وحده بلا مدد أو عدد، فإن شوقهم لملاقاة أعداء الله قد طال قبل أن يبدأ النفير العام.

المشهد فى الثالثة عصرا كان عبارة عن فريقين: مسلمون وكفار، وتستطيع أن تتعرف علي الجانبين بأن فريقا منهم حليق اللحى مهندم فى لباسه وهؤلاء بالطبع هم الكفار كما كنا نراهم دوما فى السينما، حيث يبدو الكافر في ثياب نظيفة وجديدة بينما يبدو المسلم فى السينما دائما ذو ملابس رثة، طليق اللحي، أغبر الوجه.. هكذا كان المشهد أمام قصر الحاكم بأمر المرشد.

كانت خطة المسلمين القادمين من الأقاليم المحيطة بالقاهرة قد وضعت بليل فى أحد الفنادق الفاخرة  بالقاهرة، وضعها كبيرهم الذى علمهم السحر، تقتضى الخطة أن يقوم المسلمون المرابطون فى الميمنة والميسرة بمباغتة كفار الخيام دون أن يعرضوا عليهم الإسلام قبل الهجوم، فإن أبوا فلتكن الجزية، فإن أبوا فهى الحرب إذن، خطة الشاطر، الماهر، القوى، الأمين كانت تقتضى مباغتة الكفار دون هوادة  ودون إتباع ما يجب إتباعه من عرض الإسلام وغيره.

وبرغم أن المسلمين الأوائل كانوا دوما يرددون: لا تقتلوا طفلا ولا شيخا ولا امرأة، لا تحرقوا زرعا ولا بيتا، إلا أن عشيرة مرسى رددوا: لا تفرقوا بين طفل وشيخ ولا امرأة وزرع، اقتلوا واصلبوا واحرقوا واعتدوا علي النساء.. مالهم ودمهم وعرضهم وشرفهم حلال، حلال، حلال.

اخلوا خيام الكفار عنوة وساقوهم عنوة، ضربوهم وسحلوهم، احرقوا متاعهم، وصادروا طعامهم وضبطوا لديهم أمام الملأ وأمام الكاميرات جبنة نستو، وقد ثبت للعامة والخاصة أن الليبراليين يجيزون فيما بينهم أكل النستو ويقال، والعهدة على الصادق بن الصادق، الذى صرخ "جبنة نستو يا كفرة"، أنه ورفاقه من مسلمى الجماعة ينهون فيما بينهم عن تعاطى كل كريه مثل النستو.

في هذا الجو المزين بدماء الضحايا، كان الحاكم بأمر المرشد محمد بن مرسى، يقف في شرفة داخلية بقصر الحكم يتابع وهو يقفز فرحا ويشاهد الكفرة الفجرة يتساقطون واحدا تلو الآخر أمام قواته العاتية، قواته المجاهدة، قواته التى جاءت تحت راية النصر أو الشهادة، كان محمد بن مرسي يردد مثل قادة قواته الله أكبر، الله أكبر والرعب يتسلل بين ضلوع الكفار يقهر كل عزيمة كانت فيهم قبل أن ينصر إله مرسي عباده المخرفين.

لاشك أن مرسى كان يطرب فى تلك اللحظات العصيبة بأصوات كفار الميرغنى وهم يصرخون ألما من صعق كهربائي تم وفق لشرع إله مرسى وسحل وضرب بالأحذية لم يكن مخالفا لشريعة أتباع مرسى، تقييد وتكبيل بما لا يخالف أمر الإله الذى لا نعرفه ويعرفه قوم مرسى، لم تنته المعركة إلا بعد قتلى وجرحى وعدد ١٥٠ أسيرا من كفرة الميرغنى كبلوهم ووضعوهم داخل قصر الحاكم بأمر المرشد وربما تحت نفس الشرفة كي تقر عينه ويطمئن لنصرة المسلمين، ولكي تكتمل الصورة التي أعلن عنها خطيب الأمة وعلامة العلماء الشيخ محمد حسان، عندما بشر الصابرين والصابرات بأن فجر الإسلام أشرق على مصر من أمام حديقة الحيوانات، يقولون إن مرسى الذى فر هاربا من باب خلفى قبلها بأيام كان منتشيا كلما ارتفعت أصوات كفار الميرغنى تحت وطأة التعذيب.. وبعدما اطمأن أن رجاله أوسعوا الكفار ضربا وركلا خرج كالطاووس بين عدد من أتباعه لكى يراه الكفار المكبلين، كان لابد أن يروه وهو منتصر حتى يعرفوا أنه ومجاهديه قد حرروا البلاد من دنس النستو.. هكذا جاء الباطل وزهق الحق إن الحق كان وسيظل علي زهوق طالما يحكمنا مرسى!!

الجريدة الرسمية