رئيس التحرير
عصام كامل

خطط الحكومة الوهمية


منذ الإعلان عن زيارة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إلى القاهرة، تم إعلان حالة الطوارئ في المناطق التي ستقوم بزيارتها، وكان على رأسها منطقة الأهرامات بالجيزة، حيث حضرت حفلا فنيا بصحبة الرئيس السيسي تحت سفح الأهرامات.. وبما أننى أحد سكان منطقة الهرم شاهدت بعينى حملة النظافة غير المسبوقة التي سبقت زيارة المستشارة الألمانية، من تجميل الميادين وزراعة الأشجار وإضاءة الأعمدة وتعليق الأعلام الألمانية والمصرية في كل مكان..


مجهود يليق بضيفة كبيرة تمثل زيارتها أهمية كبيرة لمصر، ومن المؤكد أنه لا يوجد أحد ضد حفاوة الاستقبال التي صاحبت ميركل والسؤال هنا: بما أننا نستطيع التشجير والنظافة وطلاء المبانى ونسف الأماكن العشوائية وتغيير واقع الشوارع المظلمة وإغلاق بلاعات الصرف الصحى لماذا لا يكون هذا سلوكنا دائما من أجل عودة السياحة مرة أخرى؟


وما الذي يمنع أن يكون جميع السياح الأجانب الذين اختاروا زيارة مصر وسيدفعون الدولارات في نفس أهمية ميركل وبوتين وكل الضيوف الكبار؟


واقع المناطق السياحية وخاصة منطقة الأهرامات لا يخفى على أحد، الجميع يشاهده يوميا بدءا من محافظ الجيزة حتى المواطن العادى الذي يعيش هذا الواقع المأساوى صباحا ومساء، ولا يتغير هذا الواقع سوى مع وجود ضيف مهم إلى منطقة الأهرامات.


فوزير السياحة لم يكلف خاطره بالتشاور مع محافظ الجيزة وتكليفه برفع القمامة من الشوارع، فضلا عن الحيوانات النافقة التي يتندر الأجانب بها، وكأن الأمر لا يعنيه أو أن هذه الصور المسيئة لا تمس السياحة.


كثيرا ما تحدثت الحكومة عن تطوير منطقة أهرامات الجيزة وتغيير هذا الواقع المؤلم، وكثيرا ما تحدث المسئولون أنه من غير المقبول أن تظل منطقة الأهرامات بهذا المستوى المتدنى من الخدمات، وغياب الشكل الحضارى، وأن تطوير هذه المنطقة وإعادة تسكين أهالي المنطقة في أماكن أخرى سيساهم في تغيير نظرة السياح لهذه المنطقة، وأن هناك خططا كثيرة سيتم الشروع في تنفيذها خلال الفترة المقبلة، ولكن هذه الأيام لم تأت منذ سنوات.. فالخطط اتضح أنها وهمية، وظل الوضع السيئ قائما بل إن الأمر يزداد سوءا مع مرور الأيام، فالدولة لم يعد لها وجود في هذه المنطقة سوى مكتب شرطة السياحة، فالباعة الجائلون و"الخرتية" الذين يقومون بفرض سيطرتهم على كل من يقترب من منطقة الأهرامات هم أصحاب الكلمة العليا في كل شيء..


الواقع يؤكد أن الدولة غير جادة في تطوير هذه المنطقة والنظر بعين الاهتمام لملف السياحة، وأنه ليس من أولويات الحكومة خلال الفترة الحالية أو القادمة، وأنه ملف مؤجل حتى إشعار آخر، واستمرار وزير السياحة يحيى راشد في التعديل الأخير يؤكد صحة هذا الكلام، وأصاب الكثيرين بالإحباط فالرجل لم يقدم أي شيء في ملف السياحة، الذي كان يساهم في إنعاش الاقتصاد المصرى وتوفير العملة الأجنبية وتوفير فرص العمل.


خلال الفترة الأخيرة تفوقت علينا دول كثيرة لا تمتلك من مقومات السياحة شيئا، ولكنها استطاعت وضع نفسها على الخريطة السياحية بالتسويق الجيد، وليس بحضارة سبعة آلاف عام، فنحن لا نعرف من السياحة سوى تخفيض الأسعار مع كل أزمة وحرق الأسعار بين الشركات والوكلاء.

تنمية قطاع السياحة والاهتمام به يضمن طفرة حقيقية في الاقتصاد بدلا من الاستغراق في نظريات المؤامرة.
الجريدة الرسمية