أحمد الغرباوي يكتب: جحودْ الضّنَى
جحودْ الضّنَى..؟
بِتلمّ ليه الهِدمتين والطرحْتِين والشِبْشِبين؟
مَاتقولّلي يابنى وَاخدنى..
وَاخدنى ورّايْح عَلى فيِن..؟
عَلي بيت جِديد..؟
مَا أنا لِيِّه بيت..!
هوّ أنا يابنى اشْتَكِيت..؟
مِشْ عَايزه يَابنى بيت جَديد..!
البيت دَه.. أنا عِشت فيه خَمسين سَنة..
ياما ضِحكت وبِكيت..
حِزنت وفِرحت وربّيت..!
مَا أعرفش غِيره أىّ بيت..!
عَروسَة صُغيّرة فيه أنا جيت..
وقَعدت فيه لمّا اتْحَنِيتْ..!
،،،،
مِين اللى قال أنا عَايزة بِيت..؟
اسأل بَلاط الأرض..
اسأل كُـلّ حيط..
اسأل كُلّ حتّة فيه؛ عليها اترميت..؟
مغسول بدمعى؛ لمّا استويت..؟
مِش عَايْزة غِيره أىّ بِيت..!
،،،،
أنا عِشت يابنى سِنين هِنا..
وأتمنّى أمُوت بَرضْك هِنا..!
أفتّح عِينيّه كُلّ يُوم.. وأقفل عِينيّه كُلّ يُوم..
عَلى فَرشتى ومِخدّتى والبَطانيّة واللِحاف..
عَلى أيد أبُوك بِتضمّنى فِ صُورة الزِفاف..
بتدفّى قلبى وتِحضنه ف سِنيـن عِجاف..!
،،،،
في الأوضة دِى..
أيْوه الأوضة دى..
أنا لِسّه عَايْشة..
ويّا أبوك حاضنة عُمري اللى فَات..!
أصْل الحَبايْب لوسَابوك..
بيعيشوا فيك بالذكريْات..!
خلّيني يا بنى
وَيّا أبُوك خلّينى أصْحَى وأباَت..؟
وأشمّ رِيحتُه في الحَاجات..؟
وأعيش مَعاه بَاقى السّاعات..؟
مين اللي قالك:
إنّه مَات..؟
بسّ..
بسّ هوه سابنى شويّة وفات..؟
لسّه البِدل جوّه الدُولاب..
جنب السِرير آخر كِتاب..!
نَضّارته أهِى وعَبايْته أهِى
وِلّسّه سَجّادة الصَلاة
والسِبْحَة فوقها مِنـوّرة
ياما شالت من صِدره آهات..!
ولسّه بأسمع ضحكته وسط السُكـات..!
أنا عَايْشة يابنى بحاجة أبُوك مِتونّسة
وبِدَخلتك ويّا العِياْل مِتونّسة
وأنا عَارفة يَا بنى
إن خَدتنى البيْت الجَديد راح
رَاحْ أتْنَسـى..!
وأنا يا ابنى مِش عَايْزة أتْنَسى..؟
فإن كُنت مُحتاج الوَسع لأجْلِ العِيْال..؟
هَات العِيْال..؟
أنا عِندى يا بنى سِرير كِبير
حَا أرقد عَلى حَرف السِرير
وحَاسيب لهم بَاقى السِرير..؟
وإن كنت مِحتاج السِرير.. ؟
خٌد كُلّ السِرير..؟
إن شاء الله أنام فوق الحَصير..؟
لكن أنام وِسْط الأمَان..!
خلّيني يا ابنى فِ وِسْطهم.. ؟
قَدّرنى (واحدة) مِنّهـم..؟
أصَحى وأبَات بَاقي الزمَان عَلى حِسّهم.. ؟
مَاهوش كِتير..
صدّقنى يا ابنى مَاهوّش كِتير..!
أنا مِش حَ أعيش أدّ اللى عِيشته
ولا نِفسى أعيش بعَد اللى شُفته..!
كَمّل جِميلك..
وأُسُتر البَاقى فِ حَيْاتى..؟
أنا عُمري يابنى قُصاد عِينيك..
فرّطت فِ أمّى أو حَماتـى..؟
إن كَان دَه مِنى فِ يُوم حَصل
أنا كُنت أقول باخد جَزاتى..!
مَا تقوللى:
إيه خلّانى يا إبنى أهُون عَليك..؟
وسَاحبنى ويّا الهِدمتين
رَايْح تِسلّمنى بإيديك
فرّطت فِ أمّك..؟
ليه..؟
قولّلى ليه..؟
أنا عُمري يُوم فرّطت فِيك..!
وإن كَان عَلى ضِيق المَكان
مَا أنا قلتلك خُد السِريـر..؟
وإنْ كَان عَلى ضِيق المَعيشة
أبوك سَايْبلى مَعَاش كِبير
قسّمته يَابْنى من زَمان:
النُصّ لِيك..
والرُبع مَصروف العيْـال
والباقي مَصروف الـدوا !..
لكن خَلاص..
خلاص وحِيْاة عِينيِك
مَا عَاد حَايِلزَمْنى الدَوا
خُد المَعاش.. كُلّ المَعـاش.. !
لكن بَلاش..بَلاش أحسّ
أحسّ إن رِبَايْتي فيك رَاحت
رِاحت بَلاش!
مع إجْلالى واحترامى الشديد للَنصّ الأدبى لشاعرة زينات القليوبى - دار المسنين.. الذي قرأته يومًا دون عنوان.. وألهمنى إعداد منه هذه القصة الشاعرة بتصرّف.. مع بعض السطور الإبداعية المتناثرة هنا وهناك..
فكان العنوان.. وإعداد التشكيل.. وضرورات القص بالنصّ مع بَعض الإبداع الحسّى.. والحِفاظ على بُوح الرُوح وعَذابات الشجن.. وهو مَادَفعنى للإبحار وإبداعها.. دون إرادة من مشاعرى وتأثر وجدانى..
وغصب عنى.. اسمحى لى سيّدتى ـ التي لم أعرفها إلا نصًا ـ بأن أحيّا قليلًا ونَصّك.. وأعَشْ وأنتِ زمنًا لم يَعدُ لنا.. فإن لم يعجبك فاعترف بأنه منى عجزى وقصورى.. وإن لم يكن فاسمحى لى مشاركتك تواضع حرفى دمعة تواسى وجعك.. مُشاركاَ لأسى روحك بِتصرّفى المتواضع.
تحية وتقدير للشجن الجميل.. ويا لأسى الروح من مخلوق لا جميل..؟
أعدها بتصرّف.. مع الحفاظ على بوح الروح وعذابات الشجن..
