رئيس التحرير
عصام كامل

تيران وصنافير.. حلم أمير السعودية الصغير تحول إلى كابوس


«هذا التراب ارتوى- على مر الزمان- بدماء الشهداء، الذي تُعين وتُرسم حدوده، باق وثابت بحدوده شمالًا وجنوبًا، شرقًا وغربًا، وسلطات الدولة متغيرة، خاصة وأن التنازل عنه سيفقد مصر حقوقها التقليدية على مياهها الإقليمية، التي مارستها عبر قرون، فضلًا عما يشكله من تهديد دائم للأمن القومي المصري، وإضرار بمصالحها الاقتصادية في مياهها الداخلية الإقليمية».


الكلمات السابقة بسيطة في عدد حروفها، عظيمة في معناها، وردت في حيثيات حكم مصرية جزيرتي «تيران وصنافير»، جرت على لسان المستشار أحمد صالح الشاذلي نائب رئيس مجلس الدولة، أثلج بها قلوب المصريين، وفى المقابل حولت حلم الأمير محمد بن سلمان نجل العاهل السعودي الشاغل لمنصب ولي ولي العهد بالمملكة- إلى كابوس.

عودة للقضية
العلاقات الأخوية والتاريخية بين القاهرة والرياض، زعزعها الأمير الصغير، الحالم بقيادة الأمة العربية، وإزاحة الجميع عن المشهد السياسي، ودفن دور مصر التاريخي في حل جميع قضايا أمتها، مثلت مبايعتها للمنصب المذكور منذ اللحظة الأولى، قنبلة خلافات داخل العائلة الحاكمة «آل سعود»؛ نتيحة تحفظ عدد من أعضاء هيئة البيعة على شخصه، وأظهرت الأيام التالية صحة مخاوف المعترضين، وقاد الرياض إلى مستنقع اليمن، الذي خلف الدمار وخراب الاقتصاد.

الأمير الجامح بدون محظورات، لجأ بعدها لخطوات اقتصادية تثير الغضب الداخلي على العائلة التاريخية، ووضع ما أسماه «رؤية السعودية 2030»؛ ليقدم نفسه كأمير للإصلاح، ومثلما تجرعت دول الجوار من قراراته الانفعالية، الأقرب لـ«طيش الشباب»، لم تسلم مصر- الحليف التاريخي، وسند مملكته في الأزمات- من خطواته، وعول في رؤيته على جزيرتي «تيران وصنافير»، في رسم خططه المستقبلية.

لقاء العقبة
وتزامنا مع زيارة الملك سلمان إلى القاهرة، طار ولي ولي العهد إلى الأردن، بهدف توفيق الأوضاع مع الجانب الإسرائيلي، وعقد الاتفاقيات المستقبلية، المتعلقة بالتعاون في البحر الأحمر، وترتيب أوضاع «تيران وصنافير».

وبحسب ما تسرب حينها، تعهد الأمير الصغير لرئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، في اجتماع العقبة السري، الذي تكشفت تفاصيله لاحقا، بحرية الملاحة الإسرائيلية في البحر الأحمر، والالتزام بالبنود الواردة في اتفاقية «كامب ديفيد» مع الجانب المصري.

خطة المستقبل
تفاهمات خطة المستقبل الاقتصادية، انطوت بحسب مقربون من الأمير، على التعاون التجاري مع الجانب الإسرائيلي، والمشاركة في تدشين «قناة بن جوريون»، بهدف تحويلها إلى مجرى ملاحي، يربط البحرين الأحمر والمتوسط، وتدشين ميناء لوجيستي على الضفة الشرقية لخليج العقبة، تسحب الأفضلية من ميناء «جبل علي» الإماراتي.

جسر الملك
جسر الملك سلمان، الذي تشدقت به أيضا بعض وسائل الإعلام، يتماهى مع رؤية 2030، وأوضحت خرائط المشروع أنه سوف يمر فوق جزيرة تيران، وهدف ولي ولي العهد السعودي من خلاله، إلى خلق ممر بري، يربط بين قارتي آسيا وأفريقيا، بذريعة علنية– تنشيط التجارة- ورغبة خفية–رفع أعداد الحجاج والمعتمرين؛ لتعويض الثروة المفقودة، بعوامل الحرب والزمان- النفط، علاوة على مد النفوذ السعودي لدول القارة السمراء، وتنشيط التجارة بين الرياض وعواصمها، على غرار ما تفعله في إثيوبيا والسودان الآن.

العلاقات التاريخية
في نهاية المطاف، من حق الأمير محمد بن سلمان التخطيط والحلم لصالح بلاده وشعبه، دون المساس بمصالح أمته العربية السياسية والاقتصادية، والتخطيط لضرب مصالح مصر والإمارات والأردن اقتصاديا، بهدف تحقيق رؤيته الخاصة؛ ليلحقوا بقائمة دول عربية، تحولت في عيون المملكة من أشقاء إلى أعداء، تشمل العراق وسوريا واليمن ولبنان.
الجريدة الرسمية