رئيس التحرير
عصام كامل

أحزاب للمناسبات


لا سياسة بدون أحزاب، ولا ديمقراطية بدون أحزاب، ولا معارضة بدون أحزاب، ولا تعددية بدون أحزاب، ولا مستقبل بدون أحزاب، جربنا على مدى عقود طويلة الحزب الواحد والرأى الواحد والزعيم الواحد والمؤتمر الواحد.. والجميع يعرف ما حصدناه، والنتيجة التي وصلنا إليها حتى الآن.


الأحزاب لدينا مثل قطع الديكور التي لا يتم الاقتراب منها وإبرازها أمام أعين الجميع سوى عند وجود ضيوف، ليس مهما نوعية الديكور ومستوى الفخامة المهم العدد والكثرة وليس النتيجة. لا يسمح للأحزاب بالتحرك من مكانها والإعلان عن وجودها سوى في مناسبات تتكرر كل أربعة أعوام، مثل كأس العالم، أو الانتخابات الرئاسية، وأحيانا مناسبات سنوية مرة كل عام أو مرة كل ستة أشهر حسب أجندة القيادة السياسية، بعدها تعود الأحزاب مرة أخرى إلى المخازن من جديد حتى إشعار آخر.

السؤال هنا: هل هذه ثقافة الرئيس ورؤيته للأحزاب؟

الحقيقة لا، فالرئيس كان أكثر المؤمنين بوجود الأحزاب وكان دائم التحاور معهم في قضايا الوطن والمواطن مع بداية توليه المسئولية وكان شديد التأكيد أنه يحتاج أفكارا جديدة لحل الأزمات التي تواجهنا، ومع الوقت بدأت تتراجع هذه اللقاءات حتى أصبحت منعدمة تماما، وأصبح دور الأحزاب يقتصر على الشكوى مثل المواطن من ارتفاع أسعار الطماطم والكوسة وعدم توافر السكر في المجمعات.

أيضا المسألة لا تختلف كثيرا داخل البرلمان، نعم هناك هيئات برلمانية، وممثلو أحزاب داخل مجلس النواب، ولكن هؤلاء الأعضاء التحقوا بهذه الأحزاب في اللحظات الأخيرة من أجل الترشح على مقاعدها وليس الإيمان بأفكار هذه الأحزاب وقدرتها على تغير الواقع.

الدولة تعمل بكل جهد من أجل احتواء الشباب ودمجهم في الحياة العامة واكتسابهم خبرات سياسية، والمؤتمر السنوى للشباب خير شاهد على هذا، والحل سهل وبسيط لدينا أكثر من 100 حزب سياسي يجب تحويلها من أحزاب كرتونية إلى حقيقية – والدولة إذا أرادت فعلت – وعندما يكون لدينا أحزاب حقيقية ستدفع الشباب للمشاركة السياسية وخلق حياة حزبية حقيقية تقوم على المشاركة في حل أزمات الواقع الذي نعيشه وطرح أفكار جديدة سياسيا واقتصاديا، وقتها سيكون لدينا حياة حزبية صحيحة، منتجة وفعالة وليس كمالة عدد.

الدول المحيطة بنا حصدت ما زرعته من البطل الأوحد والرأى الواحد والقرار الواحد. لدينا فرصة حقيقية أن نراجع أنفسنا وأن تكون لدينا أحزاب حقيقية تستقطب الشباب وتستوعبهم، فهل نحن فاعلون؟
الجريدة الرسمية