رئيس التحرير
عصام كامل

خطورة المدارس الأجنبية في مصر !!


منذ أيام قلائل، وفي واقعة غريبة، ومريبة، تناقلت وسائل الإعلام في مصرنا الغالية خبرًا مفاده أن إحدى المدارس الأمريكية الخسيسة تدرس في مناهجها الخبيثة أن مصر لم تنتصر في حربها العظيمة والمجيدة ضد العدو الصهيوني، وأن عدونا المنهزم هو المنتصر علينا، وأن عدونا الخسيس، وبسبب طيبة قلبه -الأسود- قد تنازل لنا برضاه عن أرضنا الغالية المقدسة: "سيناء الحبيبة"!


كانت هذه الواقعة الخبيثة سببًا في تفجير قضية مهمة مرة أخرى، ألا وهي خطورة تلك المدارس الأجنبية، والتي تقبع على أرض الوطن الحبيب، على عقول، وقلوب الشباب من أبنائنا، والتي تنزع من قلوبهم المحبة لوطنهم، وبلدهم، وتزرع مكانها الكرة، والغل، بل تزرع كذلك في قلوب شبابنا، وعقولهم حب عدونا، وتعظيمه، والانبهار به، بل، الانسحاق تحت قدميه!

لينشأ في الأخير، جيل جديد، بل أجيال جديدة، ومتعاقبة، لا تكره إسرئيل، بل تحبها، وتقدرها، وتعظمها، وتراها أفضل من بلدها، ووطنها، في الوقت الذي تكره فيه وطنها، وتعاديه، بل تحتقره!

تلك الحادثة الخبيثة ذكرتني بما كنت كتبته من قبل حول هذه المدارس، وخطورتها على الشبيبة، وعلى وطننا، وعلى أبنائه، فأحببت أن أعيده مرة أخرى على مسامع، وأعين بني وطني، لعلها تكون صرخة في البرية تطهر بعض الطريق من الدنس، والنجس في بلادنا، والتي نجسته تلك الأقدام الخبيثة التي حطت على بلادنا في صورة مدارس، ومدرسين، وهم ليسوا في حقيقتهم سوى طليعة العدو، ورجالاته، ودسيسته التي أرسلها لتمهد له الطريق قبل أن يأتينا بعدته، وعتاده، وجيشه، وجنوده، فهم في حقيقتهم: جيش العدو الناعم، والذي يمهد لجيشهم الخشن!

وأما الآن فلنعود مباشرة إلى ما كتبناه من قبل تحذيرًا، وتنفيرًا عن تلك المدارس الدسيسة، والمدسوسة، لعل الله يجعله سببًا في الخير:

إذا كان اعتقادنا أن العصرَ القادمَ في مصرَ هو عصرُ العلمِ، وإذا كان على الدولةِ واجبًا أنْ تهتمَ بالتعليمِ الوطني فترفعَ منْ كفاءةِ المعلمِ، ومنْ قيمةِ المناهج، بالإضافةِ إلى توفيرِ جوٍ ملائمٍ للتعلمِ، وبيئةٍ صالحةٍ لتلقى العلم، فإنَّ عاملًا من أكبرِ عوامل الهدمِ ينبغي على الدولةِ في المقابلِ الالتفاتَ إليه، والتعامل معه بمنتهى الجدية نظرًا لخطورته ليس فقط على الشباب، والنشء، ولكن على الأمن القومي أيضًا، ألا، وهو "التعليم الأجنبي"، والذي يعدُ آفةً من أخطر الآفات، وجرثومة قاتلة ينبغي أنْ تحاصرَ، وأن تعاملَ كما تعاملُ الفيروسات بمنطق الحجر الفكري.

وفي الحقيقة أنَّ أكثرَ هذه المدارسِ، والجامعاتِ الأجنبيةِ في مصرَ –إن لم تكن جميعها- ليست إلا معاملَ تفريخٍ للخونةِ، والجواسيسِ تتخفى وراءَ المدارسِ، والتعليمِ.

وحتى لا يتسرعَ أحدُهم فيطلقَ أحكامًا، أو اتهاماتٍ من نوعيةِ: "أرباب نظرية المؤامرة"، أو الحساسية المفرطة تجاه الغربِ، وما شابهها من التهم المعلبة، والجاهزة، أسوقُ شهادةَ رجلٍ مسيحيٍ نظرَ نظرةً علميةً فاحصةً، ودارسةً، ودرسَ الأمرَ بعنايةٍ، فوصلَ إلى ما وصلَ إليه الباحثُ المسلمُ المتجردُ عن الهوى، والمتعري من التعصبِ، عن خطرِ تلك البؤرِ التجسسيةِ المتسترةِ وراء "المدارس الأجنبية"!

ففي كتاب الأستاذ "جرجس سلامة" عن تاريخِ التعليمِ الأجنبيِ في مصرَ يقولُ: "حتى أصبحَ التعليمُ الأجنبيُ دولةً داخلَ الدولةِ، يوجهُ النشءَ الوجهةَ التي يراها، ويصبغهم بالصبغةِ التي يرغبها، دون إشراف فعلي من الدولة عليهــا!!

ويقول أيضًا: "بل بلغَ الأمرُ إلى حدِّ أنْ اشتملتْ بعضُ الكتبِ المستعملةِ على معلوماتٍ خاطئةٍ مضللةٍ عن مصرَ ذاتِها !، وكان كلُ ذلك يُدَرَّسُ لأبنائِنا مع انعدامِ وجودِ أيِّ توجيهٍ قوميٍ يوجهُ شبابَنا الوجهةَ الوطنيةَ الصحيحةَ"!!

وقال كذلك: "وزادَ من خطورةِ كُلِّ ذلك أنَّ جميعَ المدارسِ الأجنبيةِ دون استثناءٍ! قد أسهمت في إضعافِ اللغةِ العربيةِ! ؛ فهي تُلْقي في خِضَمِّ الحياةِ المصريةِ كلَّ عامٍ منْ ينظرون إلى غيرِهم من طبقاتِ المتعلمين في المدارسِ الحكوميةِ الوطنيةِ نظرةً متعاليةً، وينظرون إلى اللغةِ العربيةِ نفسَ النظرةِ "!

فهذه شهادة علمية شهد بها الرجل بعد بحثه، ودرسه، والرجلُ غيرُ مسلمٍ، ولا ينظرُ من الوجهةِ التي ننظرُ نحنُ منها، ولكنَّه رجلٌ وطنيٌ يحبُ بلدَه كما نحبُ، والأمرُ أيضًا من البيانِ، والوضوحِ ما يكشفُ لكلِّ ذي بصرٍ مدى استخدام أعدائِنا للتعليمِ كأداةٍ لصبغِ الناسِ بالصبغةِ التي يرونها، ويوجهونهم عن طريقها إلى اتجاهاتٍ غيرِ صحيحةٍ في الوطنيةِ، أو في غيرها من شئونِ الدينِ، والوطن، والاعتمادِ على تقبلِ المتعلمين للأخذِ عن معلميهم في بثِّ أفكارٍ مدمرةٍ على أيدي هؤلاءِ المدرسين، أو إنْ شئتَ الدقةَ فقل المبشرين.

نعم، لقد علمَ أعداؤنا أنَّ حاجةَ الناسِ إلى العلمِ، والتعلمِ أعظمُ من حاجتهم إلى الطعامِ، والشرابِ، ولهذا اتجهـوا إليـه، وكان سبيلهم في ذلك أن سلكوا طريقًا مزدوجًا، فعملوا على تدميرِ التعليمِ الوطني، وإفسادِه من جهةٍ، وإنشاءِ التعليمِ الأجنبي كبديل عنه من الجهة الأخرى.

ذلك أنَّ التعليمَ هو الضامنُ الحقيقيُ لتنشأةِ جيلٍ، أو أجيالٍ مصبوغةٍ بصبغةِ معلميهم، ومُوَجَهينَ حيثُ يريدُ مدرسِيهم، وتوجيهِ أفكارِهم إلى الجهةِ التي يريدها هؤلاءِ المعلمون، فيكبرُ الصغيرُ ليصيرَ رجلًا فيجد نفسَه مطبوعًا بطابعٍ جديدٍ، يحبُ السيدَ الأبيضَ الذي رباه على قِيَمِهِ، وعَلَّمَه أنَّه السيدُ، وأنَّ الدنيا كلُها عبيده !

فينبهرُ به، ويحبُه إلى الدرجةِ التي يصيرُ بها عبدًا له، يمهدُ الطريقَ للسيدِ الغازي كي يحتلَ بلادَه، ويخلصَها من التخلفِ التي تعيشُ فيه، وهو مع ذلك لا يشعرُ أنَّه عبد مسخر، ولكنْ يرى نفسَه كبيرَ الأحرارِ مادامَ يرفعُ شعارَ الحريةِ، والإخاءِ، والمساواةِ.

فهذا بياني، وتبياني للخطر الذي أراه يعشش في ثنايا بلادنا، يزرع الشر، والدمار، والخراب في عقول، وقلوب الشباب من أبناء وطننا الغالي، عسى يستفيد منه مستفيد، أو يحترس منه محترس، والسلام... اللهم قد بلغت.. اللهم فاشهد.
الجريدة الرسمية