رئيس التحرير
عصام كامل

استشرافٌ لمستقبل حزب النور السلفي !!


من القواعد الاستقرائية الثابتة، والمتعلقة بالتيارات، والجماعات، والأحزاب المنتسبة للإسلام، أنها، وعلى اختلاف ما بينها تمر بمراحل ثلاث، لا رابع لها. فكل جماعة، أو تنظيم ديني لابد، وأن يمر بهذه المراحل الثلاث واحدة تلو الأخرى بدءًا من الأولى، وانتهاءً بالثالثة.


وهذه المراحل، أو المحطات الثلاث التي تمر بها التنظيمات الدينية هي:

أولًا: المرحلة الأولى: هي مرحلة التأسيس، والتكوين، وتحصيل الأرضية، وتجنيد الأتباع لاكتساب الشعبية، وفي هذه المرحلة يكون التنظيم فيها غير مهتم بالعمل السياسي، ولا غيره، وإنما يكون اهتمامه الأول، والأكبر منصبًا على حصد التأييد، وحشد الأتباع، واستقطاب الأفراد.

فإذا ما استشعر قادة التنظيم أنهم قد كونوا كمًا لا بأس به من الأتباع، والمريدين ما يمكنهم من خلاله تحقيق مآربهم في صناديق الاقتراع، انتقلوا على الفور إلى:

ثانيًا: المرحلة الثانية: وهي مرحلة العمل السياسي، وفي هذه المرحلة يستثمر قادة التنظيم الديني كل ما حققوه في المرحلة الأولى من شعبية، وأتباع، وكل ما جندوه من أفراد، ليكونوا وقود معركة السياسة، وليكونوا أداة للضغط على الحكومات لتحقيق مكاسب سياسية تصل إلى المشاركة الفعلية في السلطة، وتستمر هذه المرحلة بقدر ما تستمر المكاسب السياسية في التحقق، وطالما كانت طموحات قادة الحزب، أو التنظيم الديني في الوصول للسلطة ممكنة عبر الطريق السياسي.

فإذا أُغلق عليهم هذا الباب، ورأى أرباب هذا التنظيم الديني أن العمل السياسي لن يمكنهم من الوصول للسلطة، وأن العمل السياسي لم يعد مجديًا، وأن المرحلة السياسية قد انتهت انتقلوا على الفور إلى ما بعدها، وهي:

ثالثًا: المرحلة الثالثة: العمل الإرهابي المسلح، أو استخدام العنف، والإرهاب، كوسيلة للسيطرة على الحكم بالقوة، والانقلاب العسكري على السلطة.

وهذه المرحلة الثالثة، وهي آخر ما يمر بها كل تنظيم ديني يسعى للسيطرة على السلطة، بعدما يفشل في الوصول إليها بالطريقة السلمية، فإنه يتحول مباشرة إلى تيار، وحزب إرهابي يمارس العنف، والإرهاب، كوسيلة للوصول إلى السلطة فإن لم تكن، فكنوع من العقاب للحكومات، ولمواطنيها على عدم تمكنيهم من الحكم، وبذلك يكتمل طرفا المعادلة التي وصل إليها الناس بعد تجربة حكم الإخوان البغيضة أن منطقهم الوحيد هو: ( إما أن نحكمكم –، ولو رغمًا عنكم-، وإما أن نقتلكم) !

فهذه القاعدة الاستقرائية لواقع التنظيمات الدينية بثلاثية المراحل هذه ( دعوي- ثم سياسي – ثم إرهابي)، هي قاعدة مطردة يمكن تطبيقها على أي تنظيم ديني في كل زمان، وفي كل مكان، فهي قاعدة مطردة ثابتة في الزمكان!

ولن أضرب لك المثل–أيها القارئ المكرم- بما فعلته ما كانت تعرف بـــ "الجبهة الإسلامية للإنقاذ" بالجزائر، والتي عانى منها الجزائر ويلات، وويلات فيما يعرف بــ "العشرية السوداء"، بمجازر بشعة، ومذابح مروعة، كان أقلها مثل ما يفعله الدواعش اليوم، وقتل ما فيها ما يقارب النصف مليون جزائري بريء، بأبشع أنواع، ووسائل القتل، والتي كانت تستهدف مُدنًا، وقرىً بأكملها، فتبيد من فيها عن آخرهم، وكان المجرمون من هؤلاء ممن تحصنوا بالجبال، ينزل الواحد منهم على قريته التي تربى فيها هو، ورفاقه فلا يتركوا فيها حيًا، وكان الواحد من هؤلاء الوحوش الآدمية، يذهب إلى بيته الذي تربى فيه فيدخل على أبيه، وأمه فيفلق رأسيهما بــ "بلطة تقطيع الأشجار" !!! ثم يعود منتشيًا ! كأنما عاد لتوه من رحلة خلوية مسلية!!

كان هذا كله بسبب فشلهم في الوصول الحكم عن طريق العمل السياسي، ومنعهم من السيطرة على السلطة في الجزائر، فتحولت تلك الجماعة التي كانت تقدم نفسها على أنها جماعة سياسية سلفية سلمية، إلى مجموعة إرهابية متوحشة تستوحش منها الوحوش البرية.

لن أضرب المثل للمصريين، بهؤلاء، فليس من رأى كمن سمع، وليس المخبَرُ كالمعايِنْ، ولكنني سأضرب لك – أخي القارئ المكرم- المثل، بالإخوان المسلمين في مصر، وهي كبرى الحركات الإسلامية في العصر الحديث، والتي ملئت الدنيا صياحًا أنها جماعة سلمية سياسية لا تعرف العنف، ولا تمارسه، ولا ترضى عنه، ولكنها وبمجرد أن سُلبت منها السلطة، تحولت كأبشع مسخ متوحش رأته البشرية يشرب الدم غبًّا، وينهش لحم البشر نهشًا !

وإذا أخذنا "حزب النور السلفي " مثلًا أيضًا، وطبقنا عليه القاعدة أنفة الذكر، وجدناه هو الآخر قد مر بمرحلتين اثنتين، وهوالآن على أعتاب المرحلة الثالثة يستعد لها كاشفًا عن أنيابه لينهش في لحوم المصريين نهشًا.

مر حزب النور–أو إن شئت الدقة مرت الدعوة السلفية بالإسكندرية– بمرحلتي العمل الدعوي، والعمل السياسي، وهي الآن في أخطر مرحلة، وأكبر تحدي: (إما أن نحكمكم –، وإن رغمت أنوفكم-، وإما أن نحرقكم، ونقتلكم !).

فيا أيها المصريون، ألا فاعلموا: أنكم أمام اختبار تاريخي حقيقي، ولحظة تاريخية فارقة، فإما أن تتخلصوا من هذه التيارات إلى الأبد، وتنطلقوا ببلادكم، نحومستقبل مشرق منير بكل خير، ورخاء، وأما تلفوا الحبل حول أعناقكم بأيديكم، ولكم الخيار.

وفي الأخير، هما وصيتان: الأولى للمصريين، لا تنخدعوا في هؤلاء، ولا تمكنوهم من رقابكم، ومن بلدكم فيسلموها بدورهم إلى عدوكم، ولكن اعزموا، واحزموا أمركم، وتخلصوا منهم، وإلى الأبد.

والثانية-وهي وصية لن أمل من تكرارها- للدولة المصرية، وللقائمين على أمر المصريين، ورعايتهم، وحمايتهم: لابد من وضع إستراتيجية شاملة، وطريقة ناجعة للتعامل مع هؤلاء القوم عند تحولهم إلى مرحلة العمل الإرهابي العنيف.
اللهم إني قد بلغتُ..اللهم اشهدْ.
والسلام.
الجريدة الرسمية