رئيس التحرير
عصام كامل

مواطن ومحصل.. وحكومة


عدد من وسائل الإعلام الأجنبية تواصل معي عقب إعلان اتفاق الحكومة المبدئي مع صندوق النقد الدولي لتمويل برنامجها الإصلاحي، وكان محور اهتمامها الفئات الأكثر تأثرا بالبرنامج الإصلاحي الذي أقره الصندوق، وتأثير الإجراءات التي ستتخذها الحكومة في إطاره على شعبية الرئيس السيسي في الشارع المصري.


الإشكالية التي تواجه الجميع هي نقص المعلومات وعدم الشفافية بل وعدم عرض الاتفاق أو البرنامج الإصلاحي والذي تتعامل معه الحكومة باعتباره "سر حربي"، حتى أنها تشهد خلافات داخلية حول جدوى عرضه على مجلس النواب، وذلك وبحسب صحيفة المصري اليوم، فالحكومة والمسئولون يتصرفون في أمور الحكم والسلطة وكأنه شأن خاص خالص لا يمكن إطلاع العامة عليه.

ومن الواضح أن الحكومة استبقت توصلها للاتفاق مع صندوق النقد بالبدء في التنفيذ الفعلي للبرنامج كضمانة على جديتها أمام الصندوق والالتزام بتنفيذه مهما كانت تأثيراته مؤلمة.

وبنظرة على بعض الإحصائيات الاقتصادية والتي تؤكد ارتفاع الدين الخارجي من 46 مليار دولار في يوليو 2014 إلى 53 مليار دولار في يونيو 2016، والتي من المتوقع أن تصل إلى 74 مليار دولار على الأقل في عام 2018 بعد حصول مصر على 21 مليار دولار قروض 12 مليار منها من صندوق النقد و9 مليارات من البنك الدولي والبنك الأفريقي للتنمية بحسب الاتفاق مع الصندوق.

كما زاد حجم الدين الداخلي من 1.6 تريليون جنيه إلى 2.6 تريليون جنيه لنفس الفترة، ووصل نسبة الدين العام إلى الناتج القومي الإجمالي إلى 98 %، وزاد التضخم من 10% إلى 13% عن نفس الفترة أيضا، فيما حافظت البطالة على معدلاتها وهي 13%، وهو ما يؤكد صعوبة الوضع الاقتصادي نتيجة فشل الإدارة الاقتصادية وتخبط سياستها عبر 50 عاما، وإصلاح اختلالات 50 عاما أودت بالاقتصاد الوطني لن تكون بالأمر السهل وسيكون له نتائج بالغة الصعوبة.

الأمر الأكثر صعوبة يكمن في أن السياسات الاقتصادية التي تتبعها الحكومة الحالية لاتختلف عن تلك التي كانت متبعة طوال السنوات الخمسين الأخيرة، وهي تقوم على الجباية، ما يؤكد أن الفئات الفقيرة ومحدودي ومتوسطي الدخل سيتحملون النصيب الأكبر من أعباء هذه الإصلاحات، كما كانوا دائما، وستدفع هذه الفئات دون غيرها أو أكثر من غيرها فاتورة إنقاذ الاقتصاد الوطني من خلال رفع أسعار السلع والخدمات المختلفة وتقليص الدعم وفرض المزيد من الضرائب مثل ضريبة القيمة المضافة الطرف عن الضرائب التصاعدية أو حتى ضريبة الثروة التي كان قد اقترحها رجل الأعمال سميح ساويرس من قبل، بل على العكس أتوقع أن يتم منح المزيد من التسهيلات والدعم لرجال الأعمال بهدف جذب وتشجيع الاستثمارات.

وبعيدا عن المقارنة التي بين قدرة ونسبة تحمل الأغنياء والفقراء من تبعات الإصلاح ومدى استفادة كل منهما منه، أود فقط أن أتساءل عما إذا كان البرنامج الإصلاحي - والذي لا علم وخبر لنا بتفاصيله إلا النذر القليل من التسريبات – يتضمن خطة لإعادة تشغيل آلاف المصانع المغلقة والمتوقفة بفعل السياسات الاقتصادية الخرقاء.

هل تضمن برنامح الإصلاح سياسات لترشيد الإنفاق غير الرشيد للحكومة، وخطة للتعامل والتخلص من جيش المستشارين المنتشرين بالوزارات والهيئات والمؤسسات وحتى المحافظات، والذين يتقاضون مليارات الجنيهات بدون  فائدة ترتجى.

وهل تضمن رؤية لاستيعاب البطالة التي ستنتج عن الإجراءات الإصلاحية المختلفة، واحتواء آثارها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وهل تضمن البرنامج الحكومة للإصلاح الاقتصادي والذي حظي باستحسان صندوق النقد، برنامجا اجتماعيا للتخفيف من حدة التأثيرات على الطبقات الأدنى اقتصاديا واجتماعيا والذين بدأوا بالفعل يجأرون من معاناتهم من الفواتير التي باتت تلهب ظهورهم وتفرغ جيوبهم..
الجريدة الرسمية