رئيس التحرير
عصام كامل

بالفيديو والصور.. «حرافيش المنيا» ترفع شعار «للخلف در يا حكومة»

فيتو
18 حجم الخط

الناظر إلى المنيا من نافذة التاريخ يشاهد الحقول الخضراء التي تشير إلى النضارة والحياة، وكورنيش نيل خلابا، تجاوره مناطق أثرية رسمت على جدرانه عبق التاريخ، كما تزين مداخلها ومخارجها مآذن وقباب، نتاج حضارة أنارت جميع مراكزها، وجعلتها محافظة سياحية، إلا أن المتأمل خلف تلك المناظر الخلابة يأخذه الذهول بصور المناطق المنعدمة والمناطق التي ضربها الفقر والعوز، بقدر الذهول الذي أخذه عند مشاهدة المحافظة لأول مرة، ولا يمكنة سوى الحزن للوضع الذي وصلت إليه تلك المناطق، وسط زمرة من المسئولين افقرت المحافظة، وجعلتا من المحافظات الأكثر فقرا بين محافظات مصر.


الحرافيش
وبعيدا عن الخوض في نسب الفقر في المدن أو الريف لا يعنينا سوى ذلك الفقر الذي صاحبه الموت من كثرة العوز.. فمنطقة "الحرافيش" الكائنة بحى جنوب مدينة ملوى، أقصى جنوب المنيا، هي تلك المنطقة التي ضربها الفقر بكل أنواعه وأشكاله وتداعياته، 30 ألف نسمة «أحياء أموات» تحاول «فيتو»، في تقريرها رصد معاناة أهالي المناطق لعلها تجد مسئولا في قلبه ضمير ويستجيب لهم.

شلل ومرض
داخل غرفة لا تتعدى 3 أمتار، ترتسم على حوائطها شروخ تهدد المنزل بالانهيار فهنا يسكن "رمضان عبد السميع جاد الرب"، مواليد 1955 من أهالي منطقة "الحرافيش"، يقول: "عانيت كثيرا من أمراض عدة كان آخرها جلطة في المخ تسببت في شلل في اليد اليمنى والقدمين، لم أتزوج ولا أملك قوت يومى، أعيش دائما على مساعدات الأهالي التي هي تحتاج إلى مساعدة".

وبكلمات حزينة يقول "جاد الرب": "نفسى أعمل أشعات والله مش معايا فلوس أشعة، دخلى 300 جنيه شهريا، علاج الجلطة بس 500 جنيه".

إحنا بناكل أجنحة فراخ
وعلى بعد خطوات، تجد الحاجة "فوزية عبد الموجود" من أهالي الحرافيش، تفترش الأرض ببعض من أكياس الحلوى، لتبدأ حديثها معنا قائلة: أملك من الأبناء اثنين كرمهم الله وتزوجوا وتركوني بمفردي أحارب مع الحياة القاسية لا أملك من يعولنى، أتقاضى 300 جنيه من المعاشات"، وحينما سألناها عن "اللحمة" قالت: "إحنا مش بناكل اللحمة إحنا بناكل أجنحة فراخ، والله ولا مسئول فكر في مرة ييجي يسأل علينا".

"آية ويوسف" في رقبة الحكومة
قال محمد رمضان، من أهالي المنطقة: "29 عاما هي عمرى داخل الحرافيش، منذ ولادتي وحتى الآن والمنطقة كما هي لم يتغير معالم عششها منازلها، انهار منها ما انهار فوق رءوس أصحابها، وتبقى منها ما تبقى يعيش معاناة قاسية مع الفقر في ظل غياب المسئولين، مؤكدا: أصيبت آية بضمور في المخ بسبب تناولها عقاقير خاطئة تناولتها بعد استشاره طبيب ويوسف معاق ذهنيا، آية كانت ممكن تتعالج بس الجلسات غالية والناس هنا فقيرة بعلم المسئولين".

وفى غرفة بالإيجار "سقفها للسماء"، بحفرة صغيرة بجانب الجدران يطلقون عليها دورة المياه، تجد "أم وليد"، التي سألناها عن عمرها قالت: "معرفش بس أنا عايشة في منطقة الحرافيش منذ 40 عاما، لم يتغير منها طوبة واحدة، وعلى مدى 40 عاما لم يحاول أي مسئول زيارة المنطقة نهائيا، ففى حالة سقوط أمطار يغرق الشيء الأشبه بالمنزل، ونحتمى بالجيرة خوفا من الموت غرقا، أو انهيار المكان فوق رءوسنا، وفى البرد ربنا يتولانا.. أتمنى من ربنا مش من المسئول شقة احتمى بها من أمطار الشتاء وحرارة الصيف".

هنموت تحت التراب
وتدخلت "أم صبرية" في الحديث لتقول توفي زوجى وتركنى لأعول 3 بنات، بمعاش لا يتجاوز 300 جنيه في الشهر، إيجار الغرفة فقط 100 جنيه، الغرفة سقفها من جريد وعروق خشبية والله هنموت تحت التراب وذنبنا في رقبة المسئولين".

بكلمات حزينة تخرج من قلب أم عانت الكثير خوفا على ابنتها من الموت البطيء الذي تعيش فيه، قالت هالة صابر: "ابنتى لديها من العمر عاما وتسعة أشهر، تعاني من ضمور في المخ، كيس مياه على المخ، بعض الأطباء شخص حالة ابنتي على أنها تعاني من ضمور في المخ جاء ذلك بسبب كيس المياه المتواجد على المخ، وقالوا لي الأطباء إذا أجرت عملية بنزع كيس المياه الكائن بالمخ ستعمل وظائف المخ بكامل طاقتها وتعود ابنتي للحياة، والبعض الآخر قال: "اعتبريها ملهاش علاج"، والله لو قالولى موتي وبنتك تعيش لأموت فداء لحياة ابنتي، لا أملك من المال أنا ووالدها أي شيء لإجراء عملية لها، عاوزه بس طبيب يساعدني لوجه لله ويعالج بنتي".
الجريدة الرسمية