رئيس التحرير
عصام كامل

عدم التطوير فساد!


هناك من يتخيل أن الفساد هو اختلاس أموال من خزينة الدولة سواء كانت مبالغ كبيرة أو صغيرة أو الحصول على عملات ورشاوى مقابل أداء خدمة أو الحصول على مزاد أو مناقصة من الحكومة.. هذا بالطبع فساد ولكنه صغير؛ لأن هناك أنواعا أخرى من الفساد أهم وأخطر؛ لأن تأثيرها كبير على الدولة، والرئيس السيسي لا يترك مناسبة أو حوارا إعلاميا إلا ويتحدث عن الفساد باعتباره أكبر تحدٍ يواجه الدولة المصرية، ولا يقل خطورة عن الإرهاب، بل لو استطعنا القضاء على الفساد سوف نقتلع الإرهاب من جذوره، ولذلك يجب أن يكون هناك تعريف دقيق لمفهوم الفساد.

ومن وجهة نظري المتواضعة.. فإنني أعتبر الإنفاق غير الرشيد من أموال الدولة فسادا، كثرة السفر خارج البلاد للمسئولين بدون أي فائدة تعود على البلد فساد، الإنفاق على المكاتب والسفارات المصرية في الخارج بدون عائد على البلد فساد، الفساد هو استبعاد الكفاءات من تولي المناصب والوظائف القيادية، واستبعاد الأوائل من التعيين في الجهاز الإداري للدولة والوظائف المهمة..

الفساد هو استيراد السلع الاستفزازية، الفساد هو عدم الاهتمام بالجودة والتخطيط وصيانة المرافق والمنشآت العامة، الفساد هو وضع مصلحة البلد في مرتبة أدنى من المصلحة الشخصية، الفساد هو انتشار المقاهي وغلق الجراجات أسفل العمارات وتحويل شوارع المدن إلى جراجات كبيرة يتحكم فيها المجرمون والبلطجية، الفساد هو عدم الانضباط وترك كل مواطن يفعل ما يريد حينما يريد وعدم المساواة بين الجميع أمام القانون..

وأخطر أنواع الفساد هو عدم استغلال قدرات مصر الاقتصادية، وإعاقة الاستثمار ومقاومة التغيير، وأيضا عدم التطوير والإبداع في العمل ومضاعفة الإنتاج.

الفساد هو أن نعتبر البلد سبوبة لمصالحنا الشخصية، مثل الطبيب الذي يسخر المستشفيات العامة لخدمة عيادته الخاصة، والمدرس الذي يعتبر المدرسة الباب الخلفي للدروس الخصوصية، الفوضى الإعلامية التي نعيشها هي فساد، وأن يكون مئات البرامج اليومية تهين الوطن والمواطن في الداخل والخارج، وكذلك انتشار قنوات الرقص والأفلام الهابطة التي تدمر قيم وأخلاق المجتمع، وأن تكون كل الإعلانات تحرض على الاستهلاك وتشجع عليه..

الفساد هو عدم الاهتمام بالوقاية سواء من الأمراض أو الحوادث، وكذلك سياسة رد الفعل وعدم الاهتمام بتطوير التعليم والبحث العلمي، أما قمة الفساد هو أن نكون دولة مستهلكة وليست منتجة، وأن يكون كلامنا أكثر من أفعالنا.

egypt1967@yahoo.com
الجريدة الرسمية