رئيس التحرير
عصام كامل

«الأسباط» طوائف «بني إسرائيل».. عددهم 12 سبطًا.. ورد ذكرهم في القرآن الكريم.. أحفاد سيدنا يعقوب.. انقسموا بعد وفاة سليمان إلى مملكتين «يهوذا» و«بنيامين».. وليس

باب الأسباط
باب الأسباط
18 حجم الخط

تردد كثيرًا أن لنبي الله يعقوب عليه السلام اثني عشر ولدا، عرفوا باسم "الأسباط"، وهو المصطلح الذي لا يدرك معناه البعض، ولكن الحقيقة هم ذريته وليس أولاده، بل حفدته، وهم الأمم التي تشكل منها بنو إسرائيل.


وفي العموم، ورد في اللغة أن السبط هو ولد الولد، أو ولد البنت، أو الولد نفسه، ويأتي بمعنى القوم أو القبيلة، وله معان أخرى.

ذكرهم في القرآن
وقد ورد في القرآن الكريم ذكر الأسباط في عدة مواقع، وهم اثنا عشر ولدا، الذين أتت منهم طوائف بني إسرائيل، ومن إحدى هذه الآيات الكريمة قوله سبحانه وتعالى (وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطًا أُمَمًا ۚ وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ إِذِ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ ۖ فَانبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا ۖ قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ ۚ وَظَلَّلْنَا عَلَيْهِمُ الْغَمَامَ وَأَنزَلْنَا عَلَيْهِمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَىٰ ۖ كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ ۚ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَٰكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) سورة الأعراف آية رقم 160.

ليسوا جميعًا أنبياء
والأسباط ليسوا جميعًا أنبياء على القول الراجح، قال الألوسي في روح المعاني: واختلف الناس في الأسباط أولاد يعقوب، هل كانوا كلهم أنبياء أم لا، والذي صح عندي الثاني وهو المروي عن جعفر الصادق رضي الله تعالى عنه، وإليه ذهب الإمام السيوطي وألف فيه؛ لأن ما وقع منهم مع يوسف عليه الصلاة والسلام ينافي النبوة قطعًا، وكونه قبل البلوغ غير مسلم؛ لأن فيه أفعالًا لا يقدر عليها إلا البالغون، وعلى تقدير التسليم لا يجدي نفعًا على ما هو القول الصحيح في شأن الأنبياء وكم كبيرة تضمن ذلك الفعل، وليس في القرآن ما يدل على نبوتهم.

ويفرق العلماء بين كلمة الحفيد والسباط، فالأولى كانت تطلق سابقا على اليد اليمنى، وأما كلمة السبط فتطلق على اليد اليسرى، ومن المتعارف عليه سابقا وإلى الآن أن ولد الولد هو الذي يرث أباه بالاسم والثروة وينقلها إلى أولاده من بعده، أما البنت فلا ترث اسم أبيها لأبنائها، وإنما يحمل أبناؤها اسم والدهم، والجد يعتمد على أبنائه وأبناء أبنائه في كل شيء فيعتبرون مثل اليد اليمنى له (لأن المتعارف عليه أن الإنسان يعتمد على يده اليمنى في العمل أكثر من اليسرى)، فلهذا السبب يطلق على ولد الولد بالحفيد، أما ولد البنت فهم لآبائهم وآباء آبائهم ولا يساعدون آباء أمهاتهم إلا القليل (مثل اليد اليسرى)، فلهذا السبب يطلق على ولد البنت بالسبط، والدليل أن الرسول محمد كان ينادي الحسن والحسين وهم أبناء ابنته فاطمة الزهراء بالسبطين.

حكومة موحدة
في بداية الأمر وفي الفترة ما قبل وفاة سليمان عليه السلام، كان الأسباط يعيشون تحت حكومة موحدة على الأراضي المقدسة ويعيشون في اتفاق، ولكن بعد وفاة سيدنا سليمان عليه السلام، تم تقسيم الأراضي المقدسة إلى قسمين، وتقسيم الحكومة إلى حكومتين، واحدة يحكمها ذرية الأسباط العشرة من ذُرية يعقوب عليه السلام، وسموا دولتهم بمملكة يهوذا، والأخرى يحكمها ذرية ابني يوسف عليه السلام وسموا دولتهم مملكة إسرائيل، ومن هنا كبرت هذه الذُريّة وكونت شعوبًا وقبائل كثيرة.

ويقول الدكتور سامي الإمام، في موسوعته "الفكر العقائدي اليهودي"، وفقًا للرواية الإسرائيلية: إن يعقوب تزوج بأربع نسوة هن: "ليئة"، وجاريتها "زلفى"، و"راحيل"، وجاريتها "بلهة"، وأنجب منهن خلفًا على النحو التالي:-

أولا: من زوجته ليئة: رأوبين، وشمعون، ولاوي، ويهودا، وزبولون، ويسْساكر، وبنتًا واحدة هي "دينا".

ثانيًا: من زوجته زلفى: جاد، وأشير، ثالثًا: من راحيل: يوسف، وبنيامين، رابعًا: من بلهة: دان، ونفتالي، وهؤلاء الأبناء الذكور هم الأسباط الاثنا عشر الذين تتحدث عنهم المصادر.

المملكة الشمالية
وحسب الموسوعة، فإن الأسباط العشرة هم سكان المملكة الشمالية "إسرائيل"، وهم الذين طردهم الآشوريون في نحو 722 ق.م، وتشير إليهم المصادر أيضًا بـ"إفرايم ومنشى"، مع أن إفرايم ومنشى من سبط يوسف، لكن ربما كان يطلق على الأسباط العشرة هذه التسمية لكثرة عددهم، كما شاع تسميتها بالأسباط المفقودة، أو الضائعة.

وبقية الأسباط الاثنى عشر، كانوا في المملكة الجنوبية (يهودا)، وهي: يهودا، وشمعون، وغالبية سبط لاوي.

نهر "سمبطيون"
ويرى "موسى بن ميمون" أن الأسباط العشرة هم الذين زالوا من الوجود ونفاهم الرب إلى نهر يسمى "سمبطيون"، وهذا بالطبع نتيجة مخالفاتهم أوامر الرب، كما يشير سفر أخبار الأيام الثاني.

كما يورد في تفسيره آية وردت في التوراة، يظن أنها تتحدث عن أولئك الأسباط العشرة، يقول الرب: (قلت أبددهم إلى الزوايا وأمحو من الناس ذكرهم) (التثنية).

ويعلل اسم نهر "سمبطيون"؛ لأنه يتوقف في أيام السبت، ولأن السبت في هذه اللغة "سَبَتْ" كما في العربية، ومن المعتاد، في لغتهم - على حد قول ابن ميمون - إضافة المقطع "يون" عند الوصف، فتكون الكلمة "سَبْتِيُون" ثم "شبتيون"، التي أصبحت بمرور الزمن "سمبطيون".

بينما يرى المفسر "رشي"، أن "سمبطيون" هو نهر من الحجارة، يجري بها وتتدفق حجارته، دون قطرة ماء واحدة، ويتوقف عن الجريان بالحجارة يوم السبت!، ويعتقد أن جزءًا من الأسباط العشرة نفاهم "شلمنصر"، ملك آشور، إلى حيث هذا النهر.

وجاء في الأجاداه (فكر أسطوري) أن الأسباط العشرة يسكنون وراء هذا النهر، ولا يمكن الوصول إليهم؛ لأن هذا النهر يهيج ويميج طوال أيام الأسبوع، ويقذف بالحجارة على ضفتيه، لكنه يتوقف ويهدأ يوم السبت.

وبحسب بعض التفاسير، فإن الأسباط العشرة تنتظر مجيء المشايَّح "المسيح" الذي سوف يدعوهم للخروج من سجنهم ويحررهم ويضمهم إلى بني جلدته بقية اليهود.

أما التلمود فيورد أن الأسباط العشرة أعادهم النبي "أرميا" إلى موطنهم الأصلي، وأن "يوشياهو بن أمون" كان ملكًا على "يهودا" وعليهم في آن، وأن الـ"تناخ" (أسفار التوراة والأنبياء والكتب)، يتضمن إشارة إلى تلك العودة في (أخبار الأيام الثاني 30: 1 – 11).

وتؤكد الموسوعة، أن تلك التفاسير ألهبت الخيال اليهودي، ولا تغادر الأساطير التي تتحدث عن الأسباط العشرة ونهر "سمبطيون" أفكار اليهود عبر العصور منذ أحداث النفي إلى آشور، وتجد لها صدى في طقوس السبت كتذكرة بأولئك الذين بددهم الرب ونفاهم خلف هذا النهر، وكذا كثير من الرحالة خرجوا للبحث عن أولئك المفقودين، عسى أن تتحقق معجزة ويتم العثور عليهم!

يشار إلى أنه يوجد باب في القدس يسمى باب الأسباط، يقع في الحائط الشرقي، يعود تاريخه إلى عهد السلطان سليمان القانوني، وسُمي أيضا باب القديس إسطيفان، وباب الأسود؛ لوجود تمثالين لأسدين على جانبي مدخله.
الجريدة الرسمية