رئيس التحرير
عصام كامل

محلب يكنس السلالم من أسفل!!


حينما تريد ربة المنزل أن تنظف سلالم منزلها، فإنها تأخذ أدوات النظافة وتصعد بها إلى أعلى درجاته، وتبدأ في تنظيفها واحدة واحدة من أعلى إلى أسفل، وبذلك تضمن نظافته من الأتربة والقمامة وكل أنواع القاذورات والحشرات، هكذا يقول العقل والمنطق، عكس ما يفعله المهندس إبراهيم محلب، رئيس الوزراء؛ حيث يقوم بتنظيف السلالم من تحت، ويحاول أن يأخذ معه الأتربة من أسفل إلى أعلى، فالطبيعي في هذه الحالة، أنه لن يستطيع تنظيف سوى أول درجة بل الأتربة سوف تتطاير في وجهه.


فحينا يقرر رئيس الوزراء، إقالة مسئول الخدمات في قرية بشلا بمركز ميت غمر بالدقهلية؛ بسبب سوء معاملة المواطنين، فإن المشكلة لن تنتهي؛ لأن الذي يستحق الإقالة هو محافظ الإقليم، من سيخلف هذا المحافظ لن ينام الليل، ولن ينام مرءوسوه، وسوف يكون شعلة نشاط؛ خوفا من أن يلقى نفس مصير سلفه، ليس هو فقط بل كل المحافظين سوف يعتبرون بما حدث مع زميلهم.

أيضا حينما قرر رئيس الوزراء إقالة مدير معهد تيدور بلهارس أو مدير مستشفى، فكأنما قام بتنظيف السلم من تحت، ويحاول أن يصعد بالقمامة إلى أعلى؛ لأن الذي يستحق الإقالة هو الوزير المسئول، كذلك حينما قام رئيس الوزراء بإقالة رئيس حي الدرب الأحمر؛ بسبب سوء نظافة الحي، فهو ما زال مستمرا في تنظيف السلم من أسفل؛ لأن الذي يستحق الإقالة هو وزير التنمية المحلية، الذي يختار رؤساء الأحياء والمدن، لو حدث ذلك فإن من يخلفه سوف يحسن الاختيار ومتابعة موظفيه.

هذا لو أن رئيس الوزراء فعلا يريد أن يطهر الجهاز الإداري من الفاسدين والمقصرين، ولكن ما يفعله المهندس محلب ومازال، بمحاسبة صغار الموظفين هو مجرد شو إعلامي ليس أكثر، والدليل على ذلك لو أنه قام اليوم بزيارة نفس المواقع التي أقال مسئوليها من قبل، فلن يجد فيها تغييرا بل قد يجدها أسوأ عما كانت عليه في عهد المسئول السابق.

لن ينصلح حال الجهاز الإداري، وبالتالي حال مصر كلها، إلا بوجود سياسة واضحة للحساب والثواب والعقاب تطال المسئولين الكبار أولا، أما نظام كبش الفداء والتضحية بصغار الموظفين، هو بروباجندا كاذبة وضحك على الذقون، ضرره أكبر من نفعه.

رئيس كوريا الشمالية حينما اكتشف خطأ هندسيا في المطار، أصدر تعليماته بإعدام الاستشاري الذي صمم المطار، نحن لم ولن نطالب بتطبيق هذا النموذج في مصر، ولكن على الأقل إقالة المسئول الكبير المقصر في عمله، الذي لا يتابع عمل مرءوسيه، وعدم ترك الأمور للأهواء الشخصية، الفوضى والتسيب والإهمال تدمر الأوطان، أخطر على مصر من الإرهاب، والحزم والانضباط أهم أسباب تقدم الدول.

والرئيس السيسي نفسه في أكثر من مناسبة، اعترف بأن الجهاز الإداري أكبر تحدٍ يواجهه؛ لأنه يدرك تماما أن كل جهوده للإصلاح قد يفشلها فساد صغار الموظفين، مصر تنطلق داخليا وخارجيا، ولكنها تحتاج لجهاز إداري محترم خالٍ من الروتين والفساد، يحاسب فيه الكبير قبل الصغير، الوزير قبل الخفير، يتولى مسئوليته الأكفاء، والرئيس قادر ومصر تستطيع..

egypt1967@yahoo.com
الجريدة الرسمية