رئيس التحرير
عصام كامل

« قعدة عرب».. جهاز مخابرات عربى يكشف مؤامرة "إيرانية-إخوانية" للوقيعة بين مصر والسعودية.. «والسيسي» و«سلمان» يردان بـ«بيان القاهرة».. وتحاولان إصلاح ما أفسده &#

فيتو

>> واشنطن تتراجع عن الإطاحة بـ«الأسد».. وتطالب المملكة بالتوسط لـ«تهدئة الأجواء» مع مصر.. وزير الخارجية السوري ينهى «سنوات القطيعة» مع الخليج بزيارة مسقط.. و«التحالف العربي» ينجح في حل الأزمة اليمنية


بدأت تلوح في الأفق ملامح صفقة كبرى، تهدف إلى إغلاق الملفات الملتهبة، وسط انسحاب أمريكى تدريجى من خط الأزمات، قبيل انطلاق الانتخابات الرئاسية المرتقبة العام المقبل 2016، لاختيار من سيخلف الرئيس الديمقراطى باراك أوباما، في ظل وجود منافسة شرسة من الجمهوريين، ودفع رموز من العيار الثقيل بهدف مقارعة المرشحة الأقوى للحزب الديمقراطى وزيرة الخارجية السابقة هيلارى كلينتون.

وبحسب الخبير الأمريكى بمعهد واشنطن أنستيوت “ديفيد شنكر”، الذي أكد أنه عقب الاتفاق النووى مع إيران، وتقديم رسالة طمأنة للحلفاء بدول الخليج العربى، وقبله فشل مشروع الإخوان بالمنطقة خاصة في سوريا ومصر، بدا أن الرئيس أوباما، شرع في حلحلة أزمات المنطقة، مغبة تورط الولايات المتحدة في حرب أخرى بالشرق الأوسط، تتسبب في إلحاق هزيمة للديمقراطيين وعودة الجمهوريين إلى البيت الأبيض.

وبعيدا عن التحليلات البحثية الأمريكية لطبيعة التغيرات في السياسة الخارجية الأمريكية بمنطقة الشرق الأوسط، حصلت “فيتو” على معلومات من مصدر لبنانى رفيع المستوى، توضح حقيقة ما يحاك الآن بالشرق الأوسط، والتي تبلورت عقب كشف المخابرات اللبنانية للجانب السعودي، تفاصيل اجتماع سرى استضافته سفارة طهران في بيروت، جمع كلا من الجنرال قاسم سليمانى قائد فيلق القدس الإيرانى، وقيادات من التنظيم الدولى للإخوان المسلمين، وشارك فيه “أيمن نور” مؤسس حزب الغد السابق، تم بدعوة من السفير الإيرانى محمد فتحعلي، وأمين عام الجماعة الإسلامية، فرع الإخوان، إبراهيم المصري، وأحد قيادات الإخوان الهاربة من مصر.

وبحسب المصدر، تركزت المناقشات خلال الاجتماع على زرع فتيل أزمة بين القاهرة والرياض، وتحريك الآلة الإعلامية الإيرانية والإخوانية لترويج شائعات تتعلق بمباركة مصر في عهد الملك عبد الله، الإطاحة بولى العهد حينها الأمير سلمان، الملك الحالى للبلاد، مشيرة إلى أنه كانت هناك خطة إعلامية مشتركة لتهيئة الرأى العام لتصعيد الأمير متعب بن عبدالعزيز نجل الملك السابق، إلى منصب ولى ولى العهد، عقب تصعيد الأمير مقرن بن عبد العزيز، ولى ولى العهد حينها إلى منصب ولى عهد الملك عبدالله.
علاوة على ترويج أكاذيب بين الحين والآخر، إلى لقاءات سرية تتم بين النظام المصرى والإيرانى، بهدف تطبيع العلاقات على حساب مصالح دول الخليج العربي.

بحسب المصدر نجحت الخطة الموضوعة برعاية إيرانية، في زعزعة الثقة بين القاهرة والرياض، التي كان آخرها تعمد طهران نشر خبر حول رفع شرط تأشيرة الدخول للمواطنين المصريين الراغبين في السفر إلى إيران، وظلت الأزمة مكتومة والعلاقات محفوفة بالشكوك بين الطرفين، حتى اطلع جهاز سيادى سعودى على تفاصيل الاجتماع، بعد التكتم عليه في بيروت لفترة طويلة بسبب ضغوط من “حزب الله”، وهو الأمر بحسب المصدر الذي دفع عائلة الحريرى لمطالبة أيمن نور بمغادرة لبنان، خوفا من إفساد العلاقات مع السعودية.

وسط جبل الخلافات الذي تراكم بين السعودية ومصر، دخل كل من الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، وأمير قطر تميم بن حمد، بكامل ثقلهما في السعودية، لإقناع الرياض بفك الارتباط مع القاهرة، ودفعها للدخول في محور “سنى” جديد، ووصل سقف الرغبات إلى محاولة إقناع الرياض بوقف تمويل الجامعة العربية واللجؤ إلى مجلس التعاون الإسلامى، كبديل للجامعة بهدف فرض عزلة على النظام المصري.

تفاصيل الاجتماع السرى التي وصلت الرياض، مثلت طوق نجاة للتحالف الإستراتيجى بين “السعودية ومصر”، في ظل ترقب إماراتى للأحداث وقناعته بخطورة ما يحدث، على مستقبل المنطقة.
وحملت زيارة الأمير محمد بن سلمان ولى ولى العهد السعودى ووزير الدفاع، دفتر أحوال المنطقة وهدف اجتماعه بالرئيس عبد الفتاح السيسي، إلى خلق حلول سياسية سريعة لأزمات المنطقة، لتجنب من حرب طائفية كبرى مثلت إيران وتركيا وقطر وجماعة الإخوان وقودها برعاية أمريكية.

التقارب في وجهات النظر وعودة دفء العلاقات بين القاهرة الرياض، في ظل دخول روسيا على خطة الأزمة وإطلاقها تحذيرات لجميع الأطراف من مغبة مخطط كبير يحاك لدول المنطقة، دفع الجميع إلى قبول الحلول السياسية لأزمة سوريا واليمن.
وعلى ما يبدو إن رغبة البيت الأبيض في وضع حلول سريعة للمنطقة، وفقدان الإدارة الأمريكية الثقة في نجاح الإخوان للعودة إلى حكم مصر، دفع واشنطن هي الأخرى لاستغلال الاتفاق النووى الإيرانى، والضغط على إيران للابتعاد عن ملفات المنطقة، وتحويلها إلى جزء من الحل وليس الأزمة.

دخول إيران بالوجه السياسي بهدف تمرير الاتفاق النووي، وتوافقها مع روسيا دفعها إلى خلق حلول ناجزة لأزمة سوريا واليمن، وأعلنت مؤخرا عن مبادرة سياسية جديدة بدا من الواضح أنها تلاقى قبول من جميع الأطراف، بالرغم من عدم الكشف عن فحواها إلى الآن.

تفاصيل المبادرة الإيرانية التي تطبخ في الكواليس، كشفها لـ”فيتو” الباحث السياسي اللبنانى توفيق شومان، والذي أكد بدوره أن المبادرة الإيرانية تصب في جهة تعديل النظام وليس تغييره، موضحا أنه عقب الإعلان عنها سوف يتم تعديل الدستور السوري، بما يسمح بمنح رئيس الوزراء صلاحيات تضاهى رئيس الدولة، وتشكيل حكومة ائتلافية، وبقاء الرئيس السورى بشار الأسد في منصبه لفترة انتقالية بصلاحيات محدودة، وإعادة فتح التحقيق في استخدام الكيماوى لضمان عدم ملاحقته بعد ترك منصبه، ودعم الجيش السورى بهدف التخلص من الميليشيات المسلحة.

وأكد “شومان” أن الاتفاق يعد في المطبخ الدولى الآن، بمباركة روسية وأمريكية، واطلعت القاهرة عليه خلال زيارة جون كيرى الأخيرة، ونقل اللواء على مملوك تعهدات من النظام السورى إلى الجانب السعودى خلال زيارته التي تمت مؤخرا في السر إلى الرياض، ولم تعلن عنها الجهات الرسمية رغم كشفها في وسائل الإعلام.
خطوات التقارب الإقليمى والدولى لحل القضية السورية، بحسب الباحث اللبنانى، نتج عنها زيارة وزير الخارجية وليد المعلم إلى العاصمة العمانية “مسقط” بعد أعوام من القطيعة بين دمشق ودول الخليح، بهدف وضع خطوط عريضة مع الخليج للشروع في الإعلان والتنفيذ.

وعلى صعيد الأزمة اليمنية، تدخلت مصر سياسيا بقوة في محاولة لصيانة أراضيه، وإخراج السعودية من فخ نصبته جماعة الإخوان من خلال قيادات حزب التجمع والإصلاح، الذراع السياسية للجماعة التي أوهمت الرياض بقدرتها على حسم المعركة داخليا مع الحوثيين، بتواطؤ من قطر وتدخل من خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، الذي لعب دور وسيط الحرب وحامل رسائل طمأنة من اللواء محسن الأحمر أحد قيادات الإصلاح، وعبدالمجيد الزندانى حول قدرة الجماعة هناك في حسم المعركة داخليا، وطلبت في البداية قصف بعض القواعد العسكرية التي سيطر عليها الحوثيون، وفرت هذه القيادات فيما بعد للإقامة في السعودية، وطالبتها بالتدخل البرى بهدف توريطها.

المعلومات السابقة كشفها وليد العمرى أحد قيادات حزب الرئيس السابق على عبدالله صالح، مؤكدًا أن القاهرة قامت بدور وسيط دبلوماسى نزيه، لافتا إلى عقد لقاءات بين قيادات المؤتمر ودبلوماسيين أجانب في مصر، علاوة على مبادرة يحملها أمين عام الحزب عارف زوكا، تنص على الانسحاب من المناطق وإعلان التحالف العربى الانتصار وتمكين الحكومة من ممارسة عملها، والعودة إلى مخرجات الحوار الوطنى والتناقش حولها.

الأمر أيضا فسره بيان السفارة السعودية الصادر الأسبوع الماضى، عقب زيارة الأمير محمد بن سلمان إلى القاهرة، والذي نص على أن عاصفة الحزم جاءت لمساندة الحكومة اليمنية الشرعية، وتمكينها من ممارسة أعمالها بحرية وأمان بعيداعن تهديد الحوثيين، وحملت لغة البيان حلًا وشيكًا للأزمة، وإنهاء المعارك الدائرة.

ليبيا بدورها كعمق إستراتيجى لمصر، لم تبعد عن رياح صفقة التهدئة، وشدد رمزى الرميح المستشار السابق للجيش الليبى الوطني، أن القاهرة تضع الملف الليبى على طاولة الحوار الإقليمى في كل المناسبات، وبين القاهرة وأبو ظبى تناغم وتوافق يتعلق بتمكين الحكومة الشرعية المعترف بها دوليا من كامل التراب الوطنى، وبدأت تتبلور المواقف في ذلك الاتجاه خاصة مع تعنت ميليشيات فجر ليبيا، وقيادات الإخوان المشاركة في الحوار الأممى على بنود الوثيقة الدولية، متوقعا أنه خلال الأيام المقبلة في ظل التقارب السعودى المصرى وبمعاونة الحليف الثالث لهما الإمارات، خلق حلا أمميا ناجزا ورفع حظر التسليح المفروض على الجيش الليبي.

معززا رؤيته، بابتعاد تركيا عن الملف في ظل تورطها في الحرب ضد “داعش”، والعزلة المحتمل فرضها على قطر وحليفها التنظيم الدولى للإخوان من جديد بعد توافق محور “القاهرة والرياض وأبو ظبى”، مدعوما من الأردن وسلطنة عمان ما يسهل حل الملفات العالقة في المنطقة بمعاونة روسيا وتفاهم أمريكى وتقديم إيران تنازلات بهدف الخروج من شرنقة العقوبات المفروضة عليها عبر بوابة الاتفاق النووي.

"نقلا عن العدد الورقي..."
الجريدة الرسمية