رئيس التحرير
عصام كامل

فريضة تقبيل يد شيخ الأزهر


نأتمر جميعا بأمره، ونشعر بالفخر والشرف حين نقبل يده على الملأ، فنحن نقبل يده؛ لأننا نتعلم منه كل يوم معنى العزة والكرامة، وأن عدد المتسابقين على تقبيل يده والفوز بهذا الشرف العظيم يصعب حصرهم، ليس في مسقط رأسه فقط أو بطول مصر وعرضها بل على مستوى العالم أجمع.


الكلمات السابقة لم تكن جزءا من قصيدة نفاق لأحد الملوك أو أسطر مختصرة من الخطب التي كانت تتردد على مسامع رجال الدين في العصور الوسطى من بعض منافقيهم قبل مئات السنين أو أحد الأولياء الذين اختصهم الله بعلمه، فهذه الكلمات قليل من كثير، تمت صياغتها وكتابتها وتنقيحها وتلاوتها من قلب الجامع الأزهر الشريف للعالم أجمع وللبشرية جمعاء، على لسان وكيله الدكتور عباس شومان؛ دفاعا عن شيخ الأزهر الشريف الدكتور أحمد الطيب، واعتراضا على تصريح الأديب الكبير يوسف القعيد، بأن تقبيل يد شيخ الأزهر من العلماء أمر لا يليق، وأن أمامهم تحديات أكبر من الإصرار على تقبيل يد الإمام، وأن هذا التصرف لن يضيف للأزهر شيئا.

ولم يكد القعيد ينتهي من كلماته، حتى خرجت العمائم من كل مكان من داخل الأزهر الشريف تسفه من قيمته، وتنكر تصريحه وتعتبره خارجا على إجماع المسلمين، وترى أنه تسرع في حكمه، وعليه التوبة عن خطأه الذي لا يغتفر.

وتفرغ وكيل الأزهر الشريف لكتابة البيانات ضد الأديب الكبير، وكأنه أنكر معلوما من الدين بالضرورة.. من حق القعيد أن ينتقد هذا التصرف، ومن حق شومان أن يقبل أقدام شيخ الأزهر وليس يده فقط، طالما أنه يرى هذا ويعتبر أن هذه وظيفته الحقيقية في الجامع الكبير، وأن هذا هو التجديد الحقيقي للدين، وأننا جميعا لا نعي هذا الأمر، وأن الجهلاء منا يفرطون في ثواب كبير سوف يقذف بهم إلى الجنة لو قبلنا يد شيخ الأزهر على الملأ، وأن الإثم والخسران مصيرنا إذا لم نحظ بهذا الشرف، ومن المؤكد أن هذا التصرف الفردي من القعيد سوف يدخله في قائمة أعداء الأزهر والإسلام، بجوار الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، الذي يعتبره شومان خطرا على الإسلام.

حملة الهجوم على القعيد لم تكن بسبب اعتراضه على تقبيل يد شيخ الأزهر فقط، ولكن بسبب تصريحه قبل أيام أن دعوة المثقفين للأزهر الشريف من أجل تجديد الخطاب الديني، لم تكن سوى شو إعلامي، ومنذ هذه اللحظة اعتبرت مؤسسة الأزهر القعيد "مارقا"، ويجب التصدي له بكل الطرق وتشويهه على الملأ؛ لأنه قال ما يؤمن به وليس ما يؤمن به وكيل الأزهر، الذي يتفرغ للمعارك أكثر من تفرغه للدعوة ومحاربة الأفكار المتشددة التي تنشر الإرهاب في كل مكان، والعمل على تصحيح مناهج الأزهر الشريف من الأخطاء، والإجابة عن كثير من الأسئلة الصعبة، ولكن الدكتور شومان اختار الحل السهل، اختار المعارك التي يجيدها والنيل من خصومه بالقرآن والسنة، وواقعة الدكتور جابر عصفور ليست بعيدة.

إذا كان هذا هو تجديد خطابكم الديني فنحن لا نريده، وإذا كان شيخ الأزهر يرضى بهذا المسخ والتطاول فهذه مصيبة كبرى، فهذا الكيان الكبير يحتاج علماء أجلاء وليس منفرين قساة القلوب والعقول، فهل تقبيل يد شيخ الأزهر فريضة في الإسلام؟
الجريدة الرسمية