رئيس التحرير
عصام كامل

لغة الإخوان المراوغة!


اكتشفت من خلال تصريحات قادة الإخوان وعلى رأسهم المرشد العام الدكتور "محمد بديع"، أنهم يستخدمون لغة مراوغة تحاول أن تخفى بشكل مفضوح أهدافهم الدنيوية، وأطماعهم السياسية، وميلهم إلى الاستئثار بالسلطة، ونزعاتهم غير الوطنية التى لا تؤمن بحدود الوطن المقدسة، لأنهم يحلمون بدولة الخلافة، هذا الوهم الكبير الذين يعيشون فيه!


وقد لفت نظرى تصريح للدكتور "بديع" المرشد العام للجماعة وهو يتصف باستخدام أسلوب بالغ الركاكة ويحاول الادعاء فيه بأنه رجل "إيمانى" يستشهد دائمًا بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية.

قال فى آخر تصريح له بصدد الانتخابات: "نحن لسنا جامعى أصوات ولكننا جامعو حسنات"!
ما هذا الادعاء الكاذب؟ جماعة الإخوان المسلمين خبيرة فى حشد الأصوات بالحق وبالباطل، وبالوسائل المشروعة والوسائل غير المشروعة، حتى تحصل على الأكثرية فى المجالس النيابية لكى تحقق مشروع "التمكين الإخوانى"، ونعنى أخونة الدولة وأسلمة المجتمع، والرجل يدعى أنهم جامعو "حسنات" وليسوا جامعى "أصوات"!
ولو سألته سؤالًا مباشرًا عن هذه "الحسنات" التى يجمعونها فإنه بالقطع لن يجد جوابًا مناسبًا.

وعلى عكس ما قال فإن جماعة الإخوان المسلمين منذ تولى الدكتور "محمد مرسى"، رئيس حزب الحرية والعدالة منصبه كرئيس للجمهورية، بحكم غيبوبة عديد من الفئات الشعبية وخيانة بعض النخب الليبرالية، وهى تقترف من السيئات ما لا عدد له ولا حصر!

بل إنه يمكن القول– بكل موضوعية علمية- إن المأزق الذى تمر به البلاد والذى لا سابقة له فى التاريخ المصرى الحديث والمعاصر، ليس إلا نتيجة لأزمة "السيئات" السياسية التى اقترفتها جماعة الإخوان المسلمين فى الفترة الماضية.

ولعلنا لا نبعد كثيرًا عن الصواب لو قلنا أن التدهور الشديد فى الأوضاع السياسية المصرية تعاظم بعد إصدار الرئيس "مرسى" الإعلان الدستورى الديكتاتورى الذى منح فيه لنفسه كل السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، بعد أن حصن قراراته الباطلة فى الماضى والحاضر والمستقبل!

وتخصص الدكتور "مرسى"- وهو تخصص سياسى نادر حقًا- فى إصدار القرارات غير الدستورية التى تنقض عليها محاكم القضاء الإدارى أو المحكمة الدستورية العليا لتصدر أحكامًا قاطعة ببطلانها.

والدكتور "مرسى" تخصص فى إصدار القرارات الباطلة ثم العدول عنها إذا ما صدر حكم قضائى نهائى بشأنها، وحتى لا يبدو أنه يخالف الدستور جهارًا نهارًا، وهو الذى أقسم على احترامه.

وآخر هذه القرارات المعيبة، القرار الجمهورى الذى أصدره بليل ودون استشارة أحد بتحديد موعد لإجراء انتخابات مجلس النواب على 4 مراحل، حتى تتم "كلفتة" الموضوع بأسرع ما يمكن، وحتى غيبته عن الشعب فيتم مشروع التمكين وتتفرع جماعة الإخوان المسلمين للتحكم فى عباد الله باسم مجلس "النواب" وباستخدام سلطات رئيس الجمهورية!

وقد جاء حكم محكمة القضاء الإدارى مؤخرًا بإلغاء قرار رئيس الجمهورية لأنه "انفرد" بإصدار هذا القرار، على عكس ما نص عليه حتى الدستور الذى هيمنت على صياغته الجماعة من ضرورة عرض الموضوع على مجلس الوزراء قبل إصدار القرار، بالإضافة إلى جوانب عوائد أخرى تتعلق بتقسيم الدوائر الانتخابية.

وبناءً على حكم محكمة القضاء الإدارى سيحول القرار إلى المحكمة الدستورية العليا لتفصل فى دستوريته.
وهكذا يمكن القول إن هذا القرار المتعجل الباطل الذى يسعى لكى تستأثر الجماعة بالسلطة المطلقة، مجرد حسنة من الحسنات التى ادعى الدكتور "بديع" المرشد العام أنهم يجمعونها!

ومن طرائف لغة الإخوان تصريح سابق للمرشد العام هاجم فيه الإعلام لأنه يكشف سيئاتهم، ولذلك وصف الإعلاميين بأنهم مثل "سحرة فرعون"!

ما هذه اللغة البدائية التى قد يستخدمها إمام جامع لم يأخذ نصيبًا كبيرًا من التعليم، ولا يجوز أن يستخدم مثلها أستاذ جامعى كان يستطيع– لو أراد- أن يستخدم فى النقد السياسى اللغة التى يستخدمها المثقفون فى كل مكان.

المشكلة الحقيقية الآن- وفق تصريح المرشد أنهم جامعو حسنات- أن العبء على عاتق القضاء بفروعه المختلفة أصبح ثقيلًا، لأنه مطلوب منه أن يقرر فى عديد من الحالات أن هذه "الحسنات" ليست إلا "سيئات"!

رئيس الجمهورية عليه أن يصدر قرارًا جمهوريًا صحيحًا هذه المرة من مادة واحدة تقول: على المستشارين القانونيين لرئاسة الجمهورية قيد أسماءهم من جديد بالسنة الأولى بكلية الحقوق؛ لأنه ثبت يقينًا جهلهم العميق بمبادئ القانون وبأحكام الدستور!
eyassin@ahram.org.eg
الجريدة الرسمية