رئيس التحرير
عصام كامل

خزى أم (أردوغان)!


كان السؤال يشغلنى بشدة، ووجدت الحل في موقع Google، روحت داخل وكاتب "شهادة (رجب طيب أردوغان)" في الواقع كُنت راغبًا في التعرُف على ما يحمله ذلك الشخص من مؤهلات تسمح له بأن يصير رئيسًا لبلاده، والحقيقة فلم يُخيب الموقع الشهير أملى، وكتب لى على الفور: شهادة مُعاملة أطفال!


كيف انتخبه شعبه ليصير رئيسًا لتُركيا؟ وهل الأتراك مجانين؟ بالتأكيد لا يُمكن أن أسمح لنفسى بتوجيه اللوم لهم، ومن المُستحيل تعميم الحُكم أو الوصف عليهم بأنهم مجانين، بالعكس، فلهم الحُرية الكاملة في اختيار مَن يشاءون، فهى أمور داخلية لا ينبغى لنا أبدًا أن نشاركهم فيها، سواء بالرأى أو التعليق!

وعلى الرغم من كونى مواطنًا عاديًا، لا يتقيَّد بقيود الدبلوماسية وعلاقات الدول، إلا أننى راعيت اختيارات الشعب التركى رغم إنهم جايبين واحد مخبول يمثلهم، إلا أن ذلك المخبول وبسبب كونه مخبولًا فلم يُراع أي خصوصيات أو شئون هي من صميم المصريين وبلدهم فحسب، بل أصبح شغله الشاغل هو أنه يزُق ودانه معانا، ومعاها لسانه، وهاتك يا رغى عمَّال على بطَّال زى خالته (بمبة) في كُل حاجة تخُصنا، ولم يكتف بذلك بل شاركنا كمان بقفاه، وكُلما حصُل على المزيد طلب أكثر!

والحقيقة لم يعُد عندى ثمَّة شك في أن الأمر قد يتطوَّر بمخبول تُركيا لكى يتدخَّل في تشكيل مُنتخبنا الوطنى خلال مُبارياته الرسمية والودية، ويمكن كمان يعمل لنا رقابة على Facebook ويقفل لنا Twitter زى ما هو عامل في التكية أو في بلده، وأرجوك لا تحاول فهم حضرته عندما يرفع شعار "الإسلام هو الحل"، ويقفل موقع Twitter، ويسيب في المُقابل بيوت الدعارة مفتوحة، ومش بعيد يروح يفتتح بعضها كمان كمشروعات قومية تُسهم في تنمية اقتصاد بلاده، لكن برضو دى شئون داخلية ملناش دعوة بيها!

للعلم الدستور التُركى ينُص على أن الدولة علمانية، يعنى كُل الضحك على ذقون بعض المصريين الهبل الذي يقوم به (أردوغان) من أجل مصلحة خاصة لحضرته وللجماعة التي لا تستطيع التحكُم في تركيا نفسها، إذ يحميها دستورًا وجيشًا لا يُمكن أن يسمحا بالمساس بعلمانية الدولة هناك، كُل هذا الضحك يقوم به واحد معاه شهادة مُعاملة أطفال، على بعض الأطفال والمُراهقين سياسيًا هنا، لدرجة إنه بينتقد أحكام القضاء المصرى، بينما القضاء في بلاده يقوم بحبس الصحفيين والنساء لمُجرد انتقادهم لحضرته!

فقد سبق أن تمت إحالة (ميرفي بيوكاسراك) ملكة جمال تركيا السابقة للمُحاكمة لمُجرَّد انتقادها لـ(أردوغان)، يعنى المساس بهذا الشخص هناك من النساء ممنوع، ومن الرجال كذلك، وقد يكون مقبولًا من العيال!

ويوم الثلاثاء اللى هو أول إمبارح، كانت آخر أحكام القضاء التُركى لصالح الرئيس المخبول، إذ تم الحُكم بالسجن على (بولند كينيس) رئيس تحرير جريدة (زمان) التركية لمُدة 21 شهرًا مع إيقاف التنفيذ، وذلك لمُجرَّد توجيهه النقد للمخبول التُركى قائلًا إن أم (أردوغان) لو كانت على قيد الحياة الآن، لشعُرت بالخزى بسبب ما فعله بتُركيا!

يعنى الرجُل بينتقد رئيس بلاده بطريقة مُهذَّبة، فلم يمَس أمه بأسلوب خارج عن الأدب، لم يسبها ولم يلعنها، ولم يتهمها بأنها يهودية مثلًا، مثلما يفعل بعض المعاتيه هنا في مصر، رغم أن أحدًا لا يمسَّهم في المُقابل، ولو تم المساس بهم، لرأينا المخبول التُركى يدس أنفه بيننا مُنتقدًا ما سيسميه بغياب الحُريات، بينما تقوم شُرطته بسحل وقتل المُتظاهرين في بلاده، ويقوم ابنه بنهب المال العام في قضايا فساد مُتعددة تتحدث عنها تركيا لا نحن!

طيب لما صحفى تركى ينتقد ما فعله (أردوغان) ببلاده، وأرجوك لا تقل لى إنه عمل كبارى جديدة، أو بنى مصانع كتيرة، أو فتح بيوت دعارة فيها خدمة أفضل، فلست أنا الحكم، ولا أنت، ولكن هذا رجُل تركى ينتقد رئيس بلاده، وبالتأكيد هو يعرف الإنجازات والإخفاقات هناك أكتر منا، ولمَّا يقول إن أم (أردوغان) كانت ستشعر بالخزى بسبب ابنها، فهو انتقاد مرير وصادق، لم يكُن لنا أن نتدخَّل فيه لو احترم المخزى على عينه نفسه، وكَفّ عن التدخُل في شئوننا، لكن تقول لمين، وفى بلدنا بعض المعاتيه اللى بيصدَّقوه!

للعلم ليست هذه هي المرَّة الأولى التي يُحكم على صحفى بالسجن بسبب انتقاده لـ(أردوغان)، فقد تعرَّض بعض رسامى الكاريكاتير لأحكام بالسجن أيضًا بعد انتقادهم للمخبول التُركى، يمكن غلطوا وهما بيرسموه، ولم يمنحوا البدلة حقها، أو عملوا الكرافتة معووجة، أو المنديل اللى قد الفوطة ده مش تمام، مش فاكر، لكن المُهم أن مُجرَّد انتقاد رئيس تركيا هناك يزج بصاحب الرأى للسجن، فما بالك بجماعة هنا، قتلت الآلاف، وخانت وباعت الوطن، ولما يتحكم على قادتها بالإعدام يقوم يطلع علينا (أردوغان) ينتقد الحُكم، طيب الحمد لله إن (بولند كينيس) اتحكم عليه، وإلا كان عرَّفنا أم (أردوغان) هتشعر بإيه من الانتقاد ده راخر!
الجريدة الرسمية