رئيس التحرير
عصام كامل

صلاح حافظ يكتب.. طعام الشعب ورمضانه

الكاتب صلاح حافظ
الكاتب صلاح حافظ
18 حجم الخط

فى مجلة صباح الخير عام 1985 كتب صلاح حافظ مقالا بمناسبة رمضان يقول فيه: حتى الطعام أصبح فى مصر ذنبا يلام عليه الشعب المسكين.. كل من هب ودب وأمسك بسن قلم يتهم المصريين بأنهم حولوا شهر الصوم إلى شهر احتفاء بالطعام.


ودعاة الورع يتبارون فى تأنيبنا على الانشغال باللحم والكنافة بدلا من الانشغال بالعبادة.. وحكماء الاقتصاد يتندرون بما تنفقه الحكومة على تموين الشهر الكريم، وهى فى حاجة إلى كل مليم لإنجاز مشاريع أكثر حيوية.

ويسمع الشعب هذا كله فتكاد تقف اللقمة فى حلقه، ولا تسعفه غير برامج التليفزيون، فليس صحيحا أن الشعب المصرى يحتفي بالطعام فى رمضان، إنما الصحيح أن كافة الشعوب فى كافة الأزمنة تحتفل بالمناسبات الدينية وغير الدينية على طعام.

فكان المسلمون الأوائل يحتفلون بالنصر فى المعارك على طعام، ويحتفلون بالزواج على طعام، وكفارة الذنوب فى صحيح الشرع الإسلامى طعام، ونذبح فى عيد الأضحى، والحاج يذبح فى الحج.

وفى عصرنا الحديث -عصر الذَّرة- لم يفقد الطعام صفته كمظهر احتفال، فلا خطوبة بغير شربات، ولا زفاف بغير بوفيه، وأول ما تسمع عند زيارة بيت ريفى صيحات الدجاج التى ستذبح احتفالا بقدومك.

إذن الاحتفال بالطعام فى المناسبات فطرة بشرية، صحيح أن هذا الاحتفاء يتجاوز الحد فى رمضان ما يتناقض مع المناسبة التى هى شهر امتناع عن الطعام، فالناس يعدون مائدة الإفطار وهم صائمون، والجائع لا حدود لشهوته، وهذه طبيعة.

أما دعاة الورع وتأنيبهم للمصريين بالانشغال عن العبادة، فليس فى الإسلام تناقض بين الطعام والعبادة، صحيح هناك زهاد ومتصوفون، نماذج للانصراف عن متاع الدنيا، لكن ليس على كل المسلمين أن يكونوا زهادا، فهناك الحض على العمل، والعامل الذى يتقن عمله أفضل عند الله من الخامل، ولو صام الدهر كله، والعمل يلزمه الطعام، ولو تحول الناس جميعا إلى نساك فى رمضان لتوقفت الحياة.

أيها السادة دعوا الشعب فى حاله، ولا تنغصوا عليه صيامه وطعامه واحتفاءه برمضان، فهو الذى يصوم، وهو الذى يأكل، وهو الذى يدفع، والله تعالى قد اختار الصوم من كافة العبادات ليكون له وحده.
الجريدة الرسمية