رئيس التحرير
عصام كامل

الحرافيش للحكومة: ارحموا دموعنا


“ماحيلتيش غير قلم”.. هكذا وجدت لسان حالى ينطق عندما عدت لقراءة رسائل أصدقائى الحرافيش هذا الأسبوع.. أنات، آهات.. شكوى.. طلبات موجهة مباشرة لوزراء حكومة النوم في العسل.. والمطلوب منى أن أجد لها حلولا.. لكننى في الواقع ماحيلتيش غير قلم.. به انقل شكواهم للمسئولين كى يحققوا فيها ويعملون على إيجاد الحلول.. ولأن تلك المساحة لا تتسع إلا لرسالة واحدة.. فقد اخترت تلك الرسالة التي وصلتنى ضمن رسائل كثيرة لأنقلها لكم في السطور القادمة دون حذف أو إضافة:


عزيزى الحرفوشى الكبير.. تحية طيبة وبعد
أنا واحدة من أبناء هذا الوطن الذين فرحوا وهللوا وخرجو للشوارع في 30 يونيو يطالبون بعودة الوطن لأصحابه بعد أن كاد أن يُختطف.. خرجت مع أسرتى الصغيرة المكونة من زوجى وأبنائى الثلاثة، وهم ولد وبنتان أكبرهم في الشهادة الإعدادية وأصغرهم في الحضانة وأوسطهم في الصف الخامس الابتدائي.
يومها كنا فرحين نحمل الإعلام نراقصها في الهواء نسلم بها على براح مصر الذي سيشملنا جميعًا ونعلن تفويضنا للقائد عبد الفتاح السيسي كى يعيد لنا نسيم الوطن من جديد.. وعاد.. أو كنا نظنه قد عاد.. لكن يبدو أن حظى العسر أنا وأبنائى منعنا من مواصلة الفرح حيث اصطدمت السيارة “التاكسى” التي يعمل عليها زوجى بسيارة نقل في حادث فظيع نُقل خلاله إلى المستشفى مصابًا بارتجاج في المخ وكسور عديدة أدت إلى تقاعده على كرسى متحرك، أصبح زوجى يقضى يومه وفى آخر الليل يتوكأ على كتفى ليلقى بجسده على السرير.. مر على هذا الحال نحو عامين أنفقنا خلالهما كل ما نملك.. ولأن زوجى ليس مؤمنًا عليه وليس مدونًا على قائمة التأمين الصحى باعتباره لا يعمل بالحكومة كنا نستجدى العلاج ومازلنا.. استنفذنا كل الحيل لنجد رعاية من مصر التي فرحنا بعودتها لكن لم تسفر حيلنا إلا على معاش الضمان الاجتماعى لزوجى القعيد 400 جنيه فقط لا غير.
اضطررت للموافقة على عرض أحد جيراننا لخروج ابنى للعمل في ورشة سيارات أثناء إجازته الدراسية وكان يتقاضى عشرين جنيهًا كأجر يومى _يعنى 600 جنيه في الشهر_ حتى جاء موعد الدراسة وهنا كانت الأزمة.

فكيف يترك ابنى العمل في الورشة في حين أن ما يحصل عليه من أجر هو الذي نعيش به أنا وإخوته ووالده القعيد ؟!
لم تكن هناك إجابة تلوح في الأفق سوى الاستسلام للأمر الواقع واستمرار ابنى في العمل بالورشة.. ورضخ ابنى للأمر بكامل إرادته باعتباره الأكبر بين أشقائه وكذلك رضخ زوجى وأنا والجميع.
الحياة ياسيدى باتت صعبة “ماسخة”.. شقاء وعناء وهم وغم يحيط بى كل صباح عندما أوقظ ابنى كى يذهب للورشة بدلا من أن أوقظه كى يذهب للمدرسة.
عناء وشقاء كلما أخذت زوجى في حضنى كى أمدده على سرير المرض بدلا من أن تحتوينى ذراعاه
عناء وشقاء كل أول شهر عندما يأتى صاحب العمارة كى يحصل على معاش زوجى كاملا قيمة الإيجار
عناء وشقاء كلما شاهدت وجهى الشاحب في المرآة وأنا ابنة الخامسة والثلاثين
عناء وشقاء كلما تسللت يدى آخر كل ليلة إلى خدى لتمسح من فوقه دمعة أصبحت هي كل ما أملكه في تلك الليالى القاحلة.. نعم أنا لا أملك سوى دمعتى التي أخط لك بها تلك الرسالة متمنية أن تقرأها بقلبك ثم تنشرها موجهة للحكومة تحت عنوان “ارحموا دموعنا” فنحن مثلكم مواطنون.
أنا ياسيدى لا أريد منهم سوى أن يمنحونى وظيفة حكومية تعيننى على الإنفاق على أسرتى بحيث يعود ابنى المسكين لدراسته لأن من هي في مثل سنى وفى مثل حالتى إذا ما عملت في سوبر ماركت أو محل ملابس فهى بالطبع ستكون مطمعًا خاصة عندما يكون زوجها في هذا الحال.. فقل لهم ياسيدى أن أعينونى على العفة التي أبتغيها وحتى لا أطيل عليك لا يسعنى إلا أن أقول لك “أعانكم الله علينا وعلى المسئولين”... والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته!
الجريدة الرسمية