«لما رغيف التموين بياكلوه البهايم.. أعرف إن فيه أزمة»
أنا أنتمي إلى أصول ريفية فقد نشأت وتربيت أثناء دراستي قبل الجامعية في بلدتي التابعة لمركز السنبلاوين محافظة الدقهلية وكنت وأهل القرية والقرى المجاورة نعيش على ما تنتجه الأرض من قمح أو فول أو أرز وخلافة فقد كنا نأكل الخبز طريا طازجا بنار الفرن البلدي مثل العيش البط أو الرقاق أو المصنوع أو الرحالي ( الصنفين الأخيرين قد لا يسمع عنهم الجيل الحالي ) وكان طعم البط والفراخ لا مثيل له حيث كان يطهى على الكانون الذي لا يعرفه الكثير اليوم، وكنت تمشي في شوارع القرية فتشم روائح الطعام التي تفوح من البيوت، بل كنا لا نأكل الخبز الفينو إلا إذا نزل أحد أفراد العائلة للمدينة، وكان أهل الريف زمان عندما يرون شابا فيه ليونة وطراوة يقولون ( أصله بياكل عيش فينو ) وكأن أكل الفينو سبة وقتها.
في نفس الوقت لم نكن نسمع عن الأمراض التي تنتشر اليوم وكل ما كان يعاني منه أهل الريف هو مرض البلهاريسيا اللعين
كنا لا نحتاج إلى البندر إلا في الأمور الضرورية جدا والتي لم تكن وقتها متوفرة في القرية مثل العرض على الأطباء أو إنهاء بعض الأوراق الرسمية كشهادات الميلاد أو البطاقات الشخصية أو الاحتياج إلى إصلاح آلات أو ما شابه ذلك.
زهلت مما رأيته في الفترة الأخيرة من اعتماد أهل الريف على ما لا تنتجه أيديهم فقد استبدلوا الجبن القريش بالجبن المعلب واللحم البلدي الطازج باللحم المجمد والسمن البلدي بالسمن الصناعي بل إن بعض البيوت تبيع ألبان مواشيها وتشتري به علفا، وغزت البيوت برطمانات المربى وأكواز اللانشون وغيره وهذا لا اعتراض عليه.
ما أفزعني هو اعتماد أهل الريف على الخبز المدعم الذي يشترونه بخمس قروش للرغيف وبحكم اختلاطي بأهل الريف فإن الغالبية العظمى لا تأكل هذا الخبز وإنما يتحول إلى علف للمواشي والطيور لرخص سعره من ناحية ومن ناحية أخرى ارتفاع أسعار الأعلاف وقد وصل الحال ببعضهم إلى ترك زراعة القمح أو زراعة مساحة صغيرة وبهذا الإجراء جعلت الحكومة أهل الريف يزاحمون أهل المدن في رغيف العيش ومعلوم أن الدولة تستورد سنويا ملايين الأطنان من القمح لسد جوعة هؤلاء الناس.
لحل هذه المشكلة اقترح على الحكومة الآتي:
1 ـ حصر الأسر الريفية التي ليس لديها أرض زراعية أو مساحة صغيرة لا تكفي حاجتها وهذه الأسر هي التي تستفيد من هذا الدعم.
2 ـ يصرف لهذه الأسر حسب تعداد الأفراد دقيقا يعادل وزن 150 رغيفا للفرد في الشهر من البقال التمويني حتى نضمن وصول الدعم لمستحقيه على أن يقون الفلاح بالتصرف في حصته بصناعة الخبز أو الفطير أو ما شابه ذلك
3 ـ لا يتمتع بهذه الميزة كل من لديه مساحة زراعية تكفيه وأسرته
4 ـ لن تؤثر هذه المنظومة على القمح المورد للشون بل سوف تزداد المساحة المزروعة قمحا
