رئيس التحرير
عصام كامل

فتش عن العم سام !


يخطئ من يظن أن أمريكا لديها حسن نية في أي تصريح تطلقه إدارتها من الرئيس حتى المتحدث الرسمي باسم الخارجية الأمريكية تجاه العرب ومنطقة الشرق الأوسط عمومًا !!


ويخطئ من يظن أن أمريكا صادقة النية وعاقدة العزم على القضاء على الإرهاب الذي صنعته في العالم بدءًا من تنظيم القاعدة –الذي أغدقت عليه الأموال وأمدته بالسلاح وأطلقت على عناصره لقب المجاهدين، بينما كانوا يحاربون الروس وبعد انتهاء دورهم انقلب السحر على الساحر وهدد التنظيم مصالحها وصار خطرًا عليها، فقررت تقليم أظافره فقط ولم تقض عليه لحاجة في نفسها– وصولا إلى تنظيم داعش الإرهابي !

ويخطئ من يعتقد أن دعوة أمريكا الآن لبناء تحالف دولي من40 دولة هو للقضاء على تنظيم داعش الذي صنعته أيضا بالمنطقة واعتبرته حلقة من حلقات وأدوات تنفيذ المخطط الكبير لتقسيم المنطقة، حيث صرحت بأنها ستحاول إضعافه فقط تمهيدًا للقضاء عليه في غضون 3 سنوات، في الوقت الذي لم تقض فيه – بإرادتها – على تنظيم القاعدة بعد مرور 13 عامًا على حربها في أفغانستان ضد القاعدة !!

ويخطئ من يتفاءل من شكل العلاقة الآن بين مصر وأمريكا وهي تتحدث بلغة ولهجة مختلفة عن ذي قبل وأنها قد عادت إلى رشدها واستردت صوابها الذي طار في 30 يونيو، وأنها أدركت خطأها لذلك تعيد إصلاح ما أفسدته الرؤية السابقة وتعترف بما قامت به مصر وبما تواجهه من إرهاب !!

ويخطئ من يرى أن أمريكا قد غضت الطرف عن اللكمة التي تلقتها من مصر شعبا وقيادة بعد 3 يوليو المشهود والتي أجهضت مخطط التقسيم الذي تتبناه إستراتيجية أمريكية غربية للسيطرة على المنطقة بدون قوات عسكرية تقليدية لتتحكم في ثروة وجغرافية المنطقة بأسرها !

ويخطئ من يظن أن أمريكا نسيت الصفعة الثانية التي طالتها من روسيا عندما أوقفت ضربتها العسكرية على سوريا وأفشلت تحركها لإحراز نصر وإسقاط بقايا الجيش السوري الصامد حتى الآن !

الحكاية باختصار ومن غير لف ودوران أن مواجهة داعش بتحالف دولي في المنطقة هي فصل جديد من فصول تقسيم المنطقة وصورة حديثة لاتفاقية (سيكس بيكو) لتقسيم المنطقة إلى دويلات صغيرة لا تملك الحدود الدنيا للحياة لتظل تحت رعاية الدول الكبرى وتحت وصايتها، وتظل دائما في منطقة الخطر ودوائر الإرهاب، وتظل كذلك تدفع من عوائد ثرواتها فواتير الحماية والحروب عندما يلزم الأمر !

أمريكا تحركت ضد "داعش" عندما هددت مصالحها في المنطقة الكردية الغنية بالنفط والثروة في شمال العراق، وعندما تم نحر اثنين من رعاياها أمام العالم وهي الدولة العظمي التي لا تنطفئ لها نار ولا يهدأ بسببها غبار !! ولو أرادت أمريكا من البداية مواجهة حقيقية مع التنظيم الإرهابي الذي صنعته أو سمحت بصناعته لفعلت، ولو أرادت إضعافه لحاصرته ومنعت عنه المال والسلاح، وطلبت من تركيا عضو الناتو فعل ذلك ومنع تهريب السلاح والأفراد والمال إليه دون الحاجة لتحالف من 40 دولة لن يقتل لهم جندي واحد في هذه المواجهة !

الهدف الرئيسي سوريا، وأمريكا تسعي لذلك بقوة لترد الصفعة لروسيا.. الهدف القضاء على كامل الجيش السوري ليبقي فقط ما يسمي بالجيش الحر الذي يدين بالولاء لأمريكا التي تدعمه بالمال والسلاح.. الهدف تقسيم سوريا إلى ثلاث دول ولبنان إلى مثلهم !

أمريكا تضرب عشرات العصافير بحجر واحد.. العرب يقتلون العرب.. المسلمون يقتلون المسيحيين.. الأنظمة العربية عاجزة عن التصدي.. الدول العربية تسقط نفسها بنفسها (نجاح الجيل الرابع للحروب).. ثروات المنطقة تذهب لمصانع السلاح الغربية.. خطط التنمية العربية تتعثر.. تزداد البطالة.. يزداد الاحتقان.. تندلع التظاهرات والاحتجاجات.. يعود التطرف والإرهاب للظهور من جديد!!

أمريكا لن تتنازل عن تنفيذ المخطط الذي أفشلته مصر وفي سبيل ذلك ليس لديها مانع من التحالف مع شياطين العالم وهي الشيطان الأكبر، الهدف الأخير أن تعيش إسرائيل في الطوق النظيف.. جيران بلا جيوش ودول لا تملك حماية نفسها.. وهذا لن يكون بإذن الله ومصر على الخريطة.
الجريدة الرسمية