رئيس التحرير
عصام كامل

طيب هوه إيه الفرق بين جلال عارف وصفوت الشريف


أضيف عليهما الأستاذ أحمد فهمي رئيس مجلس الشورى ورئيس المجلس الأعلى للصحافة في عهد الإخوان. والثاني هو الأستاذ جلال عارف الرئيس الحالي للمجلس. والثالث هو صفوت الشريف الذي كان يتولى ذات الموقع بحكم رئاسته لمجلس الشورى في عهد الرئيس الأسبق مبارك. والسؤال الآن ما هو الفرق بينهم في الأداء مع كامل الاحترام لهم جميعًا؟

الحقيقة أنه لا فرق. فجميعهم سخروا هذا المجلس لصالح توجهاتهم السياسية. أو للدقة لصالح النظام الحاكم. فصفوت الشريف كان يفعل ذلك. فكان معيار اختيار رؤساء تحرير المؤسسات الصحفية القومية هو الولاء لنظام مبارك. وفي عهد الإخوان قدموا آلية تبدو ديمقراطية، وهي أن يتقدم من يريد وهناك لجنة تختار.. لكن لم يمر منها إلا من كان مواليًا لهم أو على الأقل ينوي تقديم الولاء.. هذا ما يحدث الآن.. فاختيارات رؤساء تحرير الصحف القومية الأخيرة تخضع لذات المعيار وهو الولاء للنظام الحاكم الآن.. وحتى إذا كان قد فلت اسم هنا أو هناك فهو يعرف تمامًا أن استمراره مرهون بهذا الولاء.. فمن يملك سلطة التعيين يملك سلطة الإقالة. هذا حدث مع الأستاذ جمال عبد الرحيم رئيس تحرير الجمهورية الأسبق.

لعل القارئ الكريم يتذكر في أعقاب الإطاحة بالإخوان.. الصياح بضرورة إجراء التغييرات في المؤسسات الصحفية القومية، وكان أصحاب هذه المطالبات اللحوحة حجتهم أنهم إخوان أو متعاطفون أو أن الذين اختاروهم هم الإخوان.

في مثل هذا المناخ أو الآليات في الاختيار، طبيعي أن تحدث ملاسنات وطبيعي أن تجد انحيازات سياسية أو حتى شخصية أو مصلحية. والأمر هنا أيضًا لا يتعلق بالأشخاص. فهذا المجلس يضم مثلًا الأستاذ صلاح عيسى، وهو من الذين تعلمت منهم الكثير.. لكن الآليات أقوى من الأشخاص مهما كانوا.. ثم أنه ليس منطقيًا أن تمكنك الآليات من اختيار من هو على هواك سياسيًا أو حتى شخصيًا ولا تفعل.

لقد كتبت بعد ثورة يناير منتقدًا الإلحاح الفظيع للإطاحة بالأستاذ أسامة سرايا رئيس تحرير الأهرام لأنه محسوب بالطبع على نظام مبارك. وقلت إن الأهم هو تغيير آليات اختيار رئيس تحرير الأهرام حتى يكون مستقلًا تمامًا عن كل سلطات الدولة ومن ثم يستطيع العمل بحرية ويستطيع أيضًا أن يعيد الأهرام إلى مالكها الحقيقي وهو الشعب المصري وليس السلطة الحاكمة.. فالصحافة دورها أن تخبر المجتمع بما يحدث، أي إنها عين المجتمع على كل شىء، بما فيها مؤسساته، وعلى رأسها السلطة التنفيذية. فكيف يمكنك مراقبة من بيده تعيينك وإقالتك؟!

المحزن هو أن كل أعضاء المجلس الأعلى للصحافة الآن، وعلى رأسهم الأستاذ جلال عارف الرئيس الحالي، كانوا ينادون ويطالبون ليل نهار في كل العهود بأن يكون هذا المجلس مستقلًا تمامًا مثل الدول الديمقراطية المحترمة.. وأن تصبح المؤسسات الصحفية المملوكة للشعب مستقلة تمامًا عن السلطة التنفيذية، أي الحكومة، بل وعن كل سلطات الدولة. وطالب منهم كثيرون بأن نطبق النموذج البريطاني في البي بي سي. أو النموذج الألماني أو الدينماركي أو الكندي.

كل هذا منشور ومسجل ومصور.. لكن بمجرد الجلوس على الكراسي هناك شيء ما يتغير.. وكأن القضية الأساسية، وأتمنى أن أكون مخطئًا، ليست بناء صحافة حرة ولا مؤسسات مستقلة.. لكن أن يحلوا هم محل رجال مبارك ومن بعدهم رجال الإخوان. يبدو كصراع على السلطة لا أكثر ولا أقل. أي ازيحك لأجلس مكانك.

حزين لأنني أقول ذلك، لكن أتمنى من الله جل علاه، أن يعود زملائي وأساتذتي في المجلس الأعلى للصحافة إلى ما كانوا يقولونه في عهد مبارك والإخوان ويطبقوه. لقد صدقناهم.. وهتف كثيرون وراءهم.. وحملوهم إلى كراسي في نقابة الصحفيين وفي المؤسسات الصحفية..لا أظنهم يريدون أن تلاحقهم لعنات كل من صدقوهم. 
الجريدة الرسمية