أسباب الأكل العاطفي وطرق مواجهته والتحكم فيه
يُعدّ الأكل العاطفي من أكثر السلوكيات الغذائية انتشارًا بين النساء والرجال على حد سواء، لكنه يظهر بشكل أوضح لدى النساء نتيجة الضغوط النفسية المتراكمة وتعدد الأدوار الحياتية.
كثيرًا ما نلجأ للطعام ليس بدافع الجوع الحقيقي، بل كوسيلة للهروب من مشاعر مزعجة مثل الحزن، القلق، الوحدة، الغضب أو حتى الملل.
أوضحت الدكتورة هدى مدحت أخصائية التغذية العلاجية، أن الأكل العاطفي ليس ضعفًا في الإرادة، بل رسالة من النفس تحتاج للفهم والاحتواء. كلما اقتربتِ من مشاعرك وتصالحتِ معها، قلّ احتياجك لاستخدام الطعام كوسيلة هروب.
أضافت الدكتورة هدى، أن التعامل بلطف مع النفس هو أول خطوة حقيقية نحو علاقة متوازنة مع الأكل والجسد، والتحكم في الأكل العاطفي رحلة وعي وتدريج، وليست قرارًا مفاجئًا. ومع كل خطوة صغيرة، أنتِ أقرب لحياة صحية أكثر هدوءًا وتوازنًا.
في هذا التقرير تناقش الدكتورة هدى، مفهوم الأكل العاطفي، أسبابه النفسية والسلوكية، تأثيره على الصحة، وأهم الطرق العملية للتحكم فيه بوعي وبدون قسوة على النفس.
ما هو الأكل العاطفي؟
الأكل العاطفي هو تناول الطعام كرد فعل لمشاعر داخلية وليس استجابة لحاجة الجسم الفعلية للطاقة.
في هذه الحالة يكون الطعام بمثابة “مسكّن مؤقت” للمشاعر السلبية، حيث يمنح إحساسًا سريعًا بالراحة أو المتعة، لكنه لا يحل المشكلة من جذورها.
غالبًا ما يرتبط الأكل العاطفي بأطعمة عالية السعرات مثل الحلويات، المخبوزات، الوجبات السريعة، أو الأطعمة الغنية بالسكر والدهون، لأنها تحفّز إفراز هرمونات السعادة بشكل سريع.
الفرق بين الجوع الحقيقي والجوع العاطفي
من المهم التمييز بين نوعي الجوع حتى نتمكن من التعامل مع الأكل العاطفي بوعي:
الجوع الحقيقي يظهر تدريجيًا، ويمكن إشباعه بأي نوع من الطعام، ويتوقف عند الشعور بالامتلاء.
الجوع العاطفي يظهر فجأة، ويكون مصحوبًا برغبة شديدة في نوع محدد من الطعام، وغالبًا يستمر حتى بعد الامتلاء، ويتبعه شعور بالذنب أو الندم.

أسباب الأكل العاطفي
تتعدد أسباب الأكل العاطفي، وغالبًا ما تكون متشابكة بين عوامل نفسية وسلوكية واجتماعية، من أبرزها:
1. الضغوط النفسية والتوتر
عند التعرض للضغط، يفرز الجسم هرمون الكورتيزول، الذي يزيد الشهية خاصة للأطعمة الغنية بالسكر والدهون. الطعام هنا يصبح وسيلة سريعة لتخفيف التوتر.
2. الكبت العاطفي
عدم التعبير عن المشاعر أو تجاهلها يؤدي إلى البحث عن بدائل للتنفيس، والطعام يكون الخيار الأسهل والأكثر توفرًا.
3. العادات المكتسبة منذ الطفولة
ربط الطعام بالمكافأة أو المواساة منذ الصغر، مثل إعطاء الطفل حلوى عند البكاء، يزرع فكرة أن الطعام وسيلة للراحة العاطفية.
4. الحرمان الغذائي والأنظمة القاسية
اتباع دايت صارم لفترات طويلة يزيد من احتمالية نوبات الأكل العاطفي، لأن الجسم والعقل يشعران بالحرمان فيبحثان عن تعويض مفاجئ.
5. الشعور بالوحدة أو الفراغ
في لحظات الملل أو الوحدة، قد يتحول الأكل إلى نشاط يملأ الوقت ويمنح إحساسًا مؤقتًا بالانشغال أو المتعة.

تأثير الأكل العاطفي على الصحة
رغم أن الأكل العاطفي قد يمنح راحة مؤقتة، إلا أن آثاره السلبية تظهر على المدى القريب والبعيد:
زيادة الوزن وصعوبة فقدانه.
اضطرابات في الهضم وسكر الدم.
شعور دائم بالذنب وتأنيب الضمير.
تراجع الثقة بالنفس والصورة الذاتية.
الدخول في دائرة مغلقة من المشاعر السلبية والأكل الزائد.
كيف تتحكمي في الأكل العاطفي؟
التحكم في الأكل العاطفي لا يعني حرمان النفس أو محاربة الطعام، بل فهم المشاعر وبناء علاقة صحية مع الأكل. إليك خطوات عملية تساعدك على ذلك:
1. توقفي واسألي نفسك
قبل تناول الطعام، خذي لحظة واسألي:
هل أنا جائعة جسديًا أم متوترة أو حزينة؟
هذا السؤال البسيط يخلق وعيًا يفصل بين الحاجة الحقيقية ورد الفعل العاطفي.
2. تعرّفي على محفزاتك العاطفية
دوّني المواقف أو المشاعر التي تدفعك للأكل بدون جوع. مع الوقت ستلاحظين أنماطًا متكررة، ما يسهل التعامل معها ببدائل صحية.
3. ابحثي عن بدائل للتنفيس
بدلًا من اللجوء للطعام، جربي:
المشي أو التمدد الخفيف.
كتابة ما تشعرين به.
مكالمة صديقة قريبة.
تمارين التنفس العميق أو التأمل.
هذه الوسائل تساعد على تهدئة المشاعر دون إيذاء الجسد.
4. كلي بوعي وليس بذنب
عندما تختارين تناول طعام تحبينه، تناولي بوعي واستمتاع، بدون جلد للذات. الشعور بالذنب يزيد احتمالية تكرار الأكل العاطفي.
5. نظمي وجباتك
الانتظام في الوجبات المتوازنة يقلل نوبات الجوع المفاجئ ويحدّ من الانجراف وراء الأكل العاطفي.
6. اهتمي بصحتك النفسية
الأكل العاطفي غالبًا عرض لمشكلة أعمق. الاهتمام بالنوم الجيد، تقليل التوتر، وطلب الدعم النفسي عند الحاجة خطوات أساسية للعلاج.