رئيس التحرير
عصام كامل

الناجون من النار.. روايات أقباط سيناء النازحين إلى الإسماعيلية «تقرير»

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

لا تتوقف الميكروباصات عن الوصول لمحافظة الإسماعيلية حاملة بداخلها العديد من أسر أقباط سيناء الذي نزحوا من بلادهم تاركين خلف ظهورهم كل ممتلكاتهم، حيث لا يحملون إلا حقيبة بها ملابسهم وأوجاع وهموم وقلق الاغتراب داخل وطنهم.


سوريا والعراق والعريش
يرى «عادل شكري» مدرس لغة فرنسية أحد النازحين من شمال سيناء، أن الوضع في العريش لا يختلف كثيرا عما يشاهدونه ويسمعونه في سوريا والعراق، فالقتل والدماء تملأ الشوارع، وأصبح ذبح الأقباط هو «الحلال»، حسب ما تروجه الجماعات الإرهابية.

«الأقباط الحلقة الأضعف في المجتمع»، هكذا برر «شكري» استهداف الجماعات الإرهابية للأقباط في العريش، مشيرا إلى أن استهداف الشرطة والجيش لم يعد يحدث صدى، فكان الأقباط سبيل الإرهابيين الوحيد ليشعر بهم العالم، حيث كانت البداية باقتحام «محل بقالة» مملوكا لأحد الأقباط، ومن ثم قتله والتمثيل بجثته في الشارع وإلقاء «أكياس الشيبسي» فوقها.

أكد أن أوصاف الإرهابيين ولهجتهم تشير إلى أنهم غير مصريين، وأغلبهم دون العشرين عاما، وظهر ذلك جليا خلال قتلهم «مدرسا» داخل سوق العريش على مرأى ومسمع من 3 آلاف شخص، مؤكدا «أن سيناء لم تعد آمنة».

دعوة وزيرة التضامن
وعن وعود الدكتورة غادة والي وزير التضامن الاجتماعي للأقباط النازحين من العريش إلى الإسماعيلية، قال «شكري»: إن «غادة والي» التقت فقط موظفي الشئون الاجتماعية وليس أقباط سيناء، أما وعودها بأنهم سيعودون إلى منازلهم خلال 4 أيام، فهذا لا يعقل فالذي لم يستطع التغلب على الإرهاب طوال 5 سنوات، هل سيقضي عليه في 4 أيام.

ووجهت نورهان دميان دعوة لوزيرة التضامن أن تذهب إلى سيناء وتعيش معاناتهم هناك وتسمع طلقات النيران يوميا، قبل أن تعدهم بالعودة مرة أخرى.

الدفن ممنوع لشهداء الأقباط
أشارت نورهان لـ"فيتو" إلى أنها رأت الموت بأعينها في سيناء وأنها شاهدت الجماعات الإرهابية وهي تُصفي ضباط الجيش والشرطة، والآن يعملون على تصفية الأقباط.

كنيسة ماري جرجس
وأرجعت نورهان سبب استهداف الإرهاب للأقباط هو إعادة بناء كنيسة ماري جرجس والتي حرقها الإرهابيون سابقا، وحينما همَّ الأقباط بإعادة ترميمها بدءوا يقتلونهم، مشيرة إلى أن الأقباط حتى وقت الموت لا يجدون الراحة، فأصبحوا لا يستطيعون دفن موتاهم؛ بسبب عدم وجود مقابر لهم، وكان يتم تخصيص جزء لهم وسط مقابر المسلمين، وبعد امتلاء هذا الجزء بالموتى أصبحوا يدفنون قتلاهم إما في بلادهم الأصلية في الصعيد أو في المحافظات القريبة لهم مثل القنطرة في الإسماعيلية.

استغاثات كاذبة
برر أسامة شحاتة أحد الأقباط النازحين، عدم قدرة الأمن على نجدة الأقباط، أن الجماعات الإرهابية كانت تبلغ الأمن ببلاغات كاذبة، وعند تحرك قوات الأمن يفاجئوا بكمين لتصفيتهم، مما جعل الأمن حين يتلقي استغاثة في حيرة إذا كان كمينًا أم إنها استغاثة حقيقية، مما جعل الأقباط في غياب الأمن فريسة سهلة للإرهاب.

الموت أو الهروب
«منذ 15 يوما، لم يكن الوضع هكذا، وفجأة وجد الأقباط أنفسهم بين أن يموتوا في سيناء، أو يتركوا بلادهم»، هكذا قال رفعت شكري، أحد الأقباط النازحين من سيناء إلى الإسماعيلية.

أضاف شكري: "قرابة 30 أسرة مسيحية تركت سيناء هربا من الموت، واستغلها الإرهابيون ليرفعوا الأعلام والرايات السوداء على منازلهم، بعد أن يقوموا بنهبها، مشيرًا إلى أن الإرهابيين يعلمون بيوت الأقباط، ويقتحمونها في أي وقت، ليقتلوا كل من فيها، ثم يحرقونها، ويحرقون الجثث بداخلها، في الوقت الذي يتحرك فيه الأمن ببطء؛ لنجدة استغاثات الأقباط".

وروى أن الإرهابيين يرتدون ملابس مموهة وأقنعة على وجوههم وأحذية تشبه البيادة العسكرية، ويطرقون المنازل على أنهم من قوات الأمن، وعقب فتح الباب يسألون الشخص عن اسمه وإذا ظهر أنه قبطي يقتلونه في الحال ويحرقون منزله بعد سرقته.

حوادث بشعة
وتابع: "الإرهابيون اقتحموا منزل رجل وسألوه عن اسمه وبعدما تبين أنه قبطي قتلوه، وحرقوا جثته، ثم سكبوا البنزين على نجله المعاق وأحرقوا المنزل أمام زوجته وسط صرخاتها، ولم يستطع أحد نجدتهم".

رحلة النزوح
أوضح سمير شكري، أن الأقباط مع بداية التهديدات تم منعهم من الخروج للشارع، فباعوا بعض أثاث منازلهم حتى يتمكنوا من الحصول على الطعام والشراب والإنفاق على أطفالهم، حتى جاءت الأوقات التي يقتحم فيها الإرهابيون المنازل على الأقباط، فقرروا الفرار من العريش.

وأضاف عادل البباوي، أحد تجار بالعريش، أن اسمه كان على قوائم الموت التي أعلنتها الجماعات الإرهابية وتضم 40 قبطيا وأسرهم، ولكن لأنه يوجد بجوار كمين للجيش فلم يتمكن الإرهابيون من قتله، مشيرا إلى أن جاره المسلم رفض أن يتركه، فقرر أن يسير معه من العريش حتى الإسماعيلية، لكي يدافع عنهم إذا اعترض طريقهم الجماعات الإرهابية.

أطفال يحلمون بالعودة
قالت الطفلة «مريم»، 7 سنوات: إنها تركت العريش؛ لأن الإرهابيين يقتلون الناس ويخطفون الأطفال من الشوارع، مضيفة أنها تخاف أن ترجع للعريش مرة أخرى بسبب الإرهابيين.

وأضافت الطفلة «نجاة»: أن الجماعات الإرهابية تدخل المنزل، وتقتلهم، وهي تخشى على حياتها من رجوع العريش مرة أخرى.

أما الطفل توني، الذي يدرس في الصف الثالث الابتدائي، وعمره 9 سنوات، فهو يأمل أن يرجع إلى العريش من أجل الامتحانات، حيث قال: إنه طالب متفوق، ولكنه يخشى من الجماعات الإرهابية، التي تقتل الأقباط، وتخطف الأطفال، وتقتحم عليهم المنازل.
الجريدة الرسمية