رئيس التحرير
عصام كامل

النقابات.. أيقونة فساد!

احتفلت مصر في التاسع من الشهر الجاري باليوم العالمي لمكافحة الفساد، الذي أصبح عائقا كبيرا وصدا منيعا في طريق التنمية المستدامة، التي تنتهجها الدولة في سبيل الوصول إلى  دولة عصرية مدنية حديثة قوامها الشفافية في أعمالها، وهناك خارج الجهاز الإداري للدولة مؤسسات مدنية، تنتمي إلى المنظمات المجتمعية التي تعمل داخل الدولة، حيث تعتبر النقابات منظمات أهلية مستقلة نشأت من أجل خدمة وتنمية مصالح القطاعات المهنية، التي تمثلها أكبر قطاعات المجتمع المدني على الإطلاق وأوفرها حظاً في مزاولة الحقوق السياسية..


ولا بد أن يعلم القائمون على النقابات أنها جزء من منظمات المجتمع المدني، وعليه فيلزمهم  القيام بنفس الوظيفة التي يضطلع بها المجتمع المدني ، ولكن للأسف النقابات تشهد  العديد من  ملفات  التلاعب بأموال هذه النقابات وكأنها عزبة خاصة للمسئولين عنها، فتجد من يتولى  القيادة في هذه النقابات يتعامل في أموالها وممتلكاتها وكأنها ملكيات خاصة بهم!

بل وصل الحال بأن بعض هذه القيادات تحاول جاهدة في توريث المناصب بها، فتغلل في كيان هذا النقابات الشلليلة والمحسوبية الفجة، وأصبحت الخدمات بها محجوزة لأصحاب الثقة دون سواهم في الوقت الذي يحرم فيه الأعضاء من كل المميزات والرحلات وغيرها من خدمات، وهذا الوضع ليس استثناء بل هو الأساس الذي تدار به هذه النقابات..

قانون الخدمة المدنية.. بين الواقع والمأمول

فقادة هذه النقابات يعملون دون رقيب ويحاولون التوصل إلى الثراء غير المشروع واستغلال النفوذ من خلال مناصبهم، كما أن الذين يتولون قيادة هذه النقابات لا يقومون باجراء انتخابات حقيقية ، بل غالبية هذه الانتخابات شكلية وتكون محسومة لهم من خلال تربيطات تتم قبيل الانتخابات، وأحيانا يتم إجراء الانتخابات دون الإعلان عنها بشكل مناسب، ولا يتحقق في هذه الانتخابات لا الشفافية ولا النزاهة ولا المراقبة القضائية ، وقادة هذه النقابات تكون حريصة كل الحرص على المسئولية من أجل الحصول على امتيازات غير مستحقة، وايضا استغلال النفوذ في تبديد أموال النقابات عن طريق صرف حوافز ومكافات لهم ..

وإذا كان  الدستور المصري نص على كفالة الحق فى تكوين النقابات بوصفها أحد أهم مكونات منظمات المجتمع المدنى.  ثم جاء الدستور الصادر سنة 2012 مؤكدا على حرية وديمقراطية التنظيم النقابى واستقلاله فى شتى مظاهره. ثم جاء دستور 2014 مؤكداً على المبادئ ذاتها.

وحيث أن  القانون ينظم  إنشاء النقابات المهنية وإدارتها على أساس ديمقراطى، ويكفل استقلالها ويحدد مواردها، وطريقة قيد أعضائها، ومساءلتهم عن سلوكهم فى ممارسة نشاطهم المهنى، وفقاً لمواثيق الشرف الأخلاقية والمهنية. ولا تنشأ لتنظيم المهنة سوى نقابة واحدة، كل هذا جميل ولكن كما ذكرت آنفا أن واقع النقابات خلاف ما اريد من إنشائها،  فأصبحت الديمقراطية شكلية فالانتخابات تجرى خلالها بصورة تكاد تكون شكلية ايضا، واختيار ممثلي الأعضاء في مجلس النقابة يكون بالتعيين ولكن من خلال انتخابات شكلية..

انتخابات البرلمان.. وظاهرة المال السياسي!

فالشللية هي التي تحدد مجلس إدارة كل نقابة ، وتجرى كل امورها مثل تحديد الموارد وقيد الأعضاء وغير ذلك بطريقة مرتبة على الورق فقط،  فمصالح العمال أصبحت في خطر و موارد النقابة معرضة للضياع بسبب فساد مجلس ادارتها، كما أن هناك اختلاط بين العمل النقابي والعمل الحزبي بصورة معتمدة من قبل مجلس إدارة النقابات، فوجدنا في الماضي كيف أن الإخوان كانت تسيطر على عدد من النقابات وكانت تستغل إمكانيات النقابات، في خدمة تنظيمها بل وصل الأمر بالاخوان إلى إستغلال موارد النقابات إلى التأثير على أعضائها وغيرهم في الانضمام لهم ، لذا رأينا نقابات ذات توجه إخواني ونقابات أخرى ذو توجه اشتراكي وليبرالي ، حتى وصل الأمر  الى أن تدار النقابات وكأنها حزب سياسي وليس نشاط نقابي مهني خاص باعضائها فقط !

وخلاصة القول أرى أن يكون هناك تشريع قانوني للنقابات يأتي بقيادات جديدة غير القيادات النقابية التي معظمها من عهود سابقة لثورة يونيو، فإن الأنظمة  السابقة ترعرت على الفساد و غيره من طرق المحسوبية والشللية التي هي بالفعل عوامل هدم لأي نظام يريد أن يجعل من مصر دولة حديثة، يتم فيها مكافحة الفساد ومجابهة كل الطرق والأدوات غير المشروعة ويكون القانون فوق الجميع بلا استثناء.
الجريدة الرسمية