"الدستور بوابة العبور".. مصرفيون يتوقعون رفع التصنيف الائتماني لمصر.."حلمي": تنفيذ خارطة الطريق الحل السحري لتنشيط الاقتصاد.."غراب": القرار سياسي في المقام الأول.."عبدالله": المؤشرات الاقتصادية الأهم
فتح إقرار الدستور المصري الجديد الباب على مصراعيه أمام رفع التصنيف الائتمانى للاقتصاد المصرى، من قبل مؤسسات التقييم العالمية، خاصة بعد خفض مؤسسات التقييم العالمية الكبرى الثلاث ستاندرد آند بورز، وموديز، وفيتش قد قامت درجات التقييم للاقتصاد المصرى 6 مرات متتالية عقب ثورة 25 يناير نتيجة التخوف من آثار الاضطرابات السياسية على استقرار الاقتصاد.
فمن جانبه توقع طارق حلمى، الخبير المصرفى، أن تواصل مؤسسات التقييم الائتمانى، رفع التصنيف الائتمانى لمصر خلال الفترة المقبلة، وذلك بعد تحسن الأوضاع السياسية والانتهاء من وضع الدستور المصرى، والمضى قدمًا نحو وضع خارطة الطريق.
وأضاف أن رفع التصنيف الائتمانى مرهون بتحسن الأوضاع السياسية بشكل أساسي، مشيرًا إلى أنه في حالة تصاعد وتيرة أحداث العنف بالبلاد، قد تعاود مؤسسات التصنيف خفض التقييم الائتمانى للبلاد.. وأشار إلى أنه في المقابل قد يتم رفع التقييم الائتمانى في حالة المضى قدمًا في تنفيذ بنود خارطة الطريق.
ولم يستبعد "حلمى" دور التوجهات السياسية لمؤسسات التصنيف الائتماني في تقييمها، وأكد أن استقرار الأوضاع السياسية للبلاد سيؤدي إلى للاستقرار الاقتصادى.
أما وائل غراب، مسئول قطاع الالتزام بأحد البنوك الخاصة، فأكد أن قرارات مؤسسات التصنيف الائتمانى لا تخلو من الصبغة السياسية والتوجهات السياسية لهذه المؤسسات، مشيرًا إلى أنه لا يوجد أي تطور فعلى على المستوى الاقتصادى يدفع مؤسسة فيتش لرفع التصنيف الائتمانى لمصر إلى درجة مستقرة.
وأضاف غراب أن "فيتش" بررت قرارها برفع التصنيف الاتئمانى لمصر بثبات معدلات احتياطي النقد الأجنبى، وقدرة الدولة على سداد التزاماتها للمؤسسات الأخرى.
وأشار إلى أن الواقع يؤكد أن البلاد لا تزال تمر بحالة من عدم الاستقرار السياسي، واستمرار أحداث العنف والاضطرابات، ولم يتم اختيار رئيس الجمهورية، ومجلس الشعب حتى الآن.
وكانت مؤسسة "فيتش" للتصنيف الائتمانى قد قررت رفع التصنيف الائتمانى لمصر إلى درجة مستقر مقابل سالب مع الإبقاء على التصنيف الائتمانى السيادى للاقتراض طويل الأجل بكل من العملة الأجنبية والمحلية على درجة "-B".
وأوضحت وفاء عبدالله، رئيس قطاع الالتزام والحوكمة سابقًا بأحد البنوك أن مؤسسات التصنيف الائتمانى تبني قراراتها في ضوء مؤشرات اقتصادية بحتة، ولا تهتم بأحداث العنف الواقعة بالشارع، بقدر ما تقيس قدرة الدولة على سداد التزاماتها في الأجل القريب.
وأضافت الخبيرة المصرفية، أن مؤسسة "فيتش" للتصنيف الائتمانى اتخذت قرارها برفع التصنيف الائتمانى لمصر إلى درجة مستقر مقابل سالب، لأنها رصدت أداء الحكومة وقدرتها على سداد كل التزاماتها بانتظام في الأجل القريب.
وأشارت إلى أن هذه المؤسسات تقوم بإعادة التقييم كل ربع سنة وفقا للمؤشرات الاقتصادية، لذلك من المتوقع أن تتجه مؤسسة "موديز" إلى رفع التصنيف الائتمانى لمصر خلال الفترة المقبلة.
وخفضت مؤسسة "موديز" للتصنيف الائتمانى تصنيفها الائتمانى لمصر للمرة الثانية في نوفمبر من عام 2011 إلى Bi من مستوى Ba3 مع نظره مستقبلية سلبية، وقالت إن أهم أسباب ذلك تتمثل في ضعف النمو الاقتصادى والتدهور الكبير في القطاعات المالية وتراجع الاحتياطى النقدى وعدم الاستقرار السياسي وارتفاع قيمة عجز الموازنة.
وكانت وكالة إستاندرد آند بورز قد خفضت تصنيفها الائتمانى لمصر بسبب ما وصفته بـ"تنامى المخاطر" التي تهدد استقرار الاقتصاد الكلى في ظل المرحلة الانتقالية الحالية، وحذرت من خفض آخر محتمل إذا تأخرت عملية التحول السياسي، حيث خفضت الوكالة تصنيفها طويل الأجل لديون مصر الخارجية بالنقد الأجنبى إلى سالب BB – من BB، كما خفضت تصنيفها لديون مصر المحلية طويلة الأجل درجتين إلى BB – منBB + ووضعت نظرة مستقبلية سلبية على كل تصنيفاتها لمصر.
وقد سبق هذا التخفيض خفض مماثل لمؤسسة موديز في أغسطس 2011؛ بسبب ما وصفته بارتفاع مستوى المخاطر السياسية في أعقاب ثورة 25 يناير وشمول ذلك بنظرة مستقبلية سالبة.
وقد عانت البلاد من جراء خفض التقييم الائتمانى للبلاد بعد ثورة 25 يناير، حيث واجهت مشاكل مع البنوك المراسلة التي كانت ترفض تعزيز الاعتمادات المستندية الصادرة عن البنوك المصرية؛ وذلك لارتفاع المخاطر السياسية.
وبعد قيام ثورة 30 يونيو ظلت المؤسسات الثلاث عند نفس تقديراتها للتقييم الائتمانى لمصر، وللبنوك المصرية، وفى 15 نوفمبر من عام 2013، أعلنت مؤسسة ستاندرد آند بورذ لأول مرة منذ14عامًا، رفع التصنيف الائتماني لمصر، وقررت رفع التقييم الائتماني السيادي لمصر من مستوى CCC+/C إلى مستوى B-/B على ديونها بالعملة المحلية والأجنبية، وذلك في المديين "القصير والطويل".
وكانت هذه هي المرة الأولى التي تقوم فيها إحدى مؤسسات التقييم العالمية الكبرى الثلاث (ستاندرد أند بورز وموديز وفيتش) برفع درجة تقييم الاقتصاد المصرى.
ورحبت الحكومة بذلك القرار باعتباره خطوة أولى لاستعادة الثقة في الاقتصاد الذي عصفت به الاضطرابات السياسية التي قوضت الاستثمار والسياحة على مدى ثلاث سنوات منذ قيام ثورة 25 يناير.
وجاء القرار بعد أن اعتبرت مؤسسة التصنيف الائتماني أن السلطات المصرية وفرت ما يكفي من النقد الأجنبي لتلبية الاحتياجات التمويلية للميزانية والمدفوعات الخارجية في الأجل القصير.
وقالت ستاندرد آند بورز إنها تتوقع استمرار الدعم من المقرضين عبر الاتفاقات الثنائية في المدى المتوسط، بينما تحاول السلطات المصرية مواجهة التحديات السياسية والاقتصادية.
وأضافت أن الإعلانات الصادرة في يوليو بتقديم أموال إلى مصر من الكويت بقيمة 4 مليارات دولار والسعودية بمبلغ 5 مليارات دولار والإمارات 3 مليارات دولار وقروض دون فائدة ونفط ومنتجات نفطية تصل نسبتها إلى 4.4% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد لعام 2013 تقلل من احتمال تعرض مصر إلى أزمة في ميزان المدفوعات.
واعتبرت ستاندرد آند بورز أن موافقة الإمارات منذ ذلك الحين على تمويل مشروعات تنموية بما يشكل نسبة 1.1% أخرى من الناتج المحلي الإجمالي تعد مؤشرًا على استعداد مجلس التعاون الخليجي على دعم مصر ماليًا.
ووفقًا للوكالة قدم مجلس التعاون الخليجي بالفعل ثلاثة أرباع التمويل الذي تعهد به إلى مصر في يوليو الماضي.
غير أن وكالة التصنيف الائتماني توقعت استمرار التوترات السياسية في مصر، وأن يكون صنع السياسات منصبًا على المدى القصير مع استمرار الضعف الهيكلي في ماليتها ومراكزها الخارجية.
وأشارت إلى أن قدرة الحكومة على زيادة الإيرادات أو خفض الإنفاق محدودة خاصة في ضوء العجز في تقديم الخدمات الأساسية.
وقدمت الوكالة نظرة مستقرة بما يتوازن مع وجهة نظرها بشأن الأفق السياسي الصعب في مصر وضغوط التمويل الخارجية الكبيرة على خلفية الدعم السخي نسبيًا من جانب المانحين عبر اتفاقات ثنائية.
وقالت إنها قد تخفض التصنيف إذا ما خلصت إلى أن السلطات المصرية عاجزة عن منع أي تدهور كبير آخر في المؤشرات النقدية أو المالية أو الخارجية، مضيفة أنها يمكن أيضًا أن تخفض التصنيف إذا ما ارتأت أن من المستبعد أن يأتي دعم المانحين في موعده وبشكل كافٍ لمساعدة مصر على الوفاء بالتزاماتها المالية.
غير أن وكالة التصنيف الائتماني العالمية أكدت أنها قد ترفع التصنيف إذا ما عزز الانتقال السياسي في مصر العلاقات بين الحكومة والمجتمع الأوسع وأدى إلى تحقيق تحسن مستمر في الأداء الخارجي بما في ذلك صافي الاحتياطيات الدولية ومن ثم تخفيف الضغوط الخارجية.
وأعقب قرار ستاندرد اند بورز، قيام مؤسسة فيتش مطلع شهر يناير الجارى برفع التصنيف الائتمانى النظرة المستقبلية للاقتصاد المصري من سلبى إلى مستقر، مع الإبقاء على التصنيف الائتماني السيادي للاقتراض طويل الأجل بكل من العملتين الأجنبية والمحلية على درجة بي، وكذلك الإبقاء على التصنيف الائتماني للاقتراض قصير الأجل بالعملة الأجنبية عند درجة مستقرة.
كما قامت مؤسسة "فيتش" برفع تقديرها للنظرة المستقبلية بنكين مصريين هما البنك الأهلي المصرى، والبنك التجارى الدولى من درجة سلبى إلى مستقر، مع الإبقاء على التصنيف الائتمانى للاقتراض طويل الأجل بالعملة الأجنبية.
وأكد التقرير الصادر عن المؤسسة أن عوامل التحسن النسبى في الأوضاع السياسية خلال الفترة الماضية، وتوافر النقد الأجنبى بصورة أعلى، ومع وجود مساندة من مساعدات دول الخليج أسهمت في تخفيف الأعباء على الموازنة العامة، وقيام الحكومة والبنك المركزى المصرى باتباع سياسات مالية ونقدية توسعية أسهمت في إيجاد تحسن مبدئى في أداء الاقتصاد.
وأشار تقرير "فيتش" إلى ارتفاع تغطية الاحتياطي الأجنبى لما يزيد على ثلاثة أشهر من الواردات، كما ارتفع مؤشر مديرى المشتريات في نوفمبر الماضى إلى أعلى مستوى تاريخى له ليتعدى مستوى 50 لأول مرة منذ سبتمبر 2012، متوقعًا أن يرتفع معدل النمو للناتج المحلى خلال العام المالى الجارى إلى نحو 3.2% ويصل إلى 3.8% في العام التالى.
وأوضح التقرير أن انخفاض حجم الدين الخارجى لمصر عند نحو 18.9% من الناتج وامتداد أجله للمدى المتوسط والطويل ومع شروط ميسرة تعتبر من العوامل الإيجابية أيضًا للاقتصاد المصرى، لكن التقرير أشار إلى أن ارتفاع الدين العام والعجز في الموازنة العامة يعدان من أهم عوامل المخاطر عند تقييم الاقتصاد المصرى، حيث يقدر التقرير أن يظل معدل العجز مرتفعًا على الرغم من التوقعات الرامية بانخفاضه خلال العام المالى الجارى، وإجراء بعض الإصلاحات المالية.
وألمح التقرير إلى أن العوامل الرئيسية التي ستحكم عملية تقييم الاقتصاد المصرى صعودًا أو هبوطًا خلال الفترة المقبلة تتوقف على مدى تحسن درجة الاستقرار السياسي بما ينعكس إيجابيًا على أداء الاقتصاد، والتقدم الذي يمكن أن يحدث في الإصلاحات المالية والهيكلية لخفض عجز الموازنة، بالإضافة إلى تطور أداء ميزان المدفوعات.
