رئيس التحرير
عصام كامل

خيرى شلبى يكتب: جاهين.. قلم وريشة فى حدائق البنفسج

صلاح جاهين
صلاح جاهين
18 حجم الخط

نشر الأديب خيرى شلبى، مقالا في زاوية "بستان الأعيان "بمجلة "كل الناس" بمناسبة ذكرى رحيل الفنان صلاح جاهين عام 1995 تحت عنوان "جاهين.. قلم وريشة في حدائق البنفسج".


وإليكم نص المقال..
وسيلتان خطيرتان أثر بهما صلاح جاهين في الوجدان الشعبى العربى وفى الرأى العام العربى كذلك، هاتان هما الصورة الشعرية والصورة الكاريكاتيرية.

وقد استخدم الريشة في كل من الصورتين سواء في القصيدة المكتوبة أو في اللوحة المرسومة، بمعنى أننا نرى الصورة الشعرية في قصائده مرئية مجسدة رسمتها الكلمات بكل ما تملكه الريشة من حساسية وسيولة، ولا بأس من تضخيم هذه الصورة الشعرية بمبالغات كاريكاتيرية تستهدف إبراز بعض الملامح خدمة لإبعاد الرؤية.

نفس الأمر تجده في رسمه للصورة الكاريكاتيرية، بمعنى أننا نرى الصورة المرسومة بالريشة المجردة لتفجير نكتة ساخرة أو رأى ساخن نافذ، فتجىء الخطوط ناطقة بالمطلوب، ولكن لابأس من طبعها بمسحة شعرية تقربها من إحساس المتلقى الأمى، وتضفى عليها ثراءً وحيوية ومزيدا من القدرة على التأثير.

قاموس جاهين الشعرى لا يتناقض مع خطوطه مطلقا، بل إن مفردات القاموس هي نفسها هذه الخطوط التي يشكل بها لوحاته وفى قصائده وأغانيه وأوبريتاته فتجد نفسك أمام عالم مصرى حافل وثرى.

ألسنا نجد شبها كبيرا جدا بين أمهاتنا وهذه الأم التي تقدمها لوحات صلاح جاهين بقوامها الفارع وشخصيتها الجبارة ونظرتها الحاسمة، كذلك نمط الزوجة المطحونة بفستانها المشجر وقصة شعرها تحت ربطة تلم به، أما نمط الزوج فهو في العادة موظف من موظفى الدولة أو عامل مطحون أو تاجر جشع بكرش كبير.

هي شخصيات تعكس الواقع بصدق وأمانة، وكل رسومه ككل أشعاره تتسم بالعمق والنفاذ، والصورة قصيدة ناطقة لكن التعليق تحتها كات بيت القصيد، على أن هذه الروح الشعرية الشفافة التي ملأت حياتنا بالغناء البهيج واللمحات الساخرة والقفشات الضاحكة، كانت تنطوى على شعور فائق بالتعاسة وهو شعور ينبع من يقظة الضمير عند الشاعر، فكان يبدو كالفارس السجين بين جدران الهموم والأمال المحبطة والقيود الرقابية والكوابيس المقلقة، وافتقاد الديمقراطية بالنسبة إليه كشاعر.
الجريدة الرسمية