رئيس التحرير
عصام كامل

الدستور.. والعدالة الاجتماعية

 د رمضان معروف
د رمضان معروف
18 حجم الخط

لايمكن قبول دستور يتم إعداده بعد ثورتين قامتا من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية بمنظورها الشامل وليست النظرة الجزئية القاصرة، حيث تعتمد النظرة الشاملة للعدالة الاجتماعية على الحالة التي ينتفى فيها الظلم والاستغلال والقهر والحرمان من الثروة أو السلطة أو من كليهما، والتي يغيب فيها الفقر والتهميش والإقصاء الاجتماعى وتنعدم فيها الفروق غير المقبولة اجتماعيا بين الأفراد والجماعات والأقاليم داخل الدولة، والتي يتمتع فيها الجميع بحقوق اقتصادية واجتماعية وسياسية وبيئية متساوية وحريات متكافئة وتكافؤ الفرص في تولى الوظائف الحكومية ودعم الفقير وعلاجه على نفقة الدولة.

ولأن هذا يعتبر إلزاما للدولة بأن تتكفل بعلاج مواطنيها وتقتضى العدالة الاجتماعية توزيع الثروات بشكل عادل على جميع أفراد المجتمع وتقتضى كذلك محاربة الفساد بكل أنواعه بشتى الطرق ولا يمكن قبول دستور يقر بالفروق الشاسعة بين مرتبات العاملين في الجهاز الإداري للدولة حيث تتحقق العدالة حينما يكون للدرجة المالية أجرًا واحدًا داخل الجهاز الإداري للدولة ولا تتحقق عندما تكون هناك فجوات كبيرة بين مرتبات الدرجة المالية الواحدة.

وعندما يقف المواطن بعزة وكرامة أمام المخبز للحصول على رغيف عيش مناسب ويحصل عليه، وعندما يمرض فيجد مستشفى يعالجه متحملًا نفقات علاج الفقير ولا يجلس المريض ينتظر الموت حتى يتم الحصول على قرار وزارى لعلاجه على نفقة الدولة، وعندما تتحقق فرص الكفاءة في الحصول على وظيفة دون واسطة أو محسوبية ودون حجز الوظيفة لشخص دون الآخرين وعندما تنتهى فكرة توريث الوظيفة، وعندما يحصل العامل على أجر يكفى احتياجاته ويكون لديه فائض للادخار وعندما توزع أراضى الدولة بشكل عادل بين جميع المواطنين بالتساوى وعندما تتاح حرية التعبير عن الرأى للكل وبشكل متساوى وعندما يكون هناك توازن وتكافؤ بين أقاليم الدولة. فاذا استطاع الدستور المصرى أن يحقق ذلك فهو دستور العدالة الاجتماعية واذا لم يحقق فلا مكان له في عقول المصريين.
الجريدة الرسمية