قصر باسيلي باشا، من تحفة سكندرية إلى ذاكرة قومية (صور)
في قلب شارع فؤاد، أقدم شوارع الإسكندرية وأكثرها احتفاظًا بهويتها الأوروبية، يقف متحف الإسكندرية القومي كأحد أبرز شواهد ذاكرة المدينة الحديثة.
هنا، داخل قصر بُني قبل قرن من الزمن، تتقاطع العمارة الفخمة مع التاريخ متعدد الطبقات، حيث تعرض نحو 1800 قطعة أثرية تُجسد تطور الحضارة المصرية عبر العصور، من الفراعنة مرورًا باليونان والرومان وصولًا إلى العصر الحديث.







من مقر اجتماعي أرستقراطي إلى صرح للذاكرة القومية
بداية حكاية هذا المتحف لا تبدأ بزمن الفراعنة ولا بفتوحات الإسكندر، بل تعود إلى عام 1926، حين شُيّد القصر على الطراز الإيطالي لصالح أسعد باسيلي باشا، أحد أغنى تجار الأخشاب في المدينة.
جمع معمار القصر بين الفخامة الأوروبية والتفاصيل الزخرفية الدقيقة التي كانت تعكس مكانة صاحبه في المجتمع السكندري.
ورغم أن القصر لم يُبْنَ ليكون متحفًا، فقد امتلك مقومات القصر-المَعلم؛ ما سهّل تحوله لاحقًا إلى مركز ثقافي حين استحوذت عليه الدولة عام 1996 وحولته إلى متحف قومي افتتح رسميًا في ديسمبر 2003، بعد عملية ترميم دقيقة استهدفت إعادة الحياة إلى جدرانه وهندسته.

عرض متحفي يستلهم حركة الزمن
اعتمد المتحف في تصميمه الداخلي على فكرة “الزمن المتدرج”، وهو تقسيم مبتكر يجعل من زيارة المتحف رحلة حسية وفكرية مطردة من الماضي السحيق إلى الحاضر.
ويجسد هذا الترتيب رؤية سردية للتاريخ المصري، لا تعتمد على العصور فحسب، بل على التفاعل بين الإنسان والمكان.
في الطابق السفلي، يجد الزائر نفسه أمام مصر القديمة، حيث تعلو سطوة الحضارة الفرعونية. يضم الطابق مجموعة من التماثيل الملكية والجنائزية، وأوانٍ ومجموعة متنوعة من الأمشاط والأدوات اليومية التي كانت جزءًا من الحياة اليومية للمصري القديم. وتبرز به غرفة المومياوات المصممة على غرار المقابر الفرعونية، في إعادة إحياء لطقوس الموت والخلود التي شكلت محور العقيدة المصرية.
في الطابق الأول ينتقل الزائر إلى العصر اليوناني الروماني؛ تلك الحقبة التي شهدت صعود الإسكندرية كمدينة عالمية ومركز فكري فريد. هنا، تلتقي اعتدال التمثال اليوناني بالدقة الفنية المصرية، حيث يبرز تمثال الإله “سيرابيس” الذي مزج بين أوزوريس المصري وزيوس اليوناني. تظهر أيضًا تماثيل “تناغرا” الرشيقة ورأس الإسكندر الأكبر، التي تضيف أبعادًا رمزية لروح المدينة التي انفتحت على العالم دون أن تفقد هويتها.

أما الطابق الثاني، فتم تصميه ليعرض المقتنيات القبطية والإسلامية والحديثة. يبدأ هذا القسم بأيقونات قبطية تروي بدايات المسيحية في مصر، ثم ينتقل إلى روائع الفن الإسلامي مثل المشكاوات والمشربيات الخشبية المزخرفة، وصولًا إلى المجوهرات والأسلحة الخاصة بأسرة محمد علي، التي تأخذ الزائر إلى تفاصيل العصر الحديث ونقطة مفصلية بين مصر الملكية والثورة.
الآثار الغارقة.. وجه آخر للإسكندرية
يضم المتحف أيضًا قاعة الاستكشافات البحرية، وهي من أكثر أقسامه إثارة للدهشة، حيث يعرض قطعًا أثرية انتشلت من قاع البحر الأبيض المتوسط في خليج أبي قير ومناطق المدن الغارقة مثل هيراكليون وكانوب.

تتضمن هذه القاعة تماثيل جرانيتية ضخمة، وقطع ذهبية تعود إلى عصور مختلفة، منها عملات أوروبية تعود إلى عهد لويس الخامس عشر ولويس السادس عشر، إضافة إلى أدوات حربية ومستلزمات يومية عاشت تحت الماء لقرون قبل أن تُستعاد. هذه القطع تكشف عن جانب مهمل من تاريخ الإسكندرية كمدينة بحرية فريدة، جمعت بين التجارة والمعرفة والأسطورة.
دور ثقافي يتجاوز الجدران
لا يقتصر دور المتحف على كونه منصة لعرض الآثار، بل أصبح اليوم مركزًا محفزًا للثقافة والبحث. بنوافذه المطلة على شارع فؤاد وبمكتبته المتخصصة التي تضم مراجع نادرة في علم الآثار وتاريخ الفن، يشكل المتحف بيئة خصبة للباحثين والطلاب ومحبي التاريخ، كما يستضيف فعاليات ثقافية وورش عمل وندوات تربط بين الماضي والحاضر.

ما بين الذاكرة والحاضر
يُعدّ متحف الإسكندرية القومي محاولة جادة للحفاظ على ذاكرة المدينة وتاريخها المتعدد الطبقات. إنه مساحة يستعيد من خلالها السكندريون والزائرون لحظات انتماء إلى حضارة لا تزال تتنفس في الأزقة والواجهات والقصور والشوارع.
زيارة واحدة ليست كافية لالتقاط تفاصيل المكان.. فهو ليس متحفًا يستعرض قِطعًا جامدة، بل رحلة متكاملة بين فنون العمارة وجماليات العرض وسحر التاريخ.
في الإسكندرية، حيث تتجاور الأساطير مع الوقائع، يبقى هذا القصر شاهدًا على حضارة لم تفقد بريقها رغم مرور الزمن، وحارسًا لذاكرة مدينة حرصت دائمًا على أن تُخلّد نفسها
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.
تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا
