رئيس التحرير
عصام كامل

النهج الاستقلالي الخارجي الجديد لبريطانيا

18 حجم الخط

 تنتهج بريطانيا سياسة خارجية جديدة تتسم بقدر من الاستقلالية منذ الخروج من الاتحاد الأوروبي "البريكست"، وتعمقت تلك الاستقلالية بصورة أوضح منذ انتخاب الحكومة العمالية بقيادة ستارمر في يوليو 2024. 

 

إذ في ظل قيادة ستارمر، قد بدى أن هناك بريطانيا جديدة على الصعيد الخارجي التي طالما حافظت على نهج خارجي ثابت تقليدي تابع بصورة كبيرة لسياسة وتوجهات واشنطن، إلى حد وصف بريطانيا دائما بأنها ظل واشنطن.


التغير الجديد في سياسة بريطانيا الخارجية ليس بمعزل عن التغير الواسع في النظام الدولي الذى بدأ منذ 2008 بأبعاده المختلفة، وذلك من حيث الصعود الكبير لقوى كبرى خاصة الصين وروسيا والهند مع التراجع النسبي للهيمنة الأمريكية.. 

والتحول الهائل في توازنات ومعادلات القوة وأدوات التأثير والنفوذ والقوة. بل يمكن القول إن التحول في سياسة بريطانيا الذى يذهل الجميع يوما بعد يوم، أكبر دليل على هذا التحول في النظام الدولي.


ثمة خلاف حاد بين الخبراء حول طبيعة النظام الدولي الراهنة والمستقبلية حول ما كان ثنائي القطبية بين واشنطن وبكين، أم متعدد الأقطاب، وعلى الأرجح أن النظام الدولي يتجه نحو التعددية القطبية وهو في طور التعددية حاليا. 

 

لكن -وهو ما لفت انتباه بريطانيا أو استفزها بشدة- هو خروج بريطانيا من أية تصنيف يتعلق بأقطاب النظام التعددي الجديد، إذ يتم إدراجها ضمنيا ضمن الاتحاد الأوروبي كأحد أركان النظام المتعدد مع واشنطن والصين وروسيا والهند والبرازيل، والبعض يضيف جنوب أفريقيا والأرجنتين واليابان وتركيا. 


ومن المفزع لبريطانيا أن يتم وضع أفريقيا والهند مثلا في تلك التصنيفات، ويتم استبعادها التي كانت قبل عقود بسيطة واحدة من أكبر الإمبراطوريات في التاريخ وكانت الهند جزءا منها. وعلى إثر تلك المرارة، ارتأى البريطانيون بوجوب احتلال بريطانيا ركن رئيسي من هذا النظام التعددي لا يعكس فقط مكانة بريطانيا التاريخية بل الحاضرة أيضا كونها دولة نووية وعسكرية متقدمة وساحقة، وذات اقتصاد قوى عالمي ونفوذ سياسي ودبلوماسي عالمي واسع، كما أنها تقع في أوروبا لكنها ليست أوروبية الهوية بل ذات هوية مستقلة. 


قبل عدة أعوام، أشار بوريس جونسون في اجتماع مع حكومته إلى التراجع الذى حل ببريطانيا عالميا نتيجة غياب سياسة خارجية تدخلية وخشنة، خاصة توسيع قواعدها العسكرية في الخارج، مشددا على أهمية بعث عظمة الدور والنفوذ الخارجي القديم لبريطانيا. 

وبعد تولى حكومة ستارمر أصدرت الخارجية البريطانية عدة مراجعات استراتيجية لسياستها الخارجية، مفادها جميعا تدور حول ضرورة زيادة التأثير والنفوذ العالمي لبريطانيا، وضمان تحقيق أقصى استفادة ممكنة للمصالح البلاد.


وبحسب الخارجية البريطانية جاءت هذه المراجعات كاستجابة للمتغيرات الشاملة التي يمر بها العالم خاصة الجيوسياسية (التعددية والسيولة والتنافس في النظام الدولي)، والواقع أن تلك المتغيرات كونها من جانب دافعة لإحياء الكرامة البريطانية التي تستحقها في نظام دولي تعددي.. 

لكن من جانب آخر لعله الأهم، تجبر بريطانيا على ترسيخ مكانتها وتوسيعه مدعوما بنهج خارجي جديد خاصة مع تراجع النفوذ الأمريكي.


ففي ظل أية نظام تعددي تشتد المنافسة خاصة الاقتصادية بصورة قاسية، كما تشتد عمليات الاستقطاب في النظام الدولي، فكلما كنت أقوى كلما كان عدد تابعيك أكثر، ومن ثم حافظت على أمنك ومصالحك وعظمتها أيضا. 

 

وفى ظل التطور الهائل في بيئة النظام الدولي؛ باتت مناحي المنافسة متعددة وشرسة، إذ لم تعد تقتصر فقط على المصالح السياسية والاقتصادية، بل امتدت إلى الفضاء الإلكتروني، والذكاء الاصطناعي، والقوة الناعمة والمعيارية، والموارد النادرة، والمياه، والطاقة النظيفة.. وغيرها.
 

بدأت مظاهر النهج الاستقلالي بقيام حكومة ستارمر بالدفع نحو زيادة التركيز على أوروبا معتبرًا بريطانيا في طور صفحة جديدة مع أوروبا بعد البريكست، حيث تم التوصل إلى اتفاقات جديدة في مجالات متعددة مع أوروبا من بينها الأمن والدفاع والتجارة. 

 

والحقيقة أنه بجانب أن تلك الاتفاقات مفيدة لبريطانيا، لكنها عاكسة لرغبتها القوية في تعزيز قوتها ونفوذها وصورتها في أوروبا، أو بالأحرى يتم النظر إليها كقائد لأوروبا في ظل التراجع الأمريكي عن أوروبا، وعدم استساغة كثير من الدول الأوروبية خاصة الشرقية بأن تصبح فرنسا أو ألمانيا كقائد لأوروبا.

والواقع أن مظاهر الاستقلالية القوية كثيرة ولافتة، لكن يعد أبرزها على الإطلاق والقاطع بانفصال بريطاني نسبى عن واشنطن، هو موقفها من حرب غزة وإسرائيل، الذى بدأ يبرز بقوة وبصورة تدريجية من خلال تعليق تصدير السلاح لإسرائيل، والإدانة القوية لـ سياسة التجويع في غزة، وأخيرا الإعلان عن عزمها الاعتراف بفلسطين في سبتمبر المقبل.

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا

الجريدة الرسمية