رئيس التحرير
عصام كامل

صنع الله إبراهيم ينهي قصته مع الحياة.. تعلق بعالم الكتب من خلال والده.. «تلك الرائحة» كشفت عن تجربة استثنائية.. والسجن شكل ملامح مشروعه الأدبي

صنع الله إبراهيم،فيتو
صنع الله إبراهيم،فيتو
18 حجم الخط

رحل عن عالمنا منذ قليل، الكاتب الكبير صنع الله إبراهيم بعد صراع مع المرض خلال الأشهر الماضية، عن عمر ناهز الـ 88 عاما، لتسود الوسط الثقافي والأدبي حالة من الحزن على رحيل إحدى الصفحات المضيئة في ذاكرة الثقافة والفكر المصري والعربي.  

إنسان متمسك بضميره 

والمتأمل لمسيرة صنع الله إبراهيم، يدرك بما لا يدع مجال للشك أنه لم يكن يومًا كاتبًا يسعى إلى التصفيق، ولا مثقفًا يلهث وراء الأضواء، بل كان قبل كل شيء إنسانًا يحمل فى قلبه قلقًا صادقًا على الوطن، وحلمًا لم يخفت بمرور السنوات، عاش حياته على الحافة، متمسكًا بضميره، لا يهادن ولا يساوم، وفى كل مرة أبدع فيها بالكتابة، كنا نسمع عبر كلماته صوتًا لا يشبه إلا نفسه. 

القاهرة.. الاسم وبداية الرحلة 

ففي زحام عالم الأدب، كان صوت صنع الله مميزًا، مختلفًا، لا يكتب بالحبر فقط، بل بروحٍ متمردة، فهو رجلٌ لم يساير التيار، بل اختار طواعية أن يسير عكسه، فقدم أدبًا بطابعٍ فريد ومذاقٍ خاص، فاستحق أن تكون أعماله موضوعًا للقراءة والتأمل، كما استحق أن تتصف رحلته بـ”الاستثنائية”، تلك الرحلة التى بدأت فى أحد أحياء القاهرة، وبالتحديد في 24 فبراير عام 1937 داخل أحد البيوت المصرية التقليدية، حينما كان هناك أب ينتظر مولودًا جديدًا، فقرر فى لحظة روحانية خاصة أن يصلى صلاة استخارة لاختيار اسم مناسب، ثم فتح القرآن الكريم ووضع إصبعه على آية بسورة النمل والتى تقول: “صنع الله الذى أتقن كل شيء إنه خبير بما تفعلون” ليأتي له الإلهام بأن يطلق على صغيره اسمًا فريدًا وهو “صنع الله” ذلك الاسم الذي لم يكن سوى مقدمة لمسيرة حياة مميزة لرجل مختلف.

الأب.. البوابة الأولى 

كان الأب هو البوابة الأولى التى دخل منها صنع الله إلى عالم الكتب، فقد كان يغذيه بالمعرفة كما كان يغذيه بالحب، ويزرع فيه بذور الفضول وحب القراءة والاطلاع، وساهم فى تكوين شخصيته الفكرية والأدبية، وحينما اشتد عوده وأصبح شابًا يافعًا التحق صنع الله بكلية الحقوق ولكنه انصرف عن دراستها واهتم أكثر بالكتابة والسياسة.

ولقد كان يميل إلى الفكر اليساري، وكاد أن ينضم إلى الحزب الاشتراكي عام 1954، لكن اختلاف الرؤى دفعه للالتحاق بمنظمة الحركة الديمقراطية للتحرر الوطني “حدتو”، وبعد انضمامه للمنظمة بـ 5 سنوات تم اعتقاله عام 1959 ضمن الحملة التى تم شنها على الشيوعيين والماركسيين آنذاك، وتم سجنه فى سجن الواحات، حيث قضى خمس سنوات من حياته.

السجن.. ميلاد كاتب 

فى السجن وُلد الكاتب الحقيقى داخل صنع الله إبراهيم حيث كتب هناك ملاحظاته الأولى، وبدأت تتشكل ملامح مشروعه الأدبي، ثم خرج من السجن مشبعًا بالمرارة ومثقلًا بالحكايات، لكنه لم يتخل عن حلم الكتابة، لذا فقد عمل فى وكالة أنباء الشرق الأوسط عام 1967.

تلك الرائحة.. الخروج عن المألوف 

وفى نفس العام أصدر عمله الأدبى الأول “تلك الرائحة”، التى قدم لها الكاتب الكبير يوسف إدريس قائلًا: “إن تلك الرائحة ليست مجرد قصة، ولكنها ثورة، وأولها ثورة فنان على نفسه… وهي ليست نهاية، ولكنها بداية أصيلة لموهبة أصيلة”، حيث كانت “تلك الرائحة” متجاوزة للقوالب التقليدية، وبمثابة إعلان عن ولادة كاتب جديد يكتب خارج السائد.

لم تكن أعماله مجرد نصوص أدبية، بل وثائق حية تسجل التحولات السياسية والاجتماعية، كما أنه كتب عن القمع، والسجون، عن المرأة، والعزلة، والغربة، والاحتلال، والانفتاح، والفقر، وكان دائمًا صوتًا منحازًا للناس وللحقيقة.

أعمال صنع الله إبراهيم.. روائع خالدة 

ولقد كانت إبداعاته متعددة ومتنوعة، ومن أبرز ما ألف صنع الله إبراهيم: إنسان السد العالي، ونجمة أغسطس، ووردة، وأمريكانلي، والتلصص، والعمامة والقبعة، والقانون الفرنسي، والجليد، وبرلين 69، ورواية 1970، وبيروت بيروت التي قدم فيها صنع الله إبراهيم صورة لبيروت إبان الحرب الأهلية اللبنانية، ويوميات الواحات، ورواية ذات التي رصد فيها حياة المرأة في مصر عبر عقود من التحولات الاجتماعية، ورواية شرف التي تنتمي لأدب السجون والتي تحتل المركز الثالث في قائمة أفضل مائة رواية عربية.

تجربة صنع الله على الشاشة 

كما أن لصنع الله إبراهيم أيضًا تجربة فى كتابة السيناريو، حيث شارك فى كتابة فيلم القلعة الخامسة عام 1979 وهو عمل سوري من إخراج بلال الصابوني وبطولة نادين خوري وعبد الفتاح المزين، كما تم تحويل روايته ذات إلى مسلسل تلفزيوني ناجح بعنوان بنت اسمها ذات عام 2013 وكان المسلسل من بطولة نيللي كريم وباسم سمرة وإخراج كاملة أبو ذكري. 

مواقف لا تنسى 

لكن مسيرته لا تُختزل فى مؤلفاته فحسب، بل في مواقفه اللافتة، وأشهرها ما حدث مساء الأربعاء 22 أكتوبر 2003، حينما امتلأ المسرح الكبير بدار الأوبرا المصرية بالمثقفين والضيوف، وتصاعد التصفيق عندما أُعلِن صُنع الله إبراهيم فائزًا بجائزة ملتقى القاهرة للإبداع الروائى التي يمنحها المجلس الأعلى للثقافة، فقد بدأ حينها كل شيء مرتبًا، وصعد الروائى إلى المنصة وسط تصفيق حار.

لكن المفاجأة كانت فى الكلمة التى ألقاها، حيث وجه نقدًا لاذعًا للوضعين العربي والمصري آنذاك تجاه القضية الفلسطينية وتدهور الثقافة والتعليم، وفي ختام كلمته غير المتوقعة، فاجأ الجميع برفضه للجائزة التي كانت تبلغ قيمتها المالية 100 ألف جنيه.

جوائز وتكريمات 

نال صنع الله عدة جوائز رفيعة، منها جائزة غالب هلسا من اتحاد الكتاب الأردنيين عام 1992، كما حصل على جائزة أفضل رواية مصرية عام 1998 عن روايته الشهيرة “شرف”، وجائزة ابن رشد للفكر الحر عام 2004، وجائزة كفافيس عام 2017، وتُرجمت أعماله إلى لغات عدة.

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا

الجريدة الرسمية