في ذكرى الهجرة النبوية، حصار شعب أبي طالب (مكانه ومدته)
كان الحصار الأول الذي تعرض له المسلمون في عهد النبي ﷺ في شِعب أبي طالب، أيّ بعد إعلان الدعوة الإسلامية، وإقبال الناس عليها في مكّة، وما كابده النبي ﷺ والصحابة الكرام (رضوان الله عليهم) على أيدي المشركين آنذاك، هو تلبية لدعوة الله تعالى في الثبات والصبر، وإيمان بالقضاء والقدر، إذ كابدوا المشقة والمعاناة والمِحن من مقاطعة اقتصادية واجتماعية، وحرب نفسية، وأذىً وتضييق وجوع.

وقع حصار شعب أبي طالب بعدما تحالفت قريش وكنانة على بني هاشم وبني المطلب، بعد فشل قريش في استعادة المسلمين المهاجرين إلى الحبشة، حيث أهاجها الأمر، واشتد البلاء على المسلمين، وعزمت قريش أن تقتل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأجمع بنو عبد المطلب أمرهم على أن يدخلوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شعبهم ويحموه فيه، فدخلوا الشعب جميعا، مسلمهم وكافرهم، وأجمع المسلمون أمرهم على ألا يجالسوهم، ولا يخالطوهم ولا يبايعوهم، ولا يدخلوا بيوتهم حتى يسلموا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للقتل، وكتبوا في ذلك صحيفة، فلبث بنو هاشم في شعبهم ثلاث سنين.
خيف بني كنانة
وحدد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المكان الذي تقاسمت فيه قريش على الكفر -يعني تحالفها على مقاطعة بني هاشم - فذكر أنه خيف بني كنانة. والخيف: هو المكان الذي اجتمعت فيه قريش لعقد مقاطعتهم الظالمة.. ففي «الصحيحين»، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن بمنى: «نحن نازلون غدا بخيف بني كنانة، حيث تقاسموا على الكفر». ولما أذن الله بنصر دينه، وإعزاز رسوله، وفتح مكة، ثم حجة الوداع، كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يؤثر أن ينزل في خيف بني كنانة ليتذكر ما كانوا فيه من الضيق والاضطهاد
قال ابن حجر: ".. قيل إنما اختار النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ النزول في ذلك الموضع ليتذكر ما كانوا فيه، فيشكر الله تعالى على ما أنعم به عليه من الفتح العظيم، وتمكنهم من دخول مكة ظاهرا، على رغم أنف من سعى في إخراجه منها، ومبالغة في الصفح عن الذين أساءوا، ومقابلتهم بالمن والإحسان، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء..".
سنة الحصار ومدته
وقد كان حصار أهل مكة الجائر للنبي صلى الله عليه وسلم ومن معه من بني هاشم وبني المطلب في بداية المحرم سنة سبع من البعثة النبوية واستمر نحو ثلاث سنين، قال ابن القيم في زاد المعاد: لما رأت قريش أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلو والأمور تتزايد أجمعوا أن يتعاقدوا على بني هاشم وبني المطلب وبني عبد مناف ألا يبايعوهم ولا يناكحوهم ولا يكلموهم ولا يجالسوهم حتى يسلموا إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكتبوا بذلك صحيفة وعلقوها في سقف الكعبة... فانحازت بنو هاشم وبنو المطلب مؤمنهم وكافرهم؛ إلا أبا لهب فإنه ظاهر قريشا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وبني هاشم وبني المطلب، وحبس رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه في شعب أبي طالب ليلة هلال المحرم سنة سبع من البعثة، وبقوا محصورين مضيقا عليهم جدا مقطوعا عنهم الميرة والمادة نحو ثلاث سنين حتى بلغ بهم الجهد...
ثم أطلع الله رسوله على أمر صحيفتهم وأنه أرسل إليها الأرضة فأكلت جميع ما فيها من جور وقطيعة وظلم؛ إلا ذكر الله عز وجل، كما ذكر ابن هشام - رحمه الله-: أنهم وجدوا الأرضة قد أكلت جميع ما في الصحيفة إلا اسم الله -تعالى - وقال ابن إسحاق وموسى بن عقبة وعروة عكس ذلك، أن الأرضة لم تدع اسما لله إلا أكلته، وبقي ما فيها من الظلم والقطيعة».
فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم عمه بذلك، فخرج إليهم فأخبرهم أن ابن أخيه قال كذا وكذا، فإن كان كاذبا خلينا بينكم وبينه، وإن كان صادقا رجعتم عن ظلمنا، قالوا: أنصفت... فأنزلوا الصحيفة فلما رأوا الأمر كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم ازدادوا كفرا وعنادا... وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه من الشعب وذلك سنة عشر من بعثته صلى الله عليه وسلم كما ذكر ذلك غير واحد من أهل السير.

المشركون رفضوا حصار شعب أبي طالب
يذكر أهل السير أنه بعد هذه الحادثة تعاقد نفر من عقلاء قريش على نقض هذه الصحيفة وسعوا في ذلك حتى حصل، وهؤلاء النفر هم: هشام بن عمرو من بني عامر بن لؤي، وزهير بن أبي أمية المخزومي، وأبو البختري بن هشام، وزمعة بن الأسود، والمطعم بن عدي.
مكافأة الكفار علي موقفهم من الحصار
يذكر أهل السير أن النبي صلى الله عليه وسلم رد الجميل لأصحابه، وكافئ المحسنين على إحسانهم، فبعد انتهاء هذه المقاطعة، كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ مقدرًا لأصحاب المواقف الإيجابية مع المسلمين، وكافأهم عليها.
فأما عمه أبو طالب فقد قال العباس بن عبد المطلب ـ رضي الله عنه ـ للنبي صلى الله عليه وسلم: ما أغنيتَ عن عمك، فوالله كان يحوطك ويغضب لك؟ فقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (هو في ضحضاح من نار، ولولا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار) ( البخاري ).
وذكر ابن هشام في سيرته: أن هشام بن عمرو أسلم فأعطاه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من غنائم معركة حنين دون المائة من الإبل.
وأما أبو البختري فقد كان في صف المشركين يوم بدر فنهى النبي ـ صلى الله عليه وسلم عن قتله.
وأما المطعم بن عدي فقد قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في أسارى بدر من المشركين: ( لو كان المُطعِم بن عدي حيًا، ثم كلَّمني في هؤلاء النَّتْن لتركتهم له) (البخاري)، ولفظ أبي داود (لأطلقتهم له)، ونقل الحافظ ابن حجر في الفتح: " بأنَّ ذلك مكافأة له على يدٍ كانت له عند النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وهي إما ما وقع من المطعم حين رجع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من الطائف ودخل في جوار المطعم بن عدي، أو كونه من أشدِّ من قام في نقض الصحيفة التي كتبتها قريش على بني هاشم ومن معهم من المسلمين حين حصروهم في الشعب ".
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.
تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا
