رئيس التحرير
عصام كامل

الردع النووي في معادلة الصراع الهندي الباكستاني

18 حجم الخط

في الصراع الأخير بين الهند وباكستان الذى لم يدم أقل من شهر، أشيعت نفس العبارة المتكررة كل مرة مع تجدد الصراع بين الجانبين من قبل الأكاديميين ووسائل الإعلام، "العالم يقف على حافة حرب نووية".. في تاريخ العلاقات المتوترة بين الجانبين حول إقليم كشمير، تكرر الصراع المسلح قرابة الخمس مرات، ومنها ثلاثة من ضمنهم الأخير والجانبين يحوزان السلاح أو القنبلة النووية.


وعلى إثر ذلك، برز انقسام واسع مثير للجدل والتأمل حول فعالية الردع النووي في معادلة الصراع بين الجانبين، إذ يرى فريق أن الردع النووي لم يحل دون استمرار أو تجدد الصراع، فاندلاع الصراع يحمل في طياته احتمالية تطوره لصراع نووي ناجم عن عداوة شديدة تدفع الطرفين لعدم الرشادة والرغبة في الانتقام دون حساب العواقب. 


بينما يرى الفريق الآخر، أن الردع النووي حال دون صراع عسكري عنيف متواصل، ومن منطلق حسابات توازن القوى العسكرية، يجادل أنصار هذا الفريق، أن توازن القوى دائما لصالح الهند، وبالتالي لولا الردع النووي لباكستان، لكانت الهند لم تحسم معركة كشمير لصالحها فقط، بل أعادت باكستان إلى السيادة الهندية مرة أخرى.


ويتضح من هذا الجدل المثير صعوبة الخروج بنتيجة محددة لمدى فعالية الردع النووي بين الجانبين، فالصراع رغم كونه متقطع بين الجانبين لكنه مستمر أو متكرر كل عقد تقريبا، وفى ذات الوقت غالبا ما يكون قصير ولن يتطور في أي مرة إلى تهديد نووي حقيقي. 


ومن ثم، فعلى الأرجح يلعب الردع النووي دورًا حاسمًا، لكن مع تطور الصراع وانتقال الجانبين أو أحدهما من حالة التهور التي دفعت إلى الصراع، إلى حالة الرشادة أو التفكير مرتين خشية الانزلاق إلى حرب نووية. ولعل ذلك ما يفسر من حيث المبدأ أسباب تجدد الصراع وانتهائه سريعا، حيث تغلب التهور في بادئ الأمر، ثم العودة سريعا إلى حسابات المنطق والرشد بسبب التداعيات الكارثية لحرب نووية.. 

فوفقا للتقديرات ستتسبب قنبلة نووية واحدة تلقيها باكستان على العاصمة الهندية نيودلهي في مقتل قرابة 200 مليون شخص، ودمار قرابة 70% من البنية التحتية للعاصمة، فضلا عن مئات الملايين المصابين بالسرطان جراء الإشعاع النووي.

 
والأمر الثاني، أن تجدد الصراع بين الجانبين خاصة الأخير بدأ يعكس في طياته أو بصورة غير مباشرة فعالية الردع النووي. فعائق الأخير قد حتم على الجانبين التفكير في وسائل أخرى لخلخلة توازن القوى بينهما لأجل حسم كشمير، فباكستان بدأت منذ وقت طويل على استخدام تكتيكات الحروب غير النظامية، وتقوية تحالفاتها الخارجية خاصة مع الصين، والعمل على استحواذ أسلحة ذكية متقدمة وتكنولوجيا سيبرانية شديدة التطور، استخدمتها بفعالية في حربها الأخيرة. 

والهند من جهتها بدأت تعول على سلاح المياه والحروب النفسية والإعلامية مع تقوية تحالفها مع الولايات المتحدة. وبالتالي فالصراع الأخير وفى الأغلب الصراعات القادمة بين الجانبين ستكون مجرد اختبار لتوازن القوى بين الجانبين في ظل الصعوبة البالغة في حسم نووي.

 
أُستخدم السلاح النووي مرة واحدة فقط منذ اختراعه وكان من قبل الولايات المتحدة ضد اليابان في الحرب العالمية الثانية. وفى العام 1962، حبس العالم أنفاسه في أول تهديد فعلى بحرب نووية بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي فيما عرف حينها بأزمة خليج الخنازير، وانتهت الأزمة بعد وصول التهديد لذروته إلى عدول القوتين عن الحرب النووية التي ستفنى الجميع تماما.


الشاهد في الأمر أن أزمة خليج الخنازير قد كرست بين المتخصصون ما بات يعرف ب التوازن النووي أو توازن الرعب.. حيث برهنت الأزمة أن امتلاك القوى العظمى أو الكبرى للسلاح النووي، يحول بنسبة كبيرة جدا دون اندلاع حرب عسكرية كبيرة بينهما، بل بات السلاح النووي -بحسبان هؤلاء المتخصصون- الرادع الرئيسي لمنع حرب عالمية ثالثة. 

 

ولعل أبرز مثال حديث على ذلك، عدول الولايات المتحدة وأوروبا عن التدخل عسكريا في أوكرانيا لطرد روسيا بسبب مخاوف من حرب نووية مع روسيا ستدمر أوروبا برمتها. ومع ذلك، دعمت إدارة بايدن أوكرانيا عسكريا وماليا بشكل كبير وفرضت عقوبات اقتصادية قاسية على روسيا لأجل إضعاف روسيا كخيار وحيد لإنهاء الحرب في ظل صعوبة التعويل على الخيار النووي.

 


قصارى القول، يأتي الصراع الأخير بين الهند وباكستان، بعد عامين من الحرب الأوكرانية، ليعيد التأكيد من جديد على فعالية الردع النووي أو توزان الرعب. وبدون سبر أغوار جدليات كثيرة، لعب ولا زال يلعب السلاح النووي الدور الحاسم في تقديرنا في منع صراع عسكري عنيف لا ينقطع بين الهند وباكستان خاصة بينهما يصنف بالصراعات الثقيلة المرتبط بالحدود والسيادة. 

وهذا لا يمنع أيضا من احتمالية حرب نووية بسبب قرار أو نخبة حاكمة متهورة، لكن التداعيات الانتحارية (خيار الفناء) لاستخدام السلاح النووي تدفع عادة حتى القادة شديدي التهور والعناد إلى تحكيم العقل في اللحظة الأخيرة. 

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا

الجريدة الرسمية