رئيس التحرير
عصام كامل

كتيبة الإعدام!.. هذا ما جناه الإسلامبولى ورفاقه باغتيال السادات.. صبرة القاسمي:  قاتل السادات لم يكن  مجرد متطرف اغتال رئيس دولة بل تحول  إلى رمزية معقدة استثمرتها جماعات العنف والإرهاب

حادث إغتيال السادات،
حادث إغتيال السادات، فيتو
18 حجم الخط

اليوم تحل ذكرى تنفيذ حكم الإعدام فى قتلة الرئيس محمد أنور السادات، لم يكن حادث المنصة عابرًا فى تاريخ مصر والشرق الأوسط، بل كان له ما بعده، كان السادات هو الرجل القوى الذى قاد حربًا ضد الكيان الصهيونى وكسر أنفه وأذله واسترد منه أرضه المسلوبة فى 1967، كان السادات رجل الحرب والسلام عن جدارة واستحقاق وبشهادة التاريخ نفسه.

لم يكن السادات يستحق هذه النهاية العبثية، غير أن نفرًا من محدودى الخبرة والدراية اتفقوا على اغتياله يوم الاحتفال بنصره الخالد فى السادس من أكتوبر 1981، هذا المشهد لم ينته باستشهاد السادات وإعدام قتلته فى العام التالي، ولكنه أسس لتيار فكرى متشدد وإرهابى ودموي، عاث ولا يزال يعيث فى الأرض فسادًا وإفسادًا وتقتيلًا وإراقة للدماء باسم الدين، والدين منه بريء..”فيتو” تعيد قراءة هذا المشهد فى ذكرى إعدام خالد الإسلامبولى ورفاقه عبر مجموعة من خبراء الإسلام السياسي..

فى البداية.. يقول الباحث والخبير بملف تيارات الإسلام السياسى صبرة القاسمي: فى تاريخ الحركات المتطرفة، تتحول الأحداث الدامية والشخصيات المتورطة فيها إلى رموز ذات تأثير بعيد المدى، تتجاوز حدود الزمان والمكان، من بين هذه الأحداث، تبرز واقعة اغتيال الرئيس السادات أوائل الثمانينيات، كمنعطف حاسم لمسار جماعات العنف والتطرف فى المنطقة وخارجها.

مضيفًا: لم تكن تلك الرصاصات مجرد إنهاء لحياة زعيم، بل كانت بمثابة الشرارة التى أشعلت فتيلًا من التحولات العميقة فى فكر وأساليب عمل هذه الجماعات.

“القاسمي” أوضح:  الإسلامبولى كان  شابا فى مقتبل العمر، ولكنه تحول بعد إعدامه إلى أيقونة مُلهمة لأجيال من المتطرفين، متسائلًا:  كيف لعمل إجرامى فردى أن يتحول إلى مرجعية تستلهم منها تنظيمات إرهابية حول العالم أفكارها وتكتيكاتها؟ الإجابة تكمن فى قدرة هذه الجماعات على تضخيم الأحداث وتوظيفها أيديولوجيًا، وتحويل المجرمين إلى “أبطال” و”شهداء” فى سبيل “قضيتهم”، فضلا عن التدليس والتلفيق اللذين يتم اللجوء إليهما فى مثل هذه الحالات، حيث يتم تصوير حادث دموى باعتباره “نصرة للدين” و”تعبيرا عن الغضب الشعبي”، وتعظيم شأن المجرمين وإظهارهم فى صورة الأبطال المغاوير!

يكشف القاسمى كيف استلهمت تنظيمات إرهابية معاصرة، تسعى إلى إقامة “دولة الخلافة” المزعومة، من هذه الواقعة ومفاهيم مرتبطة بها، منوهًا إلى أنه تم تداول أفكار حول “العمل السري” و”الضربات النوعية” التى تهز أركان الأنظمة، واستُخدمت قصص مشابهة لتبرير تجنيد “الذئاب المنفردة” وتنفيذ عمليات إرهابية مروعة.

وهم صناعة الأبطال

ويستطرد “القاسمي”: معركة الأفكار هى المعركة الأهم فى مواجهة الإرهاب، وتعرية زيف “الأبطال” الذين يستلهمون العنف هو جزء أساسى من هذه المعركة، مشددًا على أن القاتل خالد الإسلامبولي. لم يكن  مجرد متطرف اغتال رئيس دولة، بل تحول بمرور السنين إلى رمزية معقدة، استثمرتها جماعات العنف والإرهاب فى مختلف أنحاء العالم لتبرير أفعالها واستقطاب أتباع جدد، عبر فصول هذا العمل التحليلي.

لم يكن اغتيال السادات حدثًا معزولًا، بحسب القاسمي، بل كان تتويجًا لتراكمات سياسية واجتماعية واقتصادية شهدتها مصر فى فترة حكمه، فقد أثارت سياسات الانفتاح الاقتصادى “الساداتي” انتقادات واسعة بسبب ما اعتبره البعض تفاقمًا للفوارق الاجتماعية وظهور طبقات ثرية على حساب الطبقات الشعبية، وعلى الصعيد السياسي، أثارت اتفاقية كامب ديفيد للسلام مع إسرائيل انقسامًا حادًا فى الشارع المصرى والعربي، حيث رأى فيها قطاع واسع تخليًا عن القضية الفلسطينية وتطبيعًا مع “العدو الصهيوني”.

فى هذا المناخ المحتقن، نمت وتوسعت حركات الإسلام السياسى فى الجامعات والمدن المصرية، كما يروى القاسمي، مستقطبة الشباب المتدين الذى وجد فى هذه الحركات إطارًا لفهم العالم وتقديم حلول بديلة للمشاكل التى تواجه المجتمع، برزت فى تلك الفترة تنظيمات مثل “الجماعة الإسلامية” و”الجهاد الإسلامي”، التى تبنت أيديولوجيات متفاوتة فى درجة تطرفها، لكنها اتفقت على ضرورة تطبيق الشريعة الإسلامية ومعارضة ما اعتبرته “انحرافات”.

يضيف القاسمى لحظة الاغتيال الغادرة كانت جريئة ومفاجئة، وأحدثت صدمة على المستويين الداخلى والخارجي، وأسفرت العملية عن مقتل السادات وإصابة عدد آخر من الحضور، حيث تم القبض على الإسلامبولى ورفاقه على الفور، وأحيلوا إلى محاكمة عسكرية سريعة، والغريب أن الإسلامبولى لم يبدِ ندمًا على فعلته، بل دافع عنها باعتبارها “قصاصًا عادلًا”، وانتهت المحاكمة بإصدار حكم الإعدام رميًا بالرصاص على الإسلامبولى وأربعة آخرين من المتهمين، وتم تنفيذ الحكم فى مثل هذا اليوم من العام 1982.

نقطة انطلاق العنف المنظم للجماعات المتطرفة

يرى القاسمى أن اغتيال السادات لم يكن  مجرد عملية قتل فردية ذات دوافع سياسية ودينية، بل كان بمثابة نقطة انطلاق حاسمة لمرحلة جديدة من العنف المنظم للجماعات الإسلامية المتشددة فى مصر، حيث كشفت هذه العملية عن وجود خلايا عنيفة منظمة ومستعدة لتحدى سلطة الدولة بشكل مباشر.

تجلت خطورة هذه المرحلة -كما يسرد القاسمي، فى التزامن شبه الكامل لعملية الاغتيال فى القاهرة مع محاولات أخرى لإحداث فوضى شاملة فى البلاد، ففى أعقاب إذاعة خبر الاغتيال، حاولت عناصر متطرفة مرتبطة بنفس الأيديولوجيا الاستيلاء على مبنى الإذاعة والتلفزيون فى القاهرة، وهو ما يشير إلى وجود خطة أوسع نطاقًا لإحداث  الفوضى والذعر فى العاصمة، عطفًا على أحداث أخرى  فى محافظة أسيوط، ما يعنى أن هذه الأحداث المتزامنة فى القاهرة وأسيوط لم تكن مجرد مصادفة، بل كانت دليلًا قاطعًا على أن اغتيال السادات كان جزءًا من مخطط أوسع للانطلاق والسيطرة على مفاصل الدولة أو إحداث انهيار أمنى شامل.

الانتقال من “السرية” إلى “العلانية”!

يؤرخ “القاسمي” لهذه المرحلة قائلا:  تمكنت قوات الأمن من إحباط محاولة الاستيلاء على الإذاعة والتلفزيون فى القاهرة، كما تمكنت من التصدى للعناصر المتطرفة فى أسيوط بعد مواجهات عنيفة أسفرت عن سقوط قتلى وجرحى من الطرفين، إلا أن هذه الأحداث كشفت عن مدى التنظيم والتنسيق الذى وصلت إليه الجماعات الإسلامية المتشددة، وعن استعدادها لاستخدام العنف المنظم لتحقيق أهدافه، معقبًا: كان اغتيال السادات وما تلاه من محاولات عنف نقطة تحول فى تاريخ هذه الجماعات فى مصر، حيث انتقلت من العمل السرى والدعوة إلى محاولة المواجهة المسلحة المباشرة مع الدولة، وهو ما ترك تداعيات أمنية وسياسية استمرت لعقود لاحقة.

مواقف التيارات الإسلامية من قاتل السادات

أيقونة مُلهمة للإرهاب!

تحول خالد الإسلامبولى بمرور الوقت إلى أيقونة تتجاوز حدود انتمائه التنظيمى الأصلي، ليصبح رمزًا مُلهمًا لجماعات إرهابية متنوعة حول العالم، كما يقول “القاسمي” منوهًا إلى أن العملية الإرهابية رسخت  فكرة أن معارضة التطبيع مع إسرائيل يجب أن تكون أولوية قصوى، تصل إلى حد استخدام العنف ضد الأنظمة التى تسعى إليه، وهذه الفكرة لا تزال حاضرة بقوة فى أيديولوجيات العديد من الجماعات المتطرفة، كما  شكلت عملية الاغتيال سابقة خطيرة، استخدمتها الجماعات المتطرفة لتبرير أعمال العنف اللاحقة التى ارتكبتها، ورسخت فكرة أن “القوة” هى الوسيلة الوحيدة لتحقيق “التغيير المنشود” وإقامة “الدولة الإسلامية”.

الإسلامبولى وتنظيم داعش الإرهابي!

من اللافت أن تنظيمات إرهابية معاصرة، مثل تنظيم داعش، استلهمت أفكار “الإسلامبولي” وأدخلتها فى إستراتيجيتها الدموية، بحسب “القاسمي” الذى يكشف فى سرديته المهمة أن أحد هذه المفاهيم هو استغلال قصة “مؤمن آل فرعون” لتبرير فكرة “الأخفياء الأتقياء”، والمقصود بـ”مؤمن آل فرعون” هو شخصية قرآنية آمنت بموسى عليه السلام، وكتمت إيمانها خوفًا من بطش فرعون، حيث  استغلت بعض الجماعات المتطرفة هذه القصة لتبرير العمل السرى والخفى لعناصرها داخل المجتمعات والدول “الكافرة” أو “المرتدة”

وقد ذهب تنظيم داعش إلى أبعد من ذلك فى تطوير هذا المفهوم ليصوغ ما أطلق عليه “الأخفياء الأتقياء” أو “الذئاب المنفردة”، كما يقول “القاسمي، حيث تقوم هذه الفكرة على تجنيد أفراد يؤمنون بأيديولوجية التنظيم المتطرفة، لكنهم يعيشون حياة طبيعية ويندمجون فى المجتمع دون إظهار ولائهم أو نواياهم الحقيقية، ويتم تفعيل هؤلاء “الأخفياء” عند الحاجة لتنفيذ عمليات إرهابية أو لخدمة أهداف التنظيم بشكل سري، مستفيدين من عنصر المفاجأة وصعوبة تتبعهم.

يختتم “ القاسمى” رؤيته لحادث اغتيال الرئيس السادات وتداعياته الخطيرة قائلا: من الضرورى تفكيك الأسطورة التى حاولت بعض الجماعات الإرهابية نسجها حول خالد الإسلامبولى وأقرانه ممن تم إعدامهم أو ممن تم سجنهم، بل يجب التأكيد دومًا  على أن ما فعله كان جريمة قتل سياسى مدانة شرعًا وقانونًا، وأن محاولات تبريرها أو تقديمه كبطل هى محاولات لتضليل الشباب وتجنيدهم فى صفوف العنف والإرهاب تحت راية الدين.

جيل طواحين الهواء!

أما الخبير بملف جماعات الإسلام السياسى مختار نوح فقال:  إن الجيل فى الفترة من عام ١٩٧٣ وحتى عام ٢٠١٤ هو جيل مُضلَّل وموهوم، حيث كانت الخطة الأمريكية تنطلق من استخدام تيار الإسلام السياسى  فى تضليل هذا الجيل  الذى عاش معارك طواحين  الهواء وعاش وهم الدفاع عن الإسلام فى أفغانستان والبوسنة والهرسك وغيرهما.

ويضيف مختار نوح لـ:فيتو”:  أنا واحد من هذا الجيل المضلل الموهوم؛ فأنا لم أعرف قدر الرئيس الراحل أنور السادات إلا بعد أن بلغت السبعين من العمر، رغم أنه صنع نصر أكتوبر ومع ذلك لم نشعر بفرحة النصر إلا بعد أن علمنا من هو أنور السادات وما قدمه لمصر، مشددا على أنه لو كان الإسلامبولى حيًّا لندم على جريمته التى حرم فيها الأمة العربية من رمز وأيقونة الانتصار على الكيان الصهيونى أشد الندم.

“نوح” اختتم حديثه قائلا: إيران أطلقت اسم قاتل السادات على أحد شوارعها، وكذلك الأحزاب اليسارية سارعت بالدفاع عن القتلى، ما يعنى أن مصر كانت ولا تزال تعانى من أعداء فى الخارج وخصوم فى الداخل، مما يسهم فى ضبابية المشهد وخلط الأوراق والتدليس على العوام والدهماء، مؤكدًا السادات لم يستحق هذه النهاية ولم يستحق القتل يوم الاحتفال بذكرى أعظم الانتصارات المصرية والعربية على إسرائيل.

اغتيال السادات جريمة لا تغتفر بالتقادم!

بدوره يرى الباحث فى ملف التيارات الإسلامية بمركز الدراسات الاستراتيجية بالأهرام الدكتور هشام النجار أن عملية اغتيال الرئيس السادات وصمة عار بحق من خططوا لها ونفذوها، ولا يمكن النظر إليهم إلا باعتبارهم قتلة ومجرمين، وجريمتهم لا تغتفر بالتقادم، ولا يمكن وصف من يتعاطفون معهم أو يقفون فى صفهم سوى أنهم مجموعة من السفلة! مضيفًا: يكفى هؤلاء القتلى عارًا أنهم  قتلوا بطل العرب والمسلمين الوحيد الذى ألحق الهزيمة بإسرائيل واسترد أرض سيناء  بعد نكسة 1967.

يرى “النجار” أن قتلة الرئيس الشهيد تم خداعهم والتلاعب بهم وتوظيفهم  لتنفيذ جريمة خسيسة وغادرة ضد واحد من أشرف الرجال فى تاريخ مصر والعرب، لافتًا إلى أن جماعة الإخوان الإرهابية الخائنة كان لها دور فى شحن هؤلاء الشباب وتحريكهم لاغتيال رئيس مصر!

يوضح “النجار”  أن جماعة الإخوان هى الحاضنة  للإرهاب، ودأبت على تنفيذ العمليات الإرهابية وسفك الدماء بايدى غيرها منذ منتصف الستينات، كما ثبت أن تيار اليسار كان له دور فى شحن الإسلامبولى ورفاقه وتوجيههم لتنفيذ جريمتهم النكراء التى استحقوا عليها الإعدام رميًا بالرصاص، والخلود فى قوائم الخزى والعار والغدر.

 

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا

الجريدة الرسمية