علي جمعة يوضح موقف الشرع في الحلال والحرام من زينة المرأة وحكم البرفان وعمل الحواجب

استعرض الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، ومفتي الجمهورية الأسبق، في حلقة اليوم من برنامج "نور الدين والدنيا"، قضية زينة المرأة.

وقال د. علي جمعة: و"خذوا زينتكم عند كل مسجد".. أمرنا الله، سبحانه وتعالى، ونحن نذهب إلى المسجد، وهو مركز للعبادة، والتعليم، والسياسة، وقضاء حوائج الناس، والخدمة الاجتماعية، والتكافل الاجتماعي، ومركز لاجتماع الناس في أفراحهم وفي أتراحهم، كان مركزا للحياة كلها.. وربنا، سبحانه وتعالى، أمرنا حينما نذهب إلى المسجد أن نأخذ زينتنا.. وهنا تكلم العلماء: هل هذا موجه للرجال فقط؟ أم أنه لا تمنعوا مساجد الله إماء الله، وأن المسجد يذهب إليه الرجل والمرأة، والولد والبنت؟

قضية زينة المرأة

وأضاف: والراجح عندهم أنه لجميع المسلمين، من الرجال والنساء.. وهذا مدخل يجيب لنا عن قضية زينة المرأة بالذات، حيث إنها تطورت، وأيضا مع هذا التطور فيه جزء منها تدهور، ودخلنا في حدود الفتنة، ونريد معرفة الحلال من الحرام، من الجائز، من غير الجائز في تعاملنا مع هذا الواقع سريع التطور، سريع التدهور، سريع النسبية، سريع الإيقاع.

ولذلك نبدأ في حوار مفتوح وفي عصف ذهني، نحاول خلاله أن نلتمس كيف نتعامل مع الواقع، وما الحدود التي يمكن أن نفعلها، أو أن نبتعد عنها.

تشبيه المرأة بالحلوى المكشوفة 

وتساءلت إحدى الفتيات: ليه فيه بعض الناس بتشبه المرأة التي تتزين خارج البيت بالحلوى المكشوفة، رغم أن ربنا كرم المرأة في القرآن؟

وأجاب د. علي جمعة: كل من خالف القرآن الكريم يكون مخطئا.. هناك ثقافات وأعراف تخالف كتاب الله، وتخالف وجهة النظر التي علمنا الله إياها، هناك مجتمعات ذكورية مثلا.. يجعلوا المرأة، وكأنها درجة ثانية، رغم أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: "النساءُ شقائقُ الرجال"، ورغم أن الله، سبحانه وتعالى، قال: "ولهن مثلُ الذي عليهن بالمعروف.

 وللرجال عليهن درجة"، عند اجتماع الأسرة.. هذه الدرجة ليست درجة فيها تمييز نوعي، وإنما فيها تمييز إداري للأسرة، حيث إنه كُلِّف شرعا بالإنفاق، وكلف شرعا بالسعي، وبالعناية والرعاية والحماية، فكان هو أقرب للاتصال بخارج الأسرة عن المرأة.. مسألة إدارية، ولكن ليست مسألة نوعية.. الله، سبحانه وتعالى، كرَّم المرأة وكرَّم الرجل، وكرم الإنسان: "ولقد كرمنا بني آدم".. ولم يقل: كرمنا الرجال أو الذكور أو الإناث، وسكت عنهن، أبدا لم يحدث هذا، ولكن هناك بطبيعة الحال عندما يشيع شيء من عدم الوضوح في المفاهيم، وتتغلب الطبائع، وطبيعة الرجل من أجل الوظائف والخصائص والمراكز القانونية أنه أقوى جسدا من المرأة، فيتغلب عليها، ويقهرها، ويحاسب عند الله، سبحانه وتعالى، لأنه مخالف، فالشرع شيء هو الذي نريد أن نحاول أو نبحث عن المفتاح الذي نستطيع به أن نتعامل مع هذه الحياة الدنيا معاملة عادلة.. في نهايتها السعادة، والأجر يوم القيامة.

هل البرفان حرام؟

وسألت فتاة: هل البرفان حرام؟
رد الدكتور علي جمعة: إذا قلنا إنه يجب على المسلم عندما يذهب إلى المسجد أن يتزين لهذا الذهاب.. العطر له أنواع وله درجات.. كل شيء يزيد عن حده ينقلب لضده.. الـ"Perfume" معمول من أجل الرائحة الطيبة، لكن لو أنه كان من أنواع معينة، وبطريقة وضع معينة، وبكميات معينة، ينقلب إلى شيء آخر غير الطيب، الشيء الطيب.
كن يذهبن إلى المسجد بأدوات عطورهن، إذن فوضع العطر ليس فيه شيء.. العطر إما يوضع على الجسد، أو يوضع على الملابس، أو "يبخ" ويسير الإنسان فيه.. كل درجة من هذه الدرجات تعطي رائحة ووقتا وأثرا مختلفا عن الأثر الثاني.. المسلمة في ذاتها عفيفة، تحب العفاف، لكنها تحب الطيب أيضا، وتحب أن تكون نظيفة، وأن تكون طيبة، وأن تكون رائحتها طيبة.. لا نريد أن نخرج عن هذا العفاف.

يقول النبي، صلى الله عليه وسلم: "أيما امرأة تعطرت لأجل أن يشمَّها الناسُ...".. فيه نية دخلت هنا، وهي بتحط العطر، علشان تلفت الأنظار إليها، علشان تجذب إليها قلوب الآخرين.. النية هنا بقى.

فالحديث قيَّد هذا الوضع الذي ترتب عليه أنه لا تُقبل صلاتُها، والعقوبات الموجودة لمن تنوي الخروج عن العفاف.

إنما الأعمال بالنيات

يجب أن نفهم هذا بقوة لأن هذا هو القضية كلها. "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى"، وضعها الإمام البخاري في أول صحيفة، لأن ده مفتاح الدين.. لو انتي ناوية تعملي شر بالحكاية دي، ها تتجازي؛ لدرجة الإمام الغزالي، وكل الفقهاء، بيقول: لنفرض أن أمامنا كوب ماء، وتصورت أنها خمر، وشربتها أكون آثما. يقول ابن الصلاح: وفي الحد قولان.. يعني نطبق عقوبة شرب الخمر وللا لأ؟

بعض الفقهاء قال ربنا ستر، وطلعت مياه، والنية السيئة اللي كانت موجودة نتوب إلى الله منها، وبعضهم قال: لا.. أنت تجرأت على شرب الخمر عن طريق شرب الماء.. كان يجب ألا تشربها، إنما في النهاية أنا شربت ماء.. إنما الأعمال بالنيات..

عايزين نفهم الكلام ده بعمق، لأنه هو اللي هاينقذنا في التعامل مع الحياة الدنيا، فالبرفان حرام وللا حلال للمرأة؟
كان فيه نوع موجود، ترجمته بالعربية علشان ما يبقاش إعلان: "فضيحة".. لو حطيتي منه الناس كلها تبص لك زي ما في الإعلانات.. كم اللي هانحطه، وكذلك النوع، والمستوى.. كل الحاجات دي لازم تكون في نطاق العفاف.. أما أصل إننا نحطه نحط.

لما ييجي حد يطرح أسئلة ملهاش لازمة، زي: يعني نشتري أي نوع؟ نحطه ازاي؟ نحطه امتى؟ كدة زيادة شوية.. احنا بنحط القواعد اللي نقدر بيها نتصرف، ونطبقها، فنوصل للحل السليم.

ليه ربنا خلق البنت بتحب تتزين؟

وتساءلت إحدى البنات الحاضرات: ليه ربنا خلق الست أو البنت بتحب تتزين؟
وأجاب الشيخ علي جمعة: وخلق الرجل يحب يتزين، وأمر الرجل بالزينة صراحة: "خذوا زينتكم عند كل مسجد".. وأتى شخص إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وقال له: يا رسول الله، إني أحب أن يكون ثوبي جميلا، وأن يكون نعلي جميلا،........، قال: "إن الله جميل يحب الجمال".. كان بيتكلم عن الكبر، فالرجل تصور أننا عندما نلبس حلو ونتشيك، نبقى متكبرين، فقال له: "الكبرُ غمطُ الحق"، أن تتعالى عن الاعتراف بالحقيقة.

البنت أجمل من الرجل

وقال د. علي جمعة: لكن هاسأل مكانك: مش ليه ربنا خللى البنت تحب الزينة، والولد مش بيحبها..لا.. هي متعلقة بها لأنها أجمل من الرجل.. ربنا جعلها هكذا، لأنها مصدر الحياة.. الرجل يتنطط علشان يجيب الرزق من فم الأسد، والبنت تخرج منها الحياة.. دي التقسيمة الأساسية، حتى الأنثى في كل الحيوانات رقيقة، وتحب الجمال، وتحب الزينة.
وأضاف: إن من كتبوا في عالم الحيوان، زي الإمام الدميري، والجاحظ، لاحظوا ذلك.. هذا خلق الله، وهذا يتواءم مع قضية الخصائص، الوظائف، المراكز القانوينة. احفظي القواعد تتفك معاكي كل حاجة، تلاقيها مبهرة.

زنا النظر

وسأل شاب: "العين تزني وزناها النظر"، حديث سمعتُهُ عن الرسول، صلى الله عليه وسلم، فهل أنا عندما أمشي في الطريق إذا نظرت لامرأة غير محتشمة، أو متبرجة، أكون زانيا إذا نظرت لها؟

وأجاب الشيخ: لا، المرأة يجب عليها ستر ما دون الوجه والكفين، سألوا الإمام جعفر الصادق، عندما دخل فيما وراء النهر، في هذه البلد كانت النساء غير محجبات.. نعمل إيه؟! 

أبص كدة ألاقي واحدة مكش محجبة، وانت بتقول لي غض البصر.. أبص الناحية التانية ألاقي واحدة تانية، طيب وبعدين؟! أغمض عيني وللا أعمل إيه؟!

شهوة المعرفة

أوضح د. جمعة: فقال الإمام جعفر: سقطت حرمة النظر إليهن، لأنهم اللي كشفوا، وده يعطينا حتة في حجاب المرأة أن ربنا يخللي البنت اللي مش راضية تتحجب كأنها سمحت للآخرين أن ينظروا إليها، لكن اللي بتقوله اللي بيتلصص النظر، واحدة محجبة وبيبحث وراها علشان عايز يشوفها.. عنده شهوة المعرفة، فكل محجب محجوب يبقى مرغوب في معرفته.. دي اسمها "شهوة المعرفة".

الحالة اللي بتسأل عنها فيها عفو ومسامحة، لأن الغلط مش غلطك.
ابن القيم بيقول: لما تبص ما تفكرش، لأني ممكن أبص، وبعدين أفكر، وبعد التفكير التدبير، وبعده السلوك.. طيب ما نقطعها من الأول.. يبقى نبص عادي خالص، مش تستبيح المسألة.. كأن الأمر عادي، طبيعة الأشياء كدة، وأمتنع عن الخطوة التانية.. وهي قضية التفكر، ثم قضية التدبر، ثم السلوك.. اللي أمرني به الشرع عملته، أما محض النظر فما دام شاعت المسألة يبقى سقط الأمر.

النفس أمارة بالسوء

وتساءل الشاب ثانية: بس أنا أحيانا النفس أمارة بالسوء، فمن غير قصد لما بابص باحجب وجهي، لكن الفكرة في دماغي!

ورد جمعة بسرعة: من هنا قالوا ما توديش وشك عمدا، وبعدين نفسك تحدثك.. هو عايزك تتعود على أنك بالمصري "تطنش".. لا تلتفت إلى هذا الحال، فلا تنشغل ولا تشغل نفسك به.

وعلى كل حال لسة ما اتعودتش، ولسة ما بقاش الأمر مستقر في وجداني، واتعودت أن أغض البصر، وبناء عليه تحدثني نفسي، يبقى لسانك لا يزال رطبا بذكر الله.. أستغفر الله فتمحى كل الذنوب.. إلى أن تعود نفسك على ما دلنا عليه الأئمة الكرام في هذا الباب من التربية التي ذكرناها.

"بوست" دار الإفتاء

وسأل شاب: دار الإفتاء نشرت "بوست"، بتقول إن رش البارفان للسيدات حلال، وفيه حديث بيقول: إن الست اللي بترش بارفان زانية!

وأجاب د. جمعة: أنا قلت لك الحديث.. وقلت لك إن فيه "لأجل".. الحديث اللي بتقوله مفيهش كدة.. مفيهش إن اللي بتحط كأنها.. فيه من تعطرت لأجل أن يشمَّها الناسُ.. يبقى لأجل هنا معناها إن فيه نية عندها، حاطاه لغرض معين، وهو غرض إثارة الشهوات والفتن، إلخ... حينئذ تعاقب عند الله، لكن اللي حطت لا تريد هذا، وإنما تريد أن تكون متطيبة لا يشمها الناس، ولا حاجة.. فمرت على قوم، طيب افرض أنها حطت ولم تمر على قوم.. يبقى حلال.. إذن فيه قيود في الحديث لازم تاخد بالك منها، لازم ترجع للحديث وتدرسه بهدوء.. مش كلمات طيرناها من الحديث وحكمنا عليها.

الحلق في أذن الرجل

طالب: فيه مطربين رجال بيلبسوا حلقان في ودنهم، هل هذا يعتبر من زينة الرجال؟ 
فأجابه الدكتور علي جمعة: هذا ليس من زينة الرجال، والعرف جاري على هذا، حتى أصبح في أوروبا وأمريكا علامة للشذوذ.. وليس فقط تشبها بالمرأة. ولذلك ممنوع أ، يفعل هذا، سواء كان مطربا أو غيره.. أي شخص يفعل هذا يكون قد خرج عن الجادة.

الوشم والنمص

وسألت فتاة: عمل الحواجب حلال وللا حرام.. تنظيف فقط؟
رد الشيخ علي جمعة، قائلا: النبي، صلى الله عليه وسلم، نهى عن الوشم، والنمْص، وهو تغيير خلق الله في شعر الوجه.. العلماء لما تأملوا كلام النبي، صلى الله عليه وسلم، وجدوه أنه هل هو من قبيل التعليل، (يعني لعلة معينة)، وللا هو مطلق، منهي عنه وبس؟

"علم الفراسة"

وأكد الشيخ علي جمعة: فذهب الإمام الشافعي إلى أنه معلل بالتدليس على الخاطب.. وكان زمان فيه علم اسمه "علم الفراسة"، أول ما يشوفك، من حواجبك، من رموشك، من شفايفك، يعرف كل حاجة عنك.. علم الفراسة قديم في اليونان، وكان عند العرب.

وكان الإمام الشافعي عالما كبيرا في الفراسة.. وألف فيها الرازي، وغيره.. دلوقتي طوروا الفراسة بالـ"Body language"، (لغة الجسد)، حركات الجسم، زعلانة وللا فرحانة وللا مهمومة، وللا مرتاحة... من حركات الجسد.. 
وأشار: الفراسة أعمق من الـ"Body language"، لأنها يستدل فيها من الأعضاء، والتقلصات والخلجات، على أمور أخرى.. فالحواجب دي قال عنها الأئمة الذيت يرون أن هذا معلل، قالوا إن ده يجوز بإذن الزوج علشان يمنعوا أي نوع من أنواع التدليس على الخاطب.

علي جمعة: "البنت اللي مش راضية تتحجب كأنها سمحت للآخرين أن ينظروا إليها"

علي جمعة: لبس الرجل للحلق في الأذن "علامة للشذوذ" (فيديو)

واختتم: النكت كتيرة في حكاية الخاطب اللي جه فوجدها "على سنجة عشرة"، وبعدين تركت التزين فأصبحت "زي أخويا حنفي". جاية من التدليس اللي حصل أثناء الخطوبة.. وبعدين يبقى فيه مشاكل، ويكثر الطلاق. فقالوا: إن هذا جائز بإذن الزوج.. لو الزوج أذن يبقى تعمل حواجبها.. إذن التحريم معلل، بالتدليس.

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.