التعددية.. حصن مصر الآمن
عندما قال مبارك متنمرًا: “خليهم يتسلوا”، لم يكن الرجل يعلم أن مصر ستدفع ثمن هذه التسلية، ليس من باب خيانة الذين وجَّه إليهم مبارك رسالته الساخرة، وإنما كانت الطامة الكبرى أن أجهزته بثت إليه طمأنينة لم تكن مبنية على تحليل واقعي لما يمكن أن يجرى.
على أن أخطر ما فعله نظام مبارك أنه حاصر الكيانات الشرعية في مقراتها، وترك الساحة الواسعة للعمل السري، بل إنه راعاه ولعب معه وبه، فكانت جماعة الإخوان هي الحصان الأسود الذي يتخفى في الظلام، ولم تكن الأحزاب المحاصرة أفضل حالًا في اللعب مع الجماعة أدوارًا تحت بصر الدولة ومباركتها.
طوال سنوات حكمه وضع نظام مبارك قواعد حاكمة لبقائه اعتمدت على حياة حزبية تدار من غرف الأمن، وظل الأمر على نحو خادع يشي باستقرار بدا أوهن من بيت العنكبوت، عندما انطلقت الجماهير في الشوارع تطالب بسقوط النظام.. وسقط النظام.
حالة الخواء السياسي التي تعيشها أي أمة هي أخطر ما يهدد استقرارها، إذ لا يمكن لدولة بحجم مصر مثلًا أن يكون هذا حال الحياة الحزبية فيها: نموذج متكلس ومتجمد ووهمي مع نشوء كيانات فوقية، طفيلية على حساب الكيانات الشرعية كلها، لا يمكن لها أن تحمي بلدًا أو تساند نظامًا في محيط هادر وقوى دولية تتصارع من أجل رسم خريطة جديدة للعالم.
وللأحزاب السياسية طريقة واحدة في الوجود وهي أن تولد بشكل طبيعي من رحم الشارع، وكفانًا ما لقينا من التجربة التعددية الثانية التي قررها الرئيس الراحل محمد أنور السادات، عندما حوَّل المنابر الثلاثة إلى ثلاثة أحزاب هي: حزب مصر، وحزب الأحرار، وحزب التجمع.
ظلت التجربة عرجاء ومحاصرة في مقراتها تأتمر بأوامر السلطان، وتمارس فيها الأجهزة الأمنية كل صنوف اللعب غير النظيف حتى كانت يناير 2011م، وعلى البنيان غير المؤسس أطلت علينا بعد ذلك كومة من أحزاب أخرى، لم يكن نصيبها أفضل من نصيب التجربة التعددية الثانية.
حوصر بعضها، وتلاشى بعضها، وصار الجيد منها مهددًا بذات الألعاب الصبيانية التي بثت أمراضها في التجربة السابقة عليها، ورأينا كيف تدبر الانقسامات داخل هذه الكيانات، وتمر بنفس الطريقة التي عهدناها أيام نظام مبارك، فكانت النتيجة هروب أصحاب التجارب الجادة ونزوح آخرين إلى منطقة الانكفاء طلبًا للسلامة.
وإذا كان المحيط الإقليمي للبلاد يشهد تحولات غاضبة وأخرى مسيرة بريموت الغرب وأمريكا ووضع المنطقة فوق درجة حرارة أعلى ربما لم تشهدها من قبل، فإن ديناميكية الحياة الحزبية ووضعها هو طريق النجاة لوطن يبلغ عدد سكانه أكثر من مائة مليون إنسان.
وضع مصر الجغرافي والسياسي، وما تموج به منطقتنا من اختراقات بلغت ذروتها، يفرض علينا تدارك الأمر، خصوصًا أننا تأخرنا في هذا الملف، إن لم نكن تقهقرنا بفعل فاعل، فالرهان على الشارع هو الملاذ الحقيقي للخروج من مأزق تدار تفاصيله بعيدًا عنا وتجهز لنتجرعها.
الرهان على القوة مهما كانت لن يكون حلًّا، فكم من دول كانت تمتلك ما هو أكبر من قدراتنا وكانت حركة الشارع أقوى بكثير، وشهدنا من التجارب ما يجعلنا ندق ناقوس الخطر بعد أن باتت المنطقة على خط النار والفوضى، وما لم يتحقق من قبل سيكون سهل تحقيقه الآن.
الحل هو إعادة الثقة إلى الحياة الحزبية، وفتح المجال العام، والاستعداد لما يحيط بنا بحياة حزبية قوية وقادرة على الإيفاء بمتطلبات المرحلة القادمة، والتحرك الآن قبل الغد، إذ إن الحريات المنضبطة والمسئولة، والتي تحكمها معايير وقوانين، هي الحصن الحصين لبلد محاط بحرائق لا يعلم إلا الله متى تتوقف وأين تتوقف!
الرأي الواحد لن يحمي الأمة، والوجهة الواحدة لن تكون أمرًا مقبولًا، وأحزاب الأنابيب لن تتحمل مسئوليات جسامًا، والاطمئنان إلى هيمنة القوة لن يصمد، والسير في ذات الاتجاه مع انتظار نتائج مغايرة لنفس المقدمات أمر جنوني ومستحيل وغير قابل للطرح أو الاعتماد عليه.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.
تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا