رئيس التحرير
عصام كامل

متى يجب على الإنسان عصيان والديه؟، الشعراوي يجيب (فيديو)

الشيخ محمد متولي
الشيخ محمد متولي الشعراوي، فيتو

سورة لقمان، جعل الله تعالى بر الوالدين طاعتهما بعد عبادته جل وعلا، فقد قال سبحانه في محكم آياته: «وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ»، وكما جعل طاعتهما في مكانة عظيمة، استثنى منها شيئا، وهذا ما سنعرفه في السطور التالية.

 

سورة لقمان الآية 15

قال تعالى: «وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ».

سورة لقمان الآية 15

تفسير الشيخ الشعراوي للآية 15 من سورة لقمان


قال الشيخ محمد متولي الشعراوي: يؤكد الحق سبحانه على طاعة أمر الوالدين، وكأنه سبحانه استدرك غير مُستدَرك، فليس لأحد أنْ يستدرك على الله، وكان واحدًا يناقش رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمر الوالدين وما نزل في شأنهما، فسأل: كيف لو أمراني بالكفر، أأكفر طاعة لهما؟ لذلك جاء الحكم من الله في هذه المسألة، وفي آية العنكبوت: «وَوَصَّيْنَا الإنسان بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَآ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ» (العنكبوت: 8).
 

بلاغة القرآن في بر الوالدين

وتابع الشعراوي: فذكر فيها (حُسنًْا) ولم يقل فيها «وَصَاحِبْهُمَا فِي الدنيا مَعْرُوفًا»، فكأن كلمة الحُسْن، وهي الوصف الجامع لكلِّ مدلولات الحُسْن أغنتْ عن المصاحبة بالمعروف، ومعنى «جَاهَدَاكَ..»، نقول: جاهد وجهد، جهد أي في نفسه، أما جهاد ففيها مفاعلة مع الغير، نقول: جاهد فلان فلانًا مثل قاتل، فهي تدل على المشاركة في الفعل، كما لو قلت: شارك عمرو زيدًا، فكل منهما فاعل، وكل منهما مفعول، لكن تغلب الفاعلية في واحد، والمفعولية في الآخر، فمعنى «وَإِن جَاهَدَاكَ..»، لا تعني مجرد كلمة عَرَضَا فيها عليك أن تشرك بالله، إنما حدث منهما مجهود ومحاولات لجذبك إلى مجاراتها في الشرك بالله، فإن حدث منهما ذلك فنصيحتي لك «فَلاَ تُطِعْهُمَا..».
 

الشيخ محمد متولي الشعراوي، فيتو

حق الوالدين

وأضاف الشيخ الشعراوي: ثم إياك أنْ تتخذ من كفرهما ودعوتهما لك إلى الكفر سببًا في اللدد معهما، أو قطع الرحم، فحتى مع الكفر يكون لهما حق عليك «وَصَاحِبْهُمَا فِي الدنيا مَعْرُوفًا..»، ثم إنهما كفرا بي أنا، وأنا الذي أوصيك بهما معروفًا، وقوله تعالى: «واتبع سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ..»، أي: لن تكون وحدك، إنما سبقك أُنَاسٌ قبلك تابوا وأنابوا فكُنْ معهم «ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ..»، أي: مأواكم جميعًا.
 

قصة سعد بن أبي وقاص مع أمه

وأكمل الشعراوي: قالوا: إن هذه الآية نزلت في سعد بن أبي وقاص، الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خالي سعد، فليُرني امرؤ خاله» ولما أسلم سعد غضبت أمه- وكانت شديدة الحب له فكادت تُجَنُّ وحلفتْ لا تأكل ولا تشرب ولا تغتسل، وأنْ تتعرَّى في حَرَّ الشمس حتى يرجع دينه، فلما علم سعد بذلك قال: دعوها والله لو عضَّها الجوع لأكلتْ، ولو عضَّها العطش لشربتْ، ولو أذاها القمل لاغتسلتْ، أما أنا فلن أحيد عن الدين الذي أنا عليه، فنزلا: «وَإِن جَاهَدَاكَ..»، ولو أن الذي يكفر بالله ويريد لغير من المؤمنين أنْ يكفر معه كابن أو غيره، ثم يرى وصية الله به رغم كفره لعلم إن الله تعالى رب رحيم لا يستحق منه هذا الجحود.
 

لو خلقتموهم لرحمتموهم

وأردف الشعراوي: وسبق أن ذكرنا الحديث القدسي الذي قالت فيه الأرض: «رب ائذن لي أن أخسف بابن آدم، فقد طعم خيرك ومنع شكرك وقالت السماء: رب ائذن لي أن أسقط كسَفًا على ابن آدم فقد طعم خيرك ومنع شكرك، وقالت البحار: يا رب ائذن لي أن أُغرق ابن آدم فقد طعم خيرك، ومنع شكرك.. إلخ، فقال الحق تبارك وتعالى: لو خلقتموهم لرحمتموهم»، ذلك لأنهم عباد الله وصَنْعته، وهل رأيتم صاحب صنعة يُحطِّم صنعته، وجاء في الحديث النبوي: (الله أفرح بتوبة عبده من أحدكم سقط على بعيره، وقد أضله في أرض فلاة)، إذن: فنِعْمَ الرب هو.
 

ذُل السؤال


واختتم الشعراوي: وتأمل عظمة الأسلوب في «وَصَاحِبْهُمَا فِي الدنيا مَعْرُوفًا..»، فلم يقل مثلًا أعطهم معروفًا، إنما جعل المعروف مصاحبة تقتضي متابعتهما وتفقُّد شأنهما، بحيث يعرف الابن حاجة أبويْه، ويعطيهما قبل أنْ يسألا، فلا يلجئهما إلى ذُلِّ السؤال، وهذا في ذاته إحسان آخر، كالرجل الذي طرق بابه صديق له، فلما فتح له الباب أسرَّ له الصديق بشيء فدخل الرجل وأعطى صديقه ما طلب، ثم دخل بيته يبكي فسألته زوجته: لم تبكي وقد وصلْته؟ فقال: أبكي لأنني لم أتفقد حاله فأعطيه قبل أن يذَّل نفسه بالسؤال، والحق تبارك وتعالى حين يقول بعد الوصية بالوالدين: «إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ»، إنما لينبهنا أن البرَّ بالوالدين ومصاحبتهما بالمعروف لم يُنسى لك ذلك، إنما سيُكتب لك، وسيكون في ميزانك؛ لأنك أطعتَ تكليفي وأمري، وأدَّيْتَ، فلك الجزاء لأنك عملتَ عملًا إيمانيًا لابد أن تُثاب عليه.

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم، أسعار الدولار، أسعار اليورو، أسعار العملات، أخبار الرياضة، أخبار مصر، أخبار الاقتصاد، أخبار المحافظات، أخبار السياسة، أخبار الحوادث، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي، الدوري الإيطالي، الدوري المصري، القسم الثاني، دوري أبطال أوروبا، دوري أبطال أفريقيا، دوري أبطال آسيا، والأحداث الهامة والسياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

الجريدة الرسمية