رئيس التحرير
عصام كامل

المطلوب من مصر الآن!

تبدو مصر كالأم المكتوب عليها أن تعطي فقط مع أولاد لا يكبرون، رغم الزمن هي الأم وهم الأبناء لا يتوقفون عن الطلب ولا تشتكي من تلبية ما يريدون، حتي أنها الآن تحتضن أكثر من عشرة ملايين ضيف من ليبيا والسودان واليمن والعراق وسوريا، بدون أن تتململ ولا تشكو، ورغم التهاب الحدود ورغم الأزمة الاقتصادية الخانقة لا يكفون عن الطلب، ويمنعها الحياء من الرفض.. 

 

وهكذا فلكل صاحب مصلحة في المنطقة رأى في دور مصر، سواء في الدور الذى أدته أو الدور الذى تؤديه أو الدور الذى عليها أن تؤديه أو الدور الذى لا ينبغى عليها أداؤه. ويحاول كل  منهم دفع مصر أو جرها إلى حيث يرى تحقيقا لمصلحته. البعض اتفاقا، والبعض نفاقا، والبعض تثبيطا، والبعض توريطا، والبعض حبا، والبعض حربا..

Advertisements


كثير مـن الاسئلة التى تشـغل العقل العربى عـن دور مصر في العالم العربى. لمـاذا أدت هذا  الدور أو ذاك في الماضى؟ وما هو الدور المتوقع أن تؤديه في المستقبل؟ ولماذا يتغـير دور مصر في المنطقة تغيرا حادا من حين إلى حين؟ وتلك أسئلة مشروعة قياسا علي الماضي، ولكن قياس المستقبل على الماضى خطأ، ذلــك لأنــه يلغى دور البشر صناع المسـتقبل.

دور مصر 


فلكل زمان أحكـام. وكل دور فى زمانه كان حصيلة مؤثرات هذا الزمن وبالتالي لايجوز تقييم مضمونه خارج اطارها، ثم أنه صحيحا أن التاريخ لا يعيـد نفسـه وخاصة بعد تمزق المنطقة وسلب أرضيها، وتحويلها إلى ساحة صراع بين المصالح والقوى العشائرية والطائفية والشعوبية والإقليمية والصهيونية والدولية.. 

 

وهو صراع بارد حينا، ملتهب حينا آخر لكنه في كل حين مسلط على العقل العربى، يحاول بالكلمات والنظريات والأفكار والآداب والفنون، بكل إغراء وبكل إغواء، أن يصوغه فكرا ليسخره فعلا، ليؤدى عنه طوعا ما تقصر عن أدائه وسائل الإكراه. 

 

ومن بين ما يصوغونه أفكار متباينة عن دور مصر وفي هذا الواقع المعاصـر تسند إلى مصـرأدوار متعـددة بقدر تعدد القوى مختلفـة بقـدر اخـتلاف البواعـث، متناقضة بقـدر تناقض المصالح، مـترددة فيمـا بين أقطاب لا تلتقـى بـين الماضى والمسـتقبل. ولا يصـح في الواقـع أو في العقل اسناد كل تلك الأدوار معا إلى مصر الواحدة في زمان واحد.. 

 

ثم إن ما حدث بعد وخلال ثورات ما سمي الربيع العربي أحدث زلزالا عميقا في قناعات شعوب المنطقة بالثوابت القديمة، ولكن تاريخ 30 يونيو جاء ليصحح الكثير من الأوضاع التى اعترت مصر في الفترة من 2011 إلى 2013، وكانت مصر قد وضعت نصب عينيها هذا الميراث الثقيل الذى أضر كثيرا بمصر وأمنها القومى، وأثر على مكانتها ونفوذها وتأثيرها عربيا وإفريقيا وعالميا وأضر بسياستها الخارجية..

 

اليوم الوضع مختلف تماما حيث استعادت مصر نفوذها ودورها وتأثيرها وتواجدها وعلاقاتها واتزانها، وهناك تقدير كبير لما نجحت مصر في تحقيقه على المستوى الداخلى وعلى مستوى علاقاتها الخارجية.. 

 

فالعلاقات المصرية العربية أصبحت أفضل بكثير مما كانت عليه في الماضى وأصبح المحور الإفريقى يحتل الصدارة في سياسة مصر الخارجية.. مصر اليوم أصبحت لها مصداقية أكبر وأصبح أمن مصر القومى أفضل بكثير بفضل الشعب المصرى الذي وقف مساندًا لقيادته، وهو على قناعة تامة بأننا على المسار الصحيح، ودول العالم أصبحت تتعامل مع مصر بقدر أكبر من الإحترام والتقدير.. 

 

وعطاء الدولة المصرية ماضٍ نحو تحقيق أمن وأمان الدول؛ إذ تحاصر الهجرة غير الشرعية عبر تأمين حدودها المشتركة، ومن ثم تساعد في القضاء على الاتجار في البشر أو تهريبهم، وتمنع تهريب المواد المخدرة التي تستهدف البلاد أو دول الجوار، ناهيك عن دورها الرائد في التعاون القضائي لدحر الجريمة المنظمة والقضاء على منابع الفساد وتحقيق العدالة المطلقة من خلال تمكين تطبيق القوانين.

الجريدة الرسمية