رئيس التحرير
عصام كامل

حكايات رمضان في قهوة المجاذيب بالحي الذي لا ينام

رواد مقهى الدراويش،
رواد مقهى الدراويش، فينو

عرف حي الحسين بالحى الذي لا ينام طول العام وخاصة في شهر رمضان، فالحياة مستمرة في طرقاته وأزقته الضيقة التي كانت ولا زالت قلب القاهرة القديمة حيث يهرع إلى هذا الحي الأدباء والشعراء ورجال الفكر والمال والإعلام والفن إضافة إلى السائحين والأجانب العاملين في مصر ليسهروا ليالي رمضان في هذا الحي الذى عرف أيضا بالحي اللاتيني لأنه يضم جنسيات مختلفة.

مقهى الفيشاوي هي قلب الحى اللاتينى الساهر كانت ومازالت مكان الفنانين والشعراء والادباء الذين اختاروا المقهى مقرا لجمعية تكونت باسم الخالدين وكان الموسيقار فريد الأطرش أحد أعضائها مع مجموعة من شيلته الذين اعتادوا السهر فيها حتى موعد السحور فى الفيشاوى، وتضم جمعية الخالدين: شادية وكمال الشناوي ومحسن سرحان، تحية كاريوكا ولولا صدقى وانور منسى وعفاف شاكر.

وأثناء إحدى السهرات قررت جمعية الخالدين إقامة حفل تكريم لأحد المجاذيب الذى يعلق أغطية الزجاجات كنياشين على صدره على سبيل الضحك والتهريج ورفض صاحب مقهى الفيشاوي منعا للصخب في هذا الحفل،  فانسحب أعضاء الجمعية ومنهم مجموعة الفنانين إلى مقهى مجاور للمشهد الحسيني تسمى مقهى المجاذيب  ـ أنشأت فى اوائل الاربعينات من القرن الماضى ـ وأصبح أسمها الآن مقهى الدراويش، وهى تضم الملك، وسبع البحار، وأمير الجيوش، والسلطان الجائر والمارشال وغيرهم من المجاذيب المعروفين في الحي.

عند مدخل مقهى المجاذيب اعتاد عدد منهم أن يبيع البخور والمسك والسبح وكانت الراقصة تحية كاريوكا الزبونة رقم 1 وكانت تشترى كل ليلة بعشرات القروش تدفعها عن طيب خاطر حتى أن المجاذيب كانوا ينتظرونها كل ليلة بفارغ الصبر وهي في المقابل تنتظر منهم الدعوات.

وكما نشرت الكواكب فى رمضان 1957 أن من طرائف جمعية الخالدين انها تقيم حفلات التكريم للمجاذيب لما يحدث فيها من طرائف ومضحكات، وحدث أن أقامت يوما فى رمضان عام 1949 حفلا لتكريم أحد المجاذيب يطلق عليه "المارشال" الذى هزم الجيوش واجتمع رواد الجمعية وشلة فريد الأطرش من الفنانين مع المخرجين نيازى مصطفى والسيد زيادة وكامل التلمسانى وفؤاد الجزايرلي وألقى زيادة خطبة تمجيد للمارشال والجميع يضحكون.

وبينما كان نيازى مصطفى يستعد لإخراج فيلم "رابحة " فأرسل فى اليوم التالى الريجيسير ليجمع المجاذيب فى سيارة إلى الاستديو إلا أن المجاذيب ضربوه ضربا مبرحا ورفضوا ركوب السيارة.

ولم ييأس نيازى فأحضر فى اليوم التالى عربة لورى محملة باطباق اللحم والفتة ووقف بها امام مقهى المجاذيب وهجم المجاذيب على السيارة فأمر نيازى السائق بالانطلاق بالسيارة التى امتلأت بالمجاذيب الى ستديو الأهرام وفى الاستديو كانت هناك مائدة طعام أخرى تنتظرهم. 

استطاع نيازى مصطفى فى النهاية تصوير المشهد الذى يريده ولما حاول مكافأتهم بالمال رفضوا، ولم يجد نيازى مصطفى غير أن يحضر إليهم ثوب من البفتة البيضاء وقسمها لكل واحد منهم ما يكفى لعمل جلابية.

غرام فريد شوقى بحكايات الشيخة سعدية 

وكانت مقهى المجاذيب تضم مواهب نادرة فى الغناء منهم الشيخة سعدية التى كانت تقلد ام كلثوم وتغنى قصائدها في مديح الرسول لكنها تتوقف عن الغناء تماما فى رمضان وتحضر كل ليلة كمستمعة لزملائها فقط، وحدث ان رغب الفنان فريد شوقى في عمل فيلم باسم الشيخة سعدية يحكى قصة حياتها الا انه خشى غضب مشايخ الطرق الصوفية فعدل عن الفكرة لكنه كان يحضر الى المقهى خصيصا للاستماع الى حكاياتها.

الفنان محمد الأطرش 

أما الشيخ محمد المجذوب فهو يقلد فريد الاطرش بكلام من عنده فيه مواعظ وحكم يركبه على الحان اغانى فريد الأطرش بإجادة تجعل من الصعب التفريق بينهما لدرجة أن رواد المقهى أطلقوا عليه اسم محمد الاطرش.
 

الجريدة الرسمية