رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

الفن وسنينه

نور الشريف قال لي: حبيب العمر على نار؟!

يستمر صديقي الفنان الكبير نور الشريف في سرد حكاياته وذكرياته الفنية المثيرة والثرية لي، فاتحًا خزينة أسراره، بكل صدقٍ وشفافيةٍ كما عودني دائمًا في حواراتنا وسجالاتنا التي امتدت لأكثر من25 عامًا، والتي استفدت منها أيما استفادة وتعلمت منها الكثير والكثير على المستويين الفني والإنساني، لأنها تحمل مضمونًا عميقًا وتعطي دروسًا لا تقدر بثمن..

 

ولهذا رأيت ضرورة نشرها في عددٍ من المقالات، عبر منصتنا الاليكترونية المحترمة فيتو متمنيًا أن تنير الطريق للأجيال الفنية الحالية خاصةً في ظل الأوضاع الصعبة التي يعاني منها الفن والوسط الفني المصري في السنوات الأخيرة.. 

 

وفي مقال اليوم يحكي لنا الأستاذ نور الشريف حكايتين له مع الملك الفنان العظيم الراحل فريد شوقي، والتي تكشفان عن علاقة الحب الكبير والتقدير والتفاهم، التي كانت تجمع بين هذين العملاقين، وتعكسان مثالية العلاقة بين الأستاذ والتلميذ.. جيل الرواد الآباء وجيل الوسط من الأبناء.

الملك والقطة


يتذكر الأستاذ نور الشريف أولى الحكايتين فيقول: كانت العلاقة التي تربطني بالملك الفنان الراحل فريد شوقي علاقة حب تتشابه مع علاقة الحب بين الابن وأبيه، ولقد كان من حسن حظي أن أشارك بفيلم كلمة شرف من إنتاجه في بداياتي.. 

 

وهو الفيلم الذي غير نظرة وزارة الداخلية إلى المساجين حسني السير والسلوك، وتغيرت اللوائح والقوانين وسمحت لهؤلاء المساجين بزيارة أهلهم في بيوتهم للضرورة، ثم يعودون إلى محبسهم مرة أخرى، وأرجو أن يتابع الناس هذا الفيلم باهتمام عند عرضه على القنوات الفضائية، ليروا كيف كان هذا الفنان الرائع بارعًا في إنتاج أعماله، وكيف نجح في أن يجمع نجومًا بحجم هند رستم ورشدي أباظة وأحمد مظهر بالإضافة إلى الرقيقة نيللي والعبد لله؟


بعد هذه المقدمة سأروي لك ما حدث بيني وبين أبي فريد شوقي في فيلم قطة على نار من إنتاج شركتي 'NB' أنا ورفيقة حياتي بوسي عام 1977، فعندما أرسلت سيناريو الفيلم إلى الأستاذ فريد شوقي وهو عن مسرحية للكاتب الأمريكي تينيسي وليامز بعنوان قطة على صفيح ساخن، اندهش من جرأتي في إنتاج هذا الفيلم، لأنه يتعرض لعلاقة غريبة جدًا تجمع بين رجلين؟!


وكم شعرت بالسعادة عندما أخبرني بموافقته على المشاركة بالفيلم، وللأسف الشديد نضطر في عملية الإنتاج إلى مواقف محرجة بين الزملاء، فما بالك بين تلميذ وأستاذه.. بين ابن وأبيه.. ويعلم الله كم أكن له من حب وتقدير وإعجاب.


ومنعًا للإحراج أرسلت مدير إنتاج الفيلم للاتفاق مع الأستاذ فريد شوقي، وعندما عاد من عنده أبلغني أن الأستاذ طلب أجرًا أعلى من أجره المعروف ب 500 جنيهاٍ!، ولم يكن هذا الرقم بقليلًا وقتها، ورغم ذلك وبلا تردد قلت لمدير الإنتاج: اذهب إلى الأستاذ ليوقع العقد وإدفع له ما يريد.

حبيب العمر


أما الحكاية الثانية للأستاذ نور الشريف مع العملاق فريد شوقي فجاءت على لسانه كالتالي:
مر عامان على الواقعة السابقة، حتى فوجئت بالسيدة ناهد فريد شوقي وهي منتجة متميزة بعيدًا عن كونها ابنة الأستاذ فريد، تطلب مقابلتي، وفورًا قابلتها فأعطتني سيناريو فيلم لا تبكي يا حبيب العمر وقالت لي: هناك شيء كنت أريد أن أقوله لك، ولكن سأؤجله إلى ما بعد قراءة السيناريو، وأرجو أن تنتهي منه بسرعة.


صباح اليوم التالي مباشرةً اتصلت ب ناهد فاندهشت من سرعتي فئ القراءة، وسألتني: إيه رأيك؟ فترددت قبل أن أجيب، فقالت: أنا مش هازعل لو اعتذرت، لأني عارفة أن الدور صغير وقلت كده لبابا، فقاطعتها وأخبرتها بالموافقة، فصرخت من الفرحة وقالت: إللي كنت عايزة أقوله لك امبارح إن أنا راهنت بابا على رفضك للدور لصغر مساحته، ولكن بابا العظيم - قال لي: أنا عارف نور كويس هيوافق عشان مشهد واحد!، وفعلًا أكدت لها بعد نظر الأستاذ فريد.


وأنني بالفعل وافقت من أجل مشهد واحد يجمعني مع هذا العملاق وهو الذي اترجاه فيه بشدة لكي يجري لي عملية خطيرة جدًا بنفسه وهو الطبيب الكبير حتى لو كنت سأموت فيها، وهو ما كان يرفضه بشدة من منطلق خوفه على ابنه الوحيد، وقد أبكى هذا المشهد كل من كان بالأستوديو وكل من شاهد الفيلم عند عرضه.

 


وجاءت ناهد لتوقيع العقد معي، فاندهشت من طلبي زيادة أجري عن فيلمي السابق ب 500 جنيهاٍ
وطلبت الرجوع إلى والدها، ولكن لم ينته اليوم حتى أتت ناهد ووقعت معي العقد بالأجر الذي طلبته، وفور أن قمنا بتصوير المشهد المنتظر، جاءت ناهد إلى غرفتي بالأستوديو وبادرتني قائلة: أنا آسفة؟.. فقلت لها: على ايه؟ أجابت: وقت توقيع العقد قلت الأجر ده كتير عليك، ولكن بعد إبداعك في تصوير هذا المشهد الرهيب، باعتذر لك وأقولك تستحق أكثر.
وكان ل ناهد فريد شوقي علامة مميزة في حياتي، فهي منتجة المسلسل الجميل الذي يعشقه الناس، لن أعيش في جلباب أبي.

Advertisements
الجريدة الرسمية