رئيس التحرير
عصام كامل

البرازيل البولسونارية، اليمين المتطرف في مواجهة التيار اليساري

البرازيل، فيتو
البرازيل، فيتو

البرازيل، ستظل ليلة 8 يناير 2023 راسخة في أذهان البرازيليين جراء الهزة العنيفة التي تعرضت لها الديمقراطية في البرازيل، إثر اقتحام غير قانوني من قبل أنصار الرئيس السابق جايير بولسونارو لمؤسسات دستورية في مقدمتها مقر الرئاسة ومبنى البرلمان بالإضافة إلي المحكمة العليا.

                                           

فبعد أن تنفست البرازيل الصعداء بإبعاد الرئيس السابق جايير بولسونارو اليميني المتطرف عن السلطة عبر مراكز الاقتراع، عاد شبح هذا المعسكر السياسي ليطل برأسه من جديد على البرازيليين مع الأحداث التي عاشتها أمس الأحد.

 

وشكلت نتائج الانتخابات الرئاسية بالبرازيل في أكتوبر 2018، والتي حملت وقتها بولسونارو إلى الحكم، انعكاسا جليا لتوسع اليمين المتطرف في أكبر ديمقراطية بأمريكا اللاتينية. وفاز بولسونارو في الانتخابات المذكورة على حساب مرشح اليسار حينها فرناندو حداد.

 

رفض اليمين المتطرف لنتائج الانتخابات البرازيلية

ومع فوزه بالرئاسة، تأكد مجددا دخول اليسار البرازيلي في مرحلة من التوهان السياسي، انطلقت تحديدا بالضربة القاسية التي تلقاها هذا المعسكر بإقالة الرئيسة المحسوبة عليه ديلما روسيف في 2016 بعد أن صوت أكثر من ثلثي أعضاء مجلس الشيوخ على هذه الإقالة، إضافة إلى الزج، بعد ذلك، بلولا، الذي حكم البلاد من 2003 حتى 2010، في السجن بتهمة الفساد خلال عامي 2018 و2019 قبل أن تتم تبرئته.

وفي الوقت الذي كان فيه اليسار البرازيلي يلملم جراحه، برز تغول اليمين المتطرف في البرازيل خاصة مع فوز بولسونارو بالانتخابات الرئاسية، وازدهرت أفكاره التي تدافع عن حمل السلاح ومعاداة المثلية، والتعاطي بقسوة كبيرة مع المعارضة في تعارض كلي مع قيم الاختلاف التي تتشبع بها المفاهيم الديمقراطية.

 

تنديد دولي واسع بأحداث البرازيل

وبحسب «فرانس 24» فأن هذا الإيمان الضيق بالديمقراطية من قبل اليمين المتطرف البرازيلي، أكدته أحداث البرازيل أمس، والتي تابعها العالم بالكثير من الذهول قبل أن تتهاطل برقيات التنديد بالاعتداء على الديمقراطية البرازيلية من عدة عواصم في العالم.

 

وأبدى المعسكر اليميني المتطرف رفضه العنيف لنتائج الانتخابات التي فاز بها لولا، واحتشد آلاف من أنصار بولسونارو أمام مقر القيادة العسكرية في ساو باولو وبرازيليا وريو دي جانيرو، ودعوا لتدخل الجيش، كما قام متظاهرون مؤيدون له بإغلاق الطرق في أكثر من نصف الولايات البرازيلية.

وتحرك أتباع بولسونارو تجاه الثكنات العسكرية، قد يفسر بالعلاقات الهشة التي ربطت اليسار بالجيش عموما في هذا البلد، والذي اتخذ موقفا علنيا ضد لولا في 1918، وتم استقطاب العديد من أسمائه للعمل في حكومة بولسونارو، ما اعتبر حينها نهاية لصمت عسكري دام 25 عاما، لكن الجيش البرازيلي أظهر في الوقت الحالي احترافية، أشاد بها مراقبون، تلتزم بدستور البلاد.

 

ولم يدخل لولا قط في صراع مع المؤسسة العسكرية خلال فترته الرئاسية السابقة، إلا أن خليفته ديلما روسيف أيقظت عداء الجيش لليسار بإطلاقها في 2011 "لجنة وطنية للحقيقة"، لتسليط الضوء على الجرائم التي ارتكبها العسكريين بين 1964 و1985.

 

البولسونارية

وغادر الرئيس البرازيلي السابق جايير بولسونارو بلاده متوجها إلى الولايات المتحدة، قبل يومين من انتهاء ولايته وتنصيب خلفه لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، وفي كلمة على وسائل التواصل الاجتماعي، ودع بولسونارو مناصريه وقال لشبكة "سي إن إن برازيل" "أنا في رحلة جوية، سأعود قريبا".

 

وأضاف الرئيس السابق الذي هزمه لولا بفارق ضئيل من الأصوات في انتخابات أكتوبر: "نخسر معارك لكننا لا نخسر الحرب.. على الأقل أجلنا انهيار البرازيل من هذه الإيديولوجية اليسارية الضارة أربعة أعوام".

وكان لولا واضحا في توجيه تهمة التحريض إلى خصمه المنهزم، حيث قال في مؤتمر صحفي قبل حفل تنصيبه: "لم يعترف بعد بهزيمته، ويواصل تحريض هؤلاء النشطاء الفاشيين على الاحتجاج في الشارع".

 

وعندما يتحدث الرئيس الجديد للبلاد عن الفاشيين فهو يعي ما يقول ويدرك مستوى التطرف العالي الذي وصله أنصار بولسونارو، وأضاف لولا (77 عاما) "يتبع السيناريو نفسه الذي اتبعه جميع الفاشيين في العالم".

 

ووفقا للخبراء فأن الحالة التي تشهدها البرازيل هي انعكاس لبرازيل يمينية متطرفة معينة، والتي تميل أكثر فأكثر للإنجيليين والمحافظين الذين يؤيدون الحق في حمل السلاح.

 

وأشار مراسل صحيفة "لوموند" الفرنسية في البرازيل برونو مييرفيلد، إلي أن البولسونارية هي طريقة لممارسة السياسة بلا حدود في الكلمات.. إنه تحرير للغرائز وتدمير للنظام الديمقراطي البرازيلي".

 

الحركة الإنجيلية الدينية في البرازيل

الجدير بالذكر أن بولسونارو استفاد من الدعم الذي وفرته الحركة الإنجيلية الدينية والسياسية التي تتبنى مواقف متشددة، حيث يؤكد جميع المراقبين أنها اكتسحت المجتمع البرازيلي بشكل كبير، "حيث كانت لا تشكل إلا فئة قليلة من المجتمع البرازيلي، لكن بدأت تتمدد خاصة منذ 2011 حيث وصل عدد منتسبيها إلى ما يقارب 60 مليون شخص بمعنى أن أكثر من 15% من المجتمع البرازيلي يعتقدون بهذه الفكرة الدينية".

 

وعبر الرئيس السابق في أكبر تجمع للإنجيليين في البرازيل في يونيو 2019 عن شكره للحركة لدعمها له، وخاطبها بالقول: "كنتم حاسمين من أجل تغيير مصير هذا الوطن المسمى البرازيل".

وكان بولسونارو أول رئيس يشارك في "مسيرة من أجل المسيح" التي تنظمها الحركة سنويا في ساو باولو.

 

تاريخ البرازيل السياسي

وبحسب «فرانس 24»: "فللتحدث عن اليمين المتطرف، لا بد من الوقوف عند عدة محاور مهمة في التاريخ السياسي البرازيلي، الذي إذا قسمناه نجد الفترة قبل الثمانينيات التي انطلقت من 1964 وهي تؤرخ للحكم العسكري، وما بعد الثمانينيات إلى بدايات الألفين وبالضبط 2003 حينما استلم الرئيس لولا السلطة ثم 2018 عندما وصل بولسونارو إلى الحكم".

وأضافت: "وعند تسلم بولسونارو الحكم طرح أفكارا يمينية متطرفة أهمها ترتبط بالعرق الأبيض"، الذي يترجم موقفا عنصريا تجاه مكونات المجتمع البرازيلي الأخرى بمن فيهم سكان البلد الأصليين.. وهذا الفهم للذات والآخر يمكن القول إنه "جوهر الفكرة اليمينية المتطرفة" لبولسورنارو وأتباعه، والذي تؤيده أيضا حركات نازية وفاشية في البلاد.

 

و"البولسونارية"، تشدد على إعطاء الأولوية للجيش، والتركيز على العامل الديني، والذهاب في سياسة معاكسة لتوجهات اليسار خاصة حزب العمال في توجه إيديولوجي وسياسي شبيه بـ"الترامبية"، لا سيما وأن الرئيس البرازيلي السابق يعتبر ترامب "مثله الأعلى ويلقب بترامب الاستوائي".

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري القسم الثاني , دوري أبطال أوروبا، دوري أبطال أفريقيا، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

الجريدة الرسمية