رئيس التحرير
عصام كامل

حلم الرئيس.. وطوق النجاة

شعرت بسعادة غامرة وأنا أشاهد الرئيس عبد الفتاح  السيسي وهو يفتتح منذ أيام مصنعًا في المنطقة الحرة بمدينة نصر ومجمع مصانع في منطقة أبو رواش، ومن قبل مجمعا للبتروكيماويات وغيرها من مجمعات صناعية.


وهى إشارات ذات معنى، صحيح إن افتتاح المصانع والمنشأت الصناعية يتم بين فترة وأخرى ومنذ تولى الرئيس الرئيس الحكم لكن الافتتاحات الأخيرة لها معانى متعددة ومتجددة:
البداية أن التصنيع لم يغب عن أجندة  الدولة المصرية ورئيسها رغم التحديات العديدة الداخلية والخارجية، ورغم ما قيل ضمن مخططات ومحاولات تشويه خطط التنمية بأن اهتمام الحكومة يقتصر فيها فقط على إنشاء المشروعات العمرانية والطرق والكبارى.


ثانيا: رب ضارة نافعة.. ففي أزمة كورونا والحرب الأوكرانية الروسية وما صاحبهما من آثار سلبية اقتصادية على المستوى العالمى لكنها وضعتنا جميعا أمام أنفسنا وأمام المرآة لندرك بصراحة ووضوح أنه لابد من الاعتماد على الذات في توفير مستلزماتنا المحلية وبأيدينا، سواء كانت منتجات زراعية أو صناعية أو غيرها.

 
رابعا: إن التصدير وزيادته كما يحلم الرئيس إلى مئات المليارات من الدولارات هو وسيلتنا المؤكدة للحصول على العملة الصعبة بعد الاكتفاء المحلى ولن يتحقق ذلك إلا بعد إنشاء حركة تصنيع ضخمة 
ثالثا: إن القطاع العام أو الشركات المملوكة للدولة المصرية هي صمام الأمان وحائط الصد الذى نرتكن إليه -حكومة وشعبا- في الأزمات وفى الرخاء على حد سواء.


والتاريخ محتشد بالنماذج المضيئة التى تعكس دور منشآت القطاع العام وحتى المنشأت التجارية الحكومية في مواجهة الأزمات، بل كانت الوسيلة الفعالة لمواجهة جشع واحتكار البعض. وأيام الشدة لا تضيع من الذاكرة.

فيكفى أن نتذكر على سبيل المثال لا الحصر أن مصانع الحديد والصلب في حلوان كانت لها دور رئيس في بناء السد العالي وحائط الصواريخ.. والنتيجة كسر يد إسرائيل الطولى في حرب الاستنزاف وحرب أكتوبر 1973.. وتم ذلك بعد سنوات قليلة من افتتاحه في 27 يوليو 1958.

وقتها قال الرئيس جمال عبد الناصر "إن إقامة صناعة الحديد والصلب في بلدنا كانت دائمًا الحلم الذي ننظر إليه منذ سنين طويلة، وكنا نعتقد أنه بعيد المنال".


وبدأ المصنع  باستخدام فرنين عاليين صنعا بألمانيا، وقد تمت زيادة السعة الإنتاجية للمجمع باستخدام فرن عال ثالث (صناعة روسية) عام 1973، ولحقه الفرن الرابع بغرض زيادة إنتاج الشركة من الصلب عام 1979، ليضم المجمع بذلك أربعة أفران عالية.


وبعد مرور أربع سنوات فقط على تأسيس المجمع الصناعي الذى  تحول إلى قلعة صناعية على مساحة ثلاثة آلاف فدان، ارتفع إنتاجه من 200 ألف طن إلى 1.2 مليون طن سنويًا، وبدأت النظرة المستقبلية للاقتصاد في التحسن، وأسهمت صناعة الحديد والصلب في تنمية شاملة باعتبارها صناعة مغذية لعدد من الصناعات الأخرى المرتبطة بها في التشييد والبناء والصناعات الثقيلة والخفيفة.

تطوير شركات قطاع الأعمال

ومنذ أيام قالها الرئيس السيسى بوضوح أثناء اجتماعه الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، والمهندس محمود مصطفى وزير قطاع الأعمال العام: لابد من  مواصلة جهود تطوير شركات قطاع الأعمال العام بكافة مكوناته ومتابعة خطة إصلاح وتطوير شركات قطاع الأعمال العام، وحسن إدارة الأصول التابعة لها وتأهيل وتدريب القدرات المهنية والفنية..

وذلك في ضوء أهمية وقيمة قطاع الأعمال العام في المساهمة في عملية التنمية الشاملة، وبما يمتلكه من أصول عديدة ومتنوعة على مستوى الجمهورية تستوجب حسن إدارتها واستثمارها كموارد مملوكة للدولة، بما يعظم المردود الناتج عنها لصالح الاقتصاد الوطني، وكثوابت أساسية لصون المال العام.

وعرض المهندس محمود مصطفى وزير قطاع الأعمال العام المخطط الشامل لإصلاح وتطوير شركات قطاع الأعمال العام، والتي تستهدف التحديث والتنمية المستدامة، على نحو يؤدي إلى تخطي ما به من معوقات، ويطور منظومة إدارته بشكل محوكم، موضحًا أن عملية إعادة هيكلة الشركات تتضمن تأهيل وتدريب الموارد البشرية بما يمكن تلك الشركات من مواكبة التطور الصناعي.

وعمليا إطلع الرئيس في هذا الصدد على جهود تطوير شركات الغزل والنسيج التابعة لقطاع الأعمال العام، لاسيما من حيث تطوير المحالج والتجهيز والتصنيع، فضلًا عن تحديث الآلات والمعدات بالمصانع، وكذلك تطوير عملية زراعة القطن بالتنسيق مع وزارة الزراعة في هذا الإطار. 

كما تابع الرئيس مستجدات تطوير شركة النصر للسيارات، في إطار جهود استغلال أصول الشركة والخبرات الفنية المتنوعة التي تملكها.

ملف الحديد والصلب


واعتقد ان الاهتمام الرئاسي بتطوير القطاع العام كركيزة من ركائز الاقتصاد الوطنى تجعلنى أطالب وزير قطاع الاعمال الجديد بالتراجع عن بيع مصنع الحديد والصلب في حلوان وإعادة تشغيله وتحديثه ليتواكب مع ما يفكر فيه الرئيس في استراتيجية متكاملة للتصنيع. لأن أى صناعة صغرت أو كبرت لابد من اعتمادها على صناعة الحديد والصلب..

 
صناعة السيارات التي يحلم الرئيس السيسى بإعادة توطينها في مصر من خلال شركة النصر للسيارات تعتمد على الحديد والصلب.. مصانع الغزل والنسيج التي يتابع الرئيس السيسى تطويرها تعتمد في تصنيع معداتها وقطع الغيار ومستلزمات التصنيع تحتاج الحديد والصلب وبشكل مستمر.

 
المشروعات الضخمة في الإسكان والتعمير والطرق والكبارى وانشاء المصانع.. تحتاج جميعا الى حديد التسليح وبكميات ضخمة في الإنشاء والبناء ويمكن توفيرها من مصانع الحديد والصلب المملوكة للدولة. 
 

يعنى لابد من  بث قبلة الحياة وإعادة الروح في مصانع الحديد والصلب  في حلوان وأى مصانع أخرى للقطاع العام بقيت من شبح الخصخصة وقبل بيعها أراضى فضاء. وتنفيذ ذلك باختصار يجعل الحكومة تنفذ رؤية الرئيس لنهضة مصر الصناعية ونكون في ذات الوقت ضربنا مليون عصفور بحجر..
 

شغلنا مئات الآلاف في صناعة ضخمة ومستمرة وضمنا تصريف منتجاتنا على السوق المحلى ووفرنا العملة الصعبة اللازمة للاستيراد وأصبح قرارنا في يدنا وليس في يد شركات أجنبية أو ظروف قهرية أو تقلبات ومؤامرات عالمية!

 


باختصار صناعة الحديد والصلب هو ماء الحياة واكسجين التنفس لاى صناعة ولا تقدم بدونها.. وهى صناعة ثقيلة وضخمة لا تقدر عليها إلا الدولة المصرية لأن الهدف كبير هو نهضة مصر الصناعية وأحلام القطاع الخاص هو الربح السريع.
لذلك على وزير قطاع الأعمال أن يصلح أى إجراء تم بشأن تصفية هذه القلعة الصناعية الضخمة حتى تكون الحكومة على نفس القدر من الوعى واليقظة في تنفيذ رؤية الرئيس السيسى لتطوير مصر.
yousrielsaid@yahoo.com

الجريدة الرسمية