رئيس التحرير
عصام كامل

كتيبة مدحت الريس.. شهادات جديدة حول مقبرة الجنود المصريين في القدس

مقبرة الجنود المصريين
مقبرة الجنود المصريين

نشر موقع هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” شهادات جديدة حول قضية مقبرة الجنود المصريين بالقدس المحتلة، عقب الكشف عن جريمة حرب ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي بحقهم بعدما قامت بحرقهم وقتل من عثرت عليه حيًّا بالرصاص ودفن الجميع فى مقبرة مجهولة أقاموا فوقها مزارًا سياحيًّا.

 

والمقبرة وفق الروايات المنشورة تضم رفات نحو 80 جنديًّا مصريًّا قتلوا على يد قوات الاحتلال الإسرائيلية خلال حرب عام 1967، ودفنوا بلا شاهد، أسفل متنزه إسرائيلي.

 

المتنزه الإسرائيلي الذي يطلق عليه “إسرائيل الصغرى” يقع بمستوطنة نحشون بالقرب من اللطرون، غرب مدينة القدس، ومعروفا كحديقة سياحية مقامة على مساحة شاسعة.

 

حرق الجنود أحياء

وأدلى الصحفي الإسرائيلي يوسي ميلمان، بمعلومات جديدة عن هذه المقبرة في تحقيق لهيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، وقال إنه بدأ تقصى الحقيقة قبل منذ سنوات طويلة لكن "الرقابة العسكرية الإسرائيلية منعته من نشر نتائجه في السابق قبل أن توافق هي نفسها على النشر أخيرا".

 

أفاد تحقيق مليمان الذي نوه عنه فى تغريدات على حسابه بموقع التواصل الاجتماعى “تويتر”، بوجود مقبرة جماعية تضم نحو 80 جنديا مصريا تعود إلى حرب عام 1967.

 

وأضاف أن أكثر من 20 جنديا منهم أُحرقوا أحياء، ودفنهم جيش الاحتلال في مقبرة واحدة، لم يتم وضع علامات عليها، في مخالفة لقوانين الحرب.

 

وبحسب التقارير، فقد قتلت قوات إسرائيلية الجنود المصريين، ثم دفنتهم سرًّا في اللطرون التي شهدت معارك بين الجيش الإسرائيلي والجنود المصريين خلال الحرب.

 

تفاصيل الحادث

وقال ميلمان لـ"بي بي سي" إن، "ما نعرفه هو أنه في تلك البقعة من الأرض التي لم تكن مملوكة لأحد في ذلك الحين كانت هناك كتيبتان، الأولى نجحت في الإخلاء شرقا خارج مدى إطلاق النار والقذائف، فكان أفرادها آمنين نسبيا ولم يشتركوا في المعركة. أما الثانية وجدت نفسها في قلب المعركة".

 

ويضيف: "هرب بعض الجنود المصريين، وأُسر البعض. وقاتل البعض الآخر بشجاعة، أطلق الجيش الإسرائيلي قذائف هاون وأضرمت النيران في آلاف الدونمات غير المزروعة من الأدغال البرية في الصيف الجاف".

 

شاهد عيان

زئيف بلوخ كان شاهدًا أيضًا على ما حدث، وشغل منصب قائد القوات الإسرائيلية في منطقة اللطرون خلال حرب 1967، ونقل عنه قوله: إن جرافة إسرائيلية دفنت، في اليوم التالي، الجثث في مقبرة جماعية حفرت للجنود المصريين.

 

وتابع بلوخ، إن المعلومات التي توفرت لديه أشارت إلى أن الجنود المصريين جاءوا فيما بدا في اليوم السابق على الواقعة.

 

وقال إنه تكشف للجنود الإسرائيليين أن هناك جنودًا من المصريين في الوادي، فصوبوا النيران عليهم وتمكن بعضهم من الفرار وحوصر الباقون في المنطقة، التي صارت لاحقا متنزه "إسرائيل الصغرى".

 

ويضيف بلوخ "بقي جزء من الجنود المصريين في المنطقة العازلة وهي منطقة غير ممهدة، بها كثير من العشب والأشواك الجافة، ونتيجة لإطلاق النار والقذائف اشتعلت النار في المنطقة.


واستطرد: حسب تقديري لم ينجح حوالي عشرين جنديًّا مصريًّا وربما أكثر في الفرار من النيران. وبعد أن انطفأت النيران صدرت لنا تعليمات بجمع الأشلاء ودفنها في قبر جماعي".

 

ويؤكد كل من ميلمان وبلوخ أن السبب في كشفهما للقصة "هو تعريف الناس بأن هناك جنودا مدفونين في المكان دون التعريف بهوياتهم أو وضع علامات على قبرهم".

 

الصاعقة المصرية

وبحسب ما ذكره الفريق أول محمد فوزي، وزير الدفاع الأسبق في كتابه "حرب الثلاث سنوات. 1967- 1970"، زار الفريق عبد المنعم رياض، نائب القائد العام للقوات المسلحة المصرية في ذلك الوقت، الأردن في الأول من يونيو لتنسيق هذه المهمة.

 

في تلك الفترة، استدعى النقيب “وقتها” مختار الفار، للانضمام إلى مجموعة قتالية مصرية توجهت إلى الأردن ومنه إلى قواعد في الضفة الغربية.

 

يقول الفار، أحد مؤسسي قوات الصاعقة المصرية وهو الآن لواء متقاعد، لـ"بي بي سي" إن مجموعته ترجلت من الضفة بأسلحة خفيفة إلى مناطق بإسرائيل لمهاجمة المطارات التي تنطلق منها الطائرات الإسرائيلية، تنفيذا للاتفاق المصري والأردني.

 

يضيف الفار، أنه كان قائدا لدورية تضم بين 70 و100 فرد ضمن عدة دوريات اقتربت من عشرة أُرسلت إلى المنطقة حسب الاتفاق.

 

ويروي أن المعركة لم تستمر طويلًا، إذ سرعان ما اكتشف أن المرشدين الذي رافقوا تلك الدوريات من الأردن مرورا ببلدات الضفة الغربية صوب غرب المناطق الإسرائيلية كانوا يجهلون الطرق وليس معهم خرائط أو معلومات عن المسارات الصحيحة وآخر عهدهم بتلك البقاع هو عام 1948.

 

خيانة المرشدين

ويضيف "لقد كانت هناك خيانة من الأدلة (المرشدين). كان مع كل دورية دليلان أو ثلاثة، بيد أنه مع الاقتراب من المناطق المستهدفة فروا جميعا في توقيت واحد بمن فيهم أحد دليلين كانا معي. وقبضت على الآخر".

 

ويردف الفار: "بعد دخولنا الأراضي المحتلة تاهت منا المهام التي جئنا من أجلها وكانت جميع الاشتباكات عشوائية، جرت اشتباكات لغرض الإغارة والحصول على مؤنة الخصم للبقاء على قيد الحياة".

 

بخصوص ما يتذكره عما يُروى عن مقبرة جماعية في اللطرون، قال: "علمت في يوم 17 يونيو من الجنود الناجين من دورية كان يقودها ضابط يسمى مدحت الريس أنه جرى معه اشتباك في يوم 6 يونيو مع ما يزيد على 100 مدرعة 100 دبابة كانت متجهة إلى احتلال الضفة الغربية.

 

ليست هناك جهة يمكن التحقق منها مما إذا كانت هذه الدورية إحدى المجموعتين اللتين أشير إليهما في التقارير الإسرائيلية في اللطرون. لكن كل ما يتردد يشير إلى أن بعض جنودها قتلوا ودفنوا في المنطقة.

 

ويضيف: “حدث اشتباك مع دورية ”دورية الريس" فأصيب منها 30 فردا هم ثلث القوة، بينما تمكن القائد من الفرار بالباقين وتنفيذ إغارات حتى عودتهم في 17 يونيو إلينا في القاعدة في قليقلة... أما المصابون فحاصرتهم الدبابات وقتلوا".

 

اشتباكات متفرقة

وعن تقارير المقبرة الجماعية، رجح الفار أن تكون الجثامين الثمانين المذكورة "قتلى اشتباكات متفرقة"، مشيرا إلى أن قصة حرق الجنود" جديدة بالنسبة له كسلوك إسرائيلي"، لكنه "اعتاد من القوات الإسرائيلية في مناسبات سابقة القتل والدفن أحياء لخصومهم، خصوصا إذا كانوا كبدوهم خسائر بشرية".

 

وأشار الفار إلى عودته وجنوده إلى مصر بخسائر بسيطة بعد نداء وجهه عبر الإذاعة بضرورة عودة مجموعته إثر الخسائر التي تكبدتها الجبهات المختلفة في تلك الأيام.".

 

وعد إسرائيلي

ووعد وزير الدفاع الإسرائيلي، بيني جانتس بعمل أجهزة الأمن على العثور على المقبرة.


وجاء «الوعد الإسرائيلي» بعد تقارير نشرتها صحف إسرائيلية خلال الأيام الماضية، بشأن وجود «مقبرة جماعية غير مميزة لـ80 جنديًّا مصريًّا» قرب القدس، وعقب اتصال الرئيس عبد الفتاح السيسي، ورئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد، تم خلاله التوافق بشأن إجراء تل أبيب لـ«تحقيق كامل وشفاف» بشأن الموضوع، على أن «يتم التواصل والتنسيق مع السلطات المصرية بشأن مستجدات الأمر بغية الوصول إلى الحقيقة».

 

وبحسب ما أعلن جانتس في تغريدات أنه، في ضوء الحديث حول العثور على قبور الجنود المصريين الذي حاربوا فى يونيو 1967 الذي أثير مؤخرًا، وعدت بأن تعمل أجهزة الأمن على العثور عليها والنظر في الموضوع».

 

ونشرت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية روايات شهود تشير إلى وجود مقبرة غير مميزة قرب اللطرون، وهي منطقة بين القدس وتل أبيب تضم جثث جنود الصاعقة المصريين الذين قتلوا خلال حرب عام 1967.

الجريدة الرسمية