رئيس التحرير
عصام كامل

ارتفاع أسعار النفط يمنح إيران الوقت في المحادثات النووية

النفط
النفط

قال ثلاثة مسؤولين على دراية بالفكر في دوائر الحكم في إيران، إن الحكام ليسوا في عجلة من أمرهم الآن لإحياء الاتفاق النووي مع القوى العالمية من أجل تخفيف العقوبات على اقتصاد البلاد المعتمد على الطاقة، وذلك بعد أن ارتفعت أسعار النفط منذ أن غزت روسيا أوكرانيا.

وكانت إيران قد دخلت العام الماضي في محادثات ”غير مباشرة“ مع الولايات المتحدة كسبيل لإنهاء العقوبات الأمريكية التي خفضت الإيرادات بشدة وزادت بقوة من الصعوبات الاقتصادية على المواطن العادي مما أثار حالة من الاستياء العام.

لكن المحادثات متوقفة منذ مارس الماضي لأسباب أهمها إصرار إيران على أن ترفع واشنطن الحرس الثوري الإيراني عن قائمتها للمنظمات الإرهابية في الخارج. 

وعلى الرغم من أن إحياء الاتفاق النووي مازال الهدف الأساسي، قال المسؤولون الإيرانيون إن ارتفاع أسعار النفط أكسب الاقتصاد الإيراني فسحة من الوقت لالتقاط الأنفاس، ربما لأشهر، بزيادة العائدات.

وقال مسؤول إيراني بارز طلب عدم الكشف عن هويته لأنه غير مصرح له بالتحدث عن قضايا سياسية حساسة مع الإعلام لـ“رويترز“: ”برنامجنا النووي يتقدم كما هو مخطط له والوقت في صالحنا“، وتابع ”إذا فشلت المحادثات لن تكون هذه نهاية العالم“، مضيفا أن ”الاقتصاد الإيراني لا يعتمد بقوة الآن على إحياء الاتفاق مما يعطي ورقة ضغط قوية للمفاوضين عند استئناف المفاوضات“.

ولم ترد بعد وزارة الخارجية الإيرانية، التي تباشر المحادثات النووية، على طلب التعليق.

ووقعت إيران تحت ضغوط مالية شديدة في عام 2018 عندما تخلى الرئيس الأمريكي في ذلك الوقت دونالد ترامب عن الاتفاق النووي المبرم معها والذي أقره سلفه باراك أوباما، وأعاد فرض عقوبات خفضت بشدة العائدات النفطية التي تمول أجهزة الدولة.

وانخفضت صادرات النفط من إيران التي تحوي أراضيها رابع أكبر احتياطيات عالمية من الخام، وتراجعت من ذروتها البالغة 2.8 مليون برميل يوميا لتصل إلى 200 ألف برميل في اليوم.

وبعد مرور عام، ردت إيران بانتهاك تدريجي لقيود الاتفاق وعادت لتكوين مخزونات من اليورانيوم المخصب وتنقيته بدرجة أعلى وتركيب أجهزة طرد مركزي متطورة لتسريع الإنتاج، ما قلل الوقت الذي يتطلبه تطوير قنبلة نووية إذا ما قررت ذلك. وتقول طهران إنها تسعى لتطوير قدراتها النووية لأغراض سلمية فحسب.

ولا تكشف إيران عن أرقام محددة تتعلق بصادراتها النفطية، لكن مسؤولا إيرانيا بقطاع النفط قال إنها تصدر حاليا نحو 1.5 مليون برميل يوميا أغلبها يذهب إلى الصين بخصم كبير رفضت السلطات الإيرانية الإفصاح عنه.

ومازالت أسعار النفط العالمية مرتفعة إذ وصل سعر خام برنت إلى 139 دولارا للبرميل في مارس آذار، وهو أعلى مستوياته منذ 2008، بعد أن فاقم غزو روسيا لأوكرانيا المخاوف المتعلقة بنقص الإمدادات.  

وذكرت وسائل إعلام إيرانية رسمية في مارس، أن البرلمان رفع تقديره للحد الأقصى لصادرات النفط والمكثفات في الموازنة العامة من 1.2 مليون برميل يوميا بسعر 60 دولارا للبرميل إلى 1.5 مليون برميل يوميا بسعر 70 دولارا للبرميل.

ارتفاع العائدات

وأثار رفض إيران التنازل عن مطلب إلغاء تصنيف الحرس الثوري منظمة إرهابية الشكوك في ما إذا كان يمكن تخطي العقبة التي تعترض سبيل المفاوضات النووية. وأوضحت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن أنها ليست لديها خطط للقيام بذلك وإن كانت لم تستبعد الفكرة تماما.

وأبدت السلطات الإيرانية عدم اكتراث بالضغوط الأمريكية، وقالت إن طهران باتت ضليعة في الالتفاف حول العقوبات التي أصبحت نمط حياة منذ عقود.

وقال جهاد أزعور مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي، إن ”الاقتصاد الإيراني تكيف مع العقوبات في السنوات القليلة الماضية“.

وأضاف لرويترز ”ارتفاع أسعار النفط وزيادة إنتاج إيران النفطي أسهما في زيادة العائدات“.

لكن هنري روم، محلل شؤون إيران في مجموعة أوراسيا الاستشارية، قال إن طهران ”تقلل من شأن أثر تخفيف العقوبات وتبالغ في تقدير قدرتها على التحمل على المدى الأطول“، وتابع: ”حكام إيران يأخذون في الاعتبار على الأرجح أداء الاقتصاد المحلي الأقوى ومحدودية قدرة الولايات المتحدة على تطبيق العقوبات النفطية وتشتت انتباه أوروبا بسبب الحرب في أوكرانيا كأسباب لعدم التعجل للتوصل لاتفاق“.

وأضاف: ”لكنهم مستعدون لقبول اتفاق بالثمن المناسب“.

وعلى الرغم من الزيادة الأخيرة في الإيرادات مازال للعقوبات تأثير كبير على الحياة اليومية في إيران ما يعني أن الجميع، بدءا من أباطرة قطاع الأعمال حتى الأسر الأقل دخلا، يواجهون ارتفاعا في معدلات التضخم وتراجعا في قيمة العملة وزيادة في معدلات البطالة.

لذلك قد يشعر الحكام بالقلق من أن تعتمل مشاعر الاستياء في الداخل، وفقا لما قاله مسؤول سابق في الحكومة الإيرانية.

وهم يفضلون في نهاية المطاف رفع العقوبات خوفا من عودة الاضطرابات بين محدودي الدخل الذين أعادت احتجاجاتهم المتكررة في السنوات الأخيرة لأذهان القيادات ما قد يواجهونه من خطر بسبب استياء العامة نتيجة الصعوبات الاقتصادية.

وأضاف المسؤول الحكومي السابق، أن الشعور بمزايا ارتفاع عائدات النفط ليس محسوسا بعد بين كثير من الناس.

الجريدة الرسمية