رئيس التحرير
عصام كامل

المحكمة التأديبية:

حيثيات إلغاء قرار رئيس جهاز المحاسبات بمجازاة مدير عام بالوظائف الفنية

جهاز المحاسبات
جهاز المحاسبات

قضت المحكمة التأديبية بمجلس الدولة بقبول الطعن رقم 110 لسنة 55 قضائية شكلًا وفي الموضوع بإلغاء قرار رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات رقم (872) لسنة 2021 فيما تضمنه من مجازاة أحمد حسين سليمان، المدير العام بمجموعة الوظائف الفنية الرقابية العليا بإدارة مراقبة حسابات المرافق بعقوبة التنبيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت الجهاز المصروفات بعد ثبوت صدور القرار على غير سبب صحيح من واقع أو قانون.     


وقالت المحكمة عبر أسباب حكمها أن الطاعن أسندت إليه أعمال مراجعة المشروعات بحساب الالتزامات المزمع رفعها بحساب رأس المال بشركة مياه الشرب والصرف الصحي بسوهاج والمدرج ببرنامج المراجعة عن شهر يناير 2017 وتم إنجازه في نفس الشهر طبقا لما ورد ببرنامج شهر فبراير 2017، وجاء دفتر وارد الإدارة محل عمله خلوا مما يفيد تسليمه تقريرا عن تلك الأعمال التي اضطلع بها.


وبسؤاله عما نسب إليه في هذا الشأن أفاد بأنه قد سبق له تقديم التقرير التفصيلي عن القوائم المالية لتلك الشركة في 30/6/2016 متضمنا التقرير المتعلق بمراجعة المشروعات بحساب الالتزامات المزمع رفعها بحساب رأس مال الشركة والمقدم للإدارة برقم (594) بتاريخ 24/10/2016، وبناء عليه قامت الشركة بتعديل ما تضمنته ملاحظاته الفنية بما يتسق معها ويرفع عنها أسباب إبداء تلك الملاحظات، فرأى عدم جدوى تكرار إيداع تقرير جديد بالملاحظات طالما لم يعد لها وجود بعد تداركها من قِبل الشركة، وهو ذات ما قرره رئيسه المباشر.
 

مراقبة الجودة 

وأشارت مذكرة الإدارة المركزية للشئون القانونية بأنه قُدِّم إليها التقرير التفصيلي متضمنا بالفعل بالبند العاشر منه الالتزامات طويلة الأجل المزمع رفعها إلى رأس المال. وقد أفادت الإدارة المركزية للتفتيش الفني ومراقبة الجودة بعدم صحة ما ورد بأقوال الطاعن وما ساندها من أقوال رئيسه المباشر سالف الذكر، على سند من أن الطاعن قام بإعداد ثلاثة تقارير سلفا (تفصيلي مبلغ في 24/10/2016، ومراقب حسابات مبلغ في 28/12/2016، ومراقب حسابات معدل مبلغ في 13/2/2017) وأدرج فيها أن رصيد حساب التزامات الشركة المذكورة يقدر بمبلغ مقداره (439.519 مليون جنيه) في حين أن صحة هذا الرقم وفقا لما جاء بالقوائم المالية المعدلة الأولى والثانية للشركة هو مبلغ (401.938 مليون جنيه) ولم يقم بتعديل الملاحظة طبقا للأرصدة بعد التعديل


كما أنه سبق للطاعن تقديم تقرير متحفظ عن ذات الحساب الخاص بالشركة في العام السابق عن القوائم المالية رغم قيامه بمراجعة القوائم المالية للعام ذاته، وأفادت تلك الإدارة بأنه لا ينال من رأيها حفظ إدارة مراقبة حسابات المرافق ذلك التقرير وعدم إبلاغه للشركة المذكورة.


ملاحظات فنية

وأكدت المحكمة على أنه بتمحيصها أوراق الطعن وما ورد بالتحقيقات، فقد رسخ في يقينها أن الأمر محل المخالفة المنسوبة للطاعن قد اختلطا فيه الجانبين الفني والإداري، ولم تتبين بالأوراق أي ملاحظات فنية مبداة في شأن أعمال الطاعن على المستوى الرقابي أو المحاسبي، ولم يتناول الجهاز المطعون ضده في حقه خروجا على القواعد الفنية المقررة


وأما ما تعلق بالجانب الإداري فإن أقوال الطاعن وما ساندها من أقوال رئيسه المباشر قد أفادت بأنه أدى ما وكل إليه من أعمال، إذ أعد التقرير التفصيلي الواجب إعداده بشأن ما تبدى له من ملاحظات فنية، وأودعه لدى الإدارة محل عمله برقم (594) بتاريخ 24/10/2016 توطئة لإبلاغ الشركة المذكورة بملاحظاته


وإذ انعقدت الجمعية العمومية للشركة وتبين تلافيها تلك الملاحظات حسبما تراءى للطاعن دون أخطاء أو تحريف فقد آثر عدم إعداد تقرير جديد إذ لا ملاحظات مستجدة يبديها، ولا ينال من ذلك أن الشركة المذكورة قد قامت بتعديل الأرصدة آنفة البيان بعد إيداعه التقرير التفصيلي المذكور، ذلك أنه أمر يتعلق بأعمال الشركة ذاتها دون ارتباط بما سلف وأبداه الطاعن من ملاحظات ولا تخل بمقتضى هذه الملاحظات بحال أو آخر على نحو يبرر له من وجهة نظره الفنية إعادة التقرير بتحفظات جديدة


القوائم المالية

وأن مذكرة الإدارة المركزية للتفتيش الفني ومراقبة الجودة في معرض الرد على ما دفع به الطاعن بأقواله أفادت بأنه بعد إعداده تقريرا متحفظا عن مراجعة القوائم المالية للعام السابق، فقد أودعه الإدارة محل عمله إلا أنه تم حفظه ولم تُبلغ به الشركة المذكورة، وهو رد وإن كان قد أشار إلى اختلاف منهج الطاعن حول تقريريه، إلا أنه يفيد في الحين ذاته بأن الطاعن لم يجد في رأيه مبررا لإيداع تقرير جديد سيؤول إلى الحفظ كما حدث بشأن تقريره عن أعماله في 30/6/2015 طالما لم يتضمن جديد
 

وفي كل الأحوال فإن ما سلف بيانه إنما ينضح بأنه لم يُنسب للطاعن مخالفة قواعد أو تعليمات آمرة واضحة لا لبس فيها أو تأويل لفحواها، فكان مَرَد الأمر لتقديره الشخصي بناء على واقعة سابقة بما لا يمس الأمور الفنية القطعية، ففضلا عما هو معلوم بالضرورة من أن إبداء الرأي أو الأخذ به في مسألة خلافية سواء أصاب الحقيقة أم أخفقها لا يستوجب المساءلة التأديبية، ما مادام كان هذا الرأي على قدر اجتهاد صاحبه، وبعد عرضه الوقائع بحالتها الحقيقية بدقة ووضوح، عن غير هوى أو غرض


وإذ ثبت للمحكمة أنه يُعَد مجافاة للواقع القول بخروج الطاعن على مقتضى واجبه الوظيفي بشأن أعماله الفنية فيما تعلق بإبداء الملاحظات والتحفظات على الشأن المالي محل الرقابة بالشركة المذكورة، وإزاء عدم دحض الأسباب التي ساقها الطاعن تبريرا لنهجه، فقد قام القرار المطعون فيه على غير سبب صحيح من واقع أو قانون، خليق بالإلغاء، وهو ما تقضي به المحكمة، ولهذه الأسباب أصدرت المحكمة حكمها المتقدم

الجريدة الرسمية